الأراضي التي استولت عليها الولايات المتحدة بموجب صفقة جادسدن تعرف حالياً بجنوب ولاية أريزونا وجنوب غرب نيو مكسيكو (Getty Images)
تابعنا

تمكنت الولايات المتحدة منذ نشأتها، من مضاعفة مساحتها عدة مرات، سواء عن طريق الحروب أو الاتفاقيات والصفقات، ويوافق 30 ديسمبر/كانون الثاني ذكرى توقيع صفقة حصلت بموجبها الولايات المتحدة على أراض بحجم الدنمارك مقابل 10 ملايين دولار فقط.

جيمس جادسدن، هو مهندس الصفقة التي حصلت بموجبها أمريكا على نحو 30 ألف ميل مربع من أراضي منطقة ما يعرف في الوقت الحالي بجنوب ولاية أريزونا وجنوب غرب نيو مكسيكو عن طريق معاهدة وُقعت مع المكسيك مقابل مبلغ مالي في 30 ديسمبر/كانون الأول عام 1853.

كيف بدأت القصة؟

أنهت معاهدة غوادالوبي هيدالغو الحرب المكسيكية الأمريكية في عام 1848. وبينما أصبح جزء كبير من أريزونا أرضاً للولايات المتحدة، كانت المنطقة الواقعة جنوب نهر جيلا، على طول الطريق من يوما إلى حدود نيومكسيكو بما في ذلك توكسون، محل نزاع.

لكن هذا المعاهدة تركت الحدود، التي لم تُمسح بدقة واستندت إلى خرائط سطحية، غامضة إلى حد ما، مع الأراضي المتنازع عليها في وادي ميسيلا الخصب غرب إل باسو، وجبال سانتا ريتا جنوب توكسون، وعاشت الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك على وقع خلاف حدودي حول منطقة وادي ميسيلا إذ اعتبر كلا الطرفين هذه الأراضي ملكاً له.

بالإضافة إلى ذلك، ومع تطور عصر السكك الحديدية، وضعت الولايات المتحدة عينها على طريق جنوبي لخط سكة حديد عابر للقارات، وسعت لإنجاز مشروع سكة حديد لربط المناطق المطلة على المحيط الأطلسي بالمناطق المطلة على المحيط الهادئ، لتعزيز الفرص التجارية.

لكن تضاريس الجزء الجنوبي من الحدود الأصلية للولايات المتحدة كانت جبلية ولا تسمح بشق الطرق مباشرة، ومن أجل إنجاح هذا المشروع كان من الضروري أن يمر خط السكة الحديدية فوق الأراضي المكسيكية.

لكن إثر التوتر مع الولايات المتحدة طردت المكسيك عام 1853 المواطنين الأمريكيين المقيمين عند وادي ميسيلا وأرسلت جيوشها للمنطقة، ليتلاشى الأمل بالحصول على تلك الأراضي.

دبلوماسية المال

حينها، عينت إدارة الرئيس الأمريكي فرانكلين بيرس مبعوثاً خاصاً إلى المكسيك يدعى جيمس جادسدن وأرسلته بخمسة عروض لتقديمها إلى الرئيس المكسيكي، والتي من شأنها الحصول على أراضٍ للسكك الحديدية.

كانت تعليمات الإدارة الأمريكية تقضي بمناقشة اتفاقية الحصول على مناطق واسعة من شمال المكسيك مقابل مبلغ 50 مليون دولار، أو الحصول على اتفاقية تضمن تخلي الجانب المكسيكي عن قطعة أرض تسمح بمرور خط السكة الحديدية مقابل مبلغ لا يتعدى 15 مليون دولار.

رفض الرئيس المكسيكي حينها سانتا آنا التخلي عن مناطق واسعة من شمال المكسيك، لكنه كان في حاجة للمال من أجل سداد أجور جنوده الذين هددوا بإسقاط حكمه. ولهذا السبب وقّع أواخر ديسمبر/كانون الأول عام 1853على اتفاق مبدئي يقضي ببيع بعض المساحات من شمال البلاد مقابل 15 مليون دولار.

المساحة التي تضمنتها صفقة جادسدن بين المكسيك والولايات المتحدة (إعلام أمريكي)

لكن الكونغرس الأمريكي أقدم على تنقيح الاتفاق في 25 أبريل/نيسان عام 1854، إذ وافقت الولايات المتحدة إثر ذلك على دفع مبلغ 10 ملايين دولار، مقابل حصولها على أراض بشمال المكسيك تبلغ مساحتها نحو 30 ألف ميل مربع.

وعقب توقيعها من الرئيس الأمريكي فرانكلن بيرس نقل السفير جادسدن الاتفاقية إلى الرئيس المكسيكي سانتا آنا، الذي أقدم على توقيعها في الثامن من يونيو/حزيران عام 1854، وإثر ذلك حصلت الولايات المتحدة الأمريكية مقابل مبلغ مالي زهيد على أراضٍ جديدة تقارب مساحة الدنمارك.

ليست الأكبر

جدير بالذكر، أن هذه الاتفاقية ليست الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، ففي عام 1803، وأثناء فترة حكم الرئيس الثالث في تاريخ أمريكا، توماس جيفرسون، حصل الأمريكيون على منطقة لويزيانا الفرنسية، التي قدرت مساحتها بنحو 828 ألف ميل مربع من خلال اتفاقية مع الجانب الفرنسي مقابل مبلغ 15 مليون دولار.

وأبرمت الولايات المتحدة كذلك اتفاقيات للاستيلاء على أراض مع الإسبان والبريطانيين والروس بمبالغ تراوحت بين خمسة إلى عشرة ملايين دولار.

TRT عربي - وكالات