رمضان في أمريكا (Others)
تابعنا

يأتي شهر رمضان للعام التالي، في ظل توترات عامة يعيشها العرب والمسلمون في العالم. ويزيد من صعوبة الأمر الإقامة في بلاد المهجر، حيث يفتقد المهاجرون الأجواء الرمضانية في بلادهم.

في أمريكا، وبعد انتشار مراكز تلقي اللقاحات المضادة لكورونا، يجتهد العرب والمسلمون لإعادة بعض من أجواء البلاد الأصلية، بعد توقفها تماماً العام الماضي في ظل تفشي وباء كورونا.

فكيف يستقبل العرب والمسلمون شهر رمضان هذا العام؟

عودة "التراويح"

تعد فيرجينيا ثاني أكبر ولاية أمريكية تضم مسلمين بنسبة 2663 لكل 100 ألف نسمة.

ويقع المسجد الرئيسي في منطقة "فولز تشيرش" التي تمثل أكبر معقل للمسلمين في فيرجينيا، وعلى عكس العام الماضي فتح المسجد أبوابه أمام المصلين بعد عودة صلاة التراويح التي توقفت رمضان الماضي.

يؤكد الشيخ "شاكر" إمام مسجد "دار الهجرة" أن الوضع الآمن مع انتشار اللقاح المضاد لكورونا هو ما ساهم في إعادة فتح المساجد وإقامة صلاة التراويح بعد توقفها العام الماضي، موضحاً "أشخاص كثيرة حصلت على اللقاح، ومع ذلك لا نشترط الحصول على اللقاح لدخول المسجد".

ما يشترطه المسؤولون عن المسجد أثناء التراويح أو صلاة الجمعة هو اتباع الإجراءات الاحترازية داخل المسجد مثل الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وارتداء قناع الوجه، وغسل وتنظيف اليد بالكحول الموجود في المسجد، وكذلك حضور كل مصلٍّ بسجادة صلاته الخاصة.

فعاليات بشكل مختلف

مسجد "دار الهجرة" الذي يغطي مساحة كبيرة من شمال فيرجينيا حتى العاصمة واشنطن دي سي، تغيرت الفعاليات فيه بشكل عام في ظل كورونا، واختلفت الفعاليات الرمضانية أيضاً.

يوضح الشيخ "شاكر" قائلاً "قبل كورونا كنا ننظم إفطاراً جماعياً في رمضان ونختم القرآن جماعياً ونصلي التراويح ونطيل فيها، لكن العام الماضي توقفت كل تلك الفعاليات مع اشتداد كورونا وأغلق المسجد تماماً حتى في الصلوات الخمس".

هذا العام بدأت الأوضاع داخل المسجد تعود تدريجياً، وفقاً للشيخ شاكر، قائلاً "نجهز إفطاراً ذلك العام لكن نوزعه على الناس بعد صلاة العصر ليتناولوه في بيوتهم"، موضحاً "لا نستطيع استضافة إفطار كالسابق لأنه سيكون سبباً لاحتكاك الأشخاص سوياً وحدوث تقارب شديد من 40 دقيقة إلى ساعة وهذا وقت طويل يسمح باحتمال نقل العدوى".

وبحسب "شاكر" لم تعد صلاة التراويح أيضاً إلى سابق عهدها قبل كورونا، إذ تقسم صلاة التراويح إلى مجموعتين، المجموعة الأولى تصلي صلاة العشاء و4 ركعات من التراويح وتنصرف لتكمل التراويح في البيت، والمجموعة الثانية تأتي بعدهم وتصلي صلاة العشاء والتراويح، أيضاً، ويختم بصلاة الوتر.

ويشير "شاكر" إلى أن صلاة العيد التي توقفت العام الماضي، ستعود هذا العام بإجراءات احترازية شديدة موضحاً " سنقيم صلاة العيد داخل المسجد على غرار صلاة الجمعة، وخارجه، أيضاً، لاستيعاب الأعداد الكبيرة مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي، ومن أجل ذلك سنزيد عدد الصلوات بحيث نستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة التي تأتي وستقام على مجموعات متعاقبة".

عودة صلاة التراويح ركن أساسي من أركان شهر الصيام، جعل الكثيرين يشعرون بالفرحة والامتنان، يقول فراس عبد اللطيف، أحد رواد مسجد "دار الهجرة"، "افتقاد التراويح ليس أمراً هيناً على أي شخص، عانينا العام الماضي، مع الحظر لم نشعر بالشهر الكريم وأصابتنا الكآبة، لا أعرف كيف أصف فرحتي بعودة روحانيات الشهر الكريم، أشعر أني في بلد إسلامي أو عربي، أتجمع مع أصدقائي بعد المغرب ونذهب سوياً إلى صلاة التراويح وهو أكبر احتفال نشهده هذا العام".

التسوق الرمضاني

من المسجد إلى السوق يمتد الاحتفال بالشهر الكريم، ففي منطقة "فولز تشيرش" التي تضم عدداً كبيراً من المسلمين، وينتشر فيها الكثير من المحال العربية التي تقدم المنتجات الحلال، تتراص الطوابير من أجل التسوق الرمضاني يغطيها في الخلفية صوت أغانٍ رمضانية يخرج من أحد المحال.

"جنين" محل الحلويات الشامية الأشهر في المنطقة، منذ بدء رمضان وهو يستقبل سيلاً لا ينقطع من الزبائن مما دعا صاحبه إلى تغيير ساعات العمل حتى يفي بالطلبات كافة.

يقول محمد إبراهيم صاحب محل جنين "نستعد لرمضان كل عام بأصناف مثل الكنافة بالكريمة والقطايف والعثملية، ونزيد ساعات العمل بدلاً من الإغلاق في العاشرة ليلاً نغلق في الثانية عشرة ليلاً، وبدلاً من بدء العمل في العاشرة صباحاً نبدء في السادسة صباحاً، حتى نستطيع الإيفاء بكل الطلبات".

ويوضح محمد أن الإقبال على المحل يكون من كامل الجنسيات العربية بشكل عام والمسلمين بخاصة خلال شهر رمضان، حيث يزداد الطلب بشكل ملحوظ على التحلية الشامية، وتكون أجواء رمضان حاضرة حتى مع وجود الوباء.

أما "حلالكو" أحد أكبر المحال العربية متعدد الجنسيات، تنتشر فيه البضائع من الدول المختلفة، من تركيا والسعودية ومصر والهند وموريتانيا، ويقصده الكثيرون من العرب والمسلمين.

تؤكد "نور عمران"، سيدة سورية، أنها تأتي إلى "حلالكو" للتسوق مرة واحدة في الشهر، لكن منذ بدء رمضان جاءت حوالي 3 مرات.

قائلة "التجمعات الرمضانية هي أكثر ما يميز رمضان، والاحتفال مع الأصدقاء لتعويض الأهل والأسرة في الغربة هو ما يجعلنا نتحمل ذلك، وغالباً ما تكون التجمعات لتناول الإفطار وهو ما يعني مزيداً من التسوق".

تحرص "نور" على شراء بعض الأصناف خلال شهر رمضان أهمها: التمر، والسمبوسة، واللبنة للسحور، والكبة والقطائف ومشروب قمر الدين، مضيفة "أقصد المحال العربية أيضاً لشراء اللحوم الحلال والمنتجات السورية والعربية بشكل عام".

مؤكدة أنها تشعر هذا العام ببعض الأجواء الاحتفالية خلال رمضان، بخاصة أن العام الماضي لم تشهد أو تشعر بأي احتفال بشهر رمضان.

الاحتفال مع الأصدقاء

"التجمعات الرمضانية"، هي مظهر الاحتفال الأكثر وضوحاً وقوة خلال الشهر الكريم، لذا تحرص "آمنة يزك"، سيدة تركية أربعينية، على تلك التجمعات.

تقول "آمنة" المقيمة في فيرجينيا منذ 6 سنوات، "اعتدت وصديقاتي على التجمع خلال شهر رمضان والإفطار سوياً حتى نشعر بأجواء العائلة والألفة، ويشعر الأطفال بخصوصية ذلك الشهر، لكن العام الماضي كان صعباً للغاية لم نلتق خلال رمضان وأمضته كل أسرة في بيتها بمفردها".

ومع تلقي "آمنة" وعدد كبير من صديقاتها لقاح كورونا، عاد رمضان والاحتفال به إلى سابق عهده، توضح آمنة "احتفلنا أول يوم في الشهر الكريم بإقامة إفطار جماعي لحوالي 7 أسر، واتفقت مع صديقاتي على أصناف الطعام التي تعدها كل واحدة، ولأن الأعداد كبيرة أقمنا الإفطار في حديقة عامة أمام منزلي".

وتشير "آمنة" إلى أنها أقامت إفطارين في منزلها بعد ذلك، وفطرت في بيت صديقة لها"، مؤكدة أن الاحتفال برمضان يمتد لما بعد الإفطار، موضحة "نقيم تلاوات جماعية، ونشجع بعضنا لختم القرآن وقراءته مع أطفالنا".

TRT عربي