لماذا أسقط المجلس الدستوري الفرنسي قانون الهجرة؟ / صورة: Reuters (Yara Nardi/Reuters)
تابعنا

بعد انتظاره طويلاً، صدر حكم المجلس الدستوري الفرنسي بخصوص قانون الهجرة، يوم الخميس، الذي أنصف المحتجين ضده على مر الأسابيع الماضية، ووجه صفعة لماكرون وحكومته وحلفائهم في اليمين المتطرف، بإسقاط عدد كبير من البنود التي تضمنها ذلك القانون.

وشهدت الأسابيع الأخيرة احتجاجات واسعة ضد قانون الهجرة، بعد أن دعا لها عدد من الشخصيات العامة، الذين وصفوا القانون بالعنصري ويمثل إذعاناً لمشروع اليمين المتطرف، ذلك بالتضييق على المهاجرين والإجهاز على مكتسباتهم الحقوقية والاجتماعية.

لماذا أسقط المجلس الدستوري الفرنسي قانون الهجرة؟

وفي القرار الذي أصدروه، يوم الخميس، اعتبر قضاة المجلس الدستوري الفرنسي، أن 35 من أصل 86 بنداً من قانون الهجرة ملغية من الناحية الدستورية. وهو ما يعد 40% من مجموع بنود النص التشريعي الذي اعتمدته حكومة ماكرون منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقال حكم المجلس إن 32 من أصل 86 بنداً من القانون ملغية لأنها لا ترتبط بموضوعه، ما يسمح بإمكانية عودتها في إطار تشريعات جديدة. كما أُلغيت ثلاثة بنود أخرى نظراً لكون جوهرها يتعارض مع دستور البلاد.

وشمل الإلغاء البنود التي فرضها اليمين واليمين المتطرف كشروط من أجل التصويت لمصلحة النص في البرلمان، وهي التي كانت تثير الجدل الكبير. ومن جملتها تلك المتعلقة بمنع المساعدات الاجتماعية عن المهاجرين، وتشديد إجراءات التجمع العائلي.

وأسقط الحكم أيضاً البنود المتعلقة بتشديد شروط إصدار تصريح الإقامة بسبب الحالة الصحية لمقدم الطلب الأجنبي. كما البنود التي تفرض على الطلاب الأجانب الأداء بمبلغ كضمان لعودتهم إلى بلدانهم، كشرط لإصدار تصريح الإقامة الدراسية.

بالمقابل، جرى الاحتفاظ بالإجراءات المتعلقة بـ"أمر مغادرة التراب الفرنسي"، التي اتسعت لتشمل حتى المهاجرين الذين وصلوا فرنسا قبل سن الـ13. كما تلك التي تشمل توسيع إجراءات منح الإقامة لتشمل فرض التوقيع على "عقد التزام احترام مبادئ الجمهورية".

وأُبقي البند الذي يشرع تسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين الذين يعملون في المهن التي تعانيها فرنسا على وجه الخصوص. وأيضاً البند الذي يعتبر الإقامة غير الشرعية "جريمة جنائية"، يُعاقَب مرتكبُها بغرامة مقدارها 3750 يورو مع المنع من دخول البلاد لمدة ثلاث سنوات.

قانون مثير للجدل

ومنذ أن اعتمدته الحكومة، في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لقي قانون الهجرة معارضة شعبية واسعة وانتقادات من عدد من الشخصيات العامة والمنظمات المدنية.

وفي 7 يناير/كانون الثاني الجاري، أطلقت 201 شخصية عامة فرنسية، بينهم سياسيون ومثقفون وفنانون، نداءً للوقوف في وجه هذا القانون. معتبرين أن القانون "كُتب بإملاء من مروّجي الكراهية" وهو "ينسف أركان ميثاقنا الجمهوري الموروث ويهاجم الحقوق الأساسية التي أعلنها الدستور"، ومن خلال ذلك "فإننا جميعاً، فرنسيون وأجانب، نجد أنفسنا مهددين".

وشهد يوم الأحد تنظيم نحو 160 مسيرة على التراب الفرنسي، شارك فيها ما يزيد على 150 ألف معارض لقانون الهجرة، حسب الهيئات التي شاركت في الاحتجاجات، والتي من بينها نقابات عمالية وتنظيمات طلابية وأحزاب سياسية وجمعيات الدفاع عن حقوق المهاجرين.

ورفع المحتجون شعارات طالبوا فيها بسحب القانون، معتبرين إياه "انتصاراً لآيديولوجية اليمين المتطرف"، وأن حكومة ماكرون أذعنت لهذه الآيديولوجيا. وقالت مانون أودري، النائبة الأوروبية عن حركة "فرنسا الأبية"، التي شاركت في الاحتجاج بباريس: "إنه القانون الأكثر عنصرية والأكثر معاداة للمهاجرين في بلادنا منذ عقود"، حسب ما ذكرت صحيفة "ليبيراسيون".

ونقلت الصحيفة الفرنسية ذاتها، عن أحد المحتجّين، قوله: "أنا مذهول، أشعر بالعار لكوني فرنسيّاً في هذه اللحظة (...) أصبح الأمر يأخذ منعطفاً سيئاً. نحن نعيش في أوقات مظلمة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً