ينتشر في الولايات المتحدة ما يزيد على 20 ألف بندقية شبح. (Others)
تابعنا

تعيش الولايات المتحدة الأمريكية على وقع فاجعة جديدة تقف خلفها فوضى السلاح بالبلاد، إثر حادثة إطلاق نار عشوائي داخل محطة مترو بمنطقة سانسيت بارك في حي بروكلين بنيويورك، نحو الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم الثلاثاء.

وقالت مفوضة الإطفاء في مدينة نيويورك لورا كافانا، إن حصيلة الحادثة بلغت عشرة جرحى يعانون إصابات بأعيرة نارية، وخمسة آخرين حالتهم حرجة ولكنها مستقرة، وهم يتلقون العلاج في المستشفيات المحلية. وتضاربت الأقوال حول وجود عبوات ناسفة، إذ صرَّح متحدث باسم الدفاع المدني لوكالة فرانس برس بأنه عُثر على "عبوات ناسفة لم تنفجر"، غير أن تغريدة للشرطة نفت ذلك.

تعيد هذه الحادثة إلى الأذهان مسألة انتشار السلاح الواسع والعشوائي بالولايات المتحدة الأمريكية، الذي لا يزال نزيف الجرائم التي تُرتكب باستخدامه مستمراً، مسائلاً تعهُّدات الرئيس الحالي بالسيطرة على هذا السلاح، ومدى نجاعة سياساته في تحقيق ذلك.

حرب بايدن على السلاح

تأتي هذه الحادثة قبل أيام قليلة من إعلان الرئيس جو بايد حزمة إجراءات جديدة لتقييد انتشار الأسلحة، وفاءً بتعهداته خلال حملته الانتخابية ضد الرئيس السابق دونالد ترامب الداعم للسوق الداخلية للأسلحة.

وقال البيت الأبيض في بيان له إن قرار الرئيس هو وضع مرسوم نهائي لمكافحة الأسلحة "الشبح"، وهي التي تُنتَج يدوياً عن طريق طابعات ثلاثية الأبعاد وتفتقر إلى أي رقم تسلسلي لمراقبتها. وحسب ذات المصدر فقد أُبلغَ عما يزيد على 20 ألف بندقية من هذا النوع.

ويهمّ هذا المرسوم بحظر نماذج تصنيع أسلحة "الأشباح" التي يمكن الوصول إليها بسهولة عبر الإنترنت، واعتبارها أسلحة نارية من قبل تركيبها، وإلزام الشركات المصنعة لهذه النماذج إرفاق أرقام تسلسلية بها يمكن تتبع منتجاتها من خلالها بموجب قانون تتبع الأسلحة.

وفي فبراير/شباط الماضي أطلقت وزارة العدل الأمريكية "المبادرة الوطنية للقضاء على الأسلحة الأشباح"، فدرّبت عدداً من المدّعين العامين وعمّمَت أداة التحقيق والمقاضاة، للمساعدة على متابعة أولئك الذين يستخدمون البنادق الأشباح لارتكاب جرائم. وقال بايدن في هذا الصدد إن هؤلاء "سيواجهون اتهامات فيدرالية ومحاكمات فيدرالية".

وقال موقع "أكسيوس" الأمريكي نقلاً عن مصدر مطلع، إن الرئيس بايدن سيرشح ديفيد شيبمان، أحد المدافعين البارزين عن مراقبة الأسلحة، لقيادة مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، التابع لوزارة العدل، الوكالة التي لم يكن لها مدير دائم منذ عام 2015، والتي يُنظَر إليها على أنها قوة داخل الحكومة لمكافحة عنف السلاح.

ودعا الرئيس بايدن في قانون ميزانية 2023، الكونغرس إلى تقديم التمويل اللازم لتنفيذ استراتيجيته الشاملة للحد من جرائم الأسلحة النارية، إذ ستمول هذه الموارد الإضافية أعمال قوات الشرطة في مكافحة انتشار السلاح، بما في ذلك عن طريق وضع مزيد من ضباط الشرطة في حالة تأهب، وتنفيذ استثمارات أساسية في منع الجريمة والتدخل في العنف المجتمعي.

مطبات في طريق بايدن

وفي خضم حربه السياسية على انتشار السلاح، أمر البيت الأبيض في مارس/آذار 2021 مجلس الشيوخ بتشريع قانون يشدّد إجراءات تجارة السلاح، هذا القانون الذي يصطدم بعقبة سياسية حقيقية، إذ يحتاج أي إجراء لتقنين الأسلحة إلى 10 أصوات من الجمهوريين في مجلس الشيوخ لتمريره، وهذا يظلّ ممتنعاً لتشبُّث اليمين المحافظ بتلك التجارة.

ويعارض الجمهوريون مشاريع القوانين الهادفة إلى تشديد إجراءات بيع السلاح لأنهم يرون أنها "تحدّ حرية الأمريكيين في امتلاك الأسلحة"، ولعلاقاتهم الوثيقة بجماعات الضغط التي تعمل لصالح شركات السلاح، خصوصاً الأموال الطائلة التي تمنحها هذه الجماعات لأعضاء الحزب المحافظ.

على رأسها "الجمعية الوطنية للأسلحة النارية"، التي تلعب دوراً كبيراً في عرقلة أي قانون لتشديد إجراءات تجارة الأسلحة، وترى في مشروع القانون ذاك "إجراء غير دستوري لا يليق بالولايات المتحدة الأمريكية وتعارضه بشراسة".

مع استمرار هذا الشدّ والجذب حول قضية الأسلحة، تتزايد سنةً تلو أخرى حوادث إطلاق النار العشوائي واستهداف المدنيين، إذ سجّلت البلاد أكثر من 600 إطلاق نار خلال 2020 وحدها، مقارنة بـ419 خلال 2019، وأدى 25 من هذه الحوادث إلى قتل جماعي. وحسب إحصائيات مؤسسة "إفري تاون للأبحاث"، فخلال الـ12 سنة الماضية راح أكثر من 1280 أمريكياً ضحية لحوادث إطلاق نار عشوائي، كان ربعهم أطفالاً، مقابل 973 جريحاً.

TRT عربي