هارولد هولت مع زوجته زارا وحفيدتهما صوفي عام 1966 (Getty Images)
تابعنا

تَولَّى هارولد هولت منصب رئيس وزراء أستراليا سنة 1966، عبر انتخابات حصد فيها الحزب الليبرالي الذي يتزعمه أغلب مقاعد البرلمان الأسترالي، وتكبد فيها غريمه حزب العمال هزيمة قاسية. قبل ذلك كان تَقلَّد مناصب وزارية عدة، وزيراً للعمل، ووزيراً للهجرة، وقبلهما وزيراً للبحث العلمي.

دامت ولاية هارولد هولت على رأس حكومة البلاد 22 شهراً فقط، قبل أن يختفي في ظروف غامضة بعد أن كان يسبح بأحد الشواطئ قرب مسقط رأسه ميلبورن. اختفاء حام حوله كثير من الأسئلة، في غياب الجثة التي أُعلنَ غرقها، الأمر الذي شكَّل مادة لعدد من نظريات المؤامرة، أبرزها التي تحمّل المخابرات الصينية ما وقع.

قصة غرق غامضة

ظهيرة 17 ديسمبر/كانون الأول سنة 1967، كان رئيس الوزراء الأسترالي وقتها هارولد هولت، يقضي نهاية أسبوعه الصيفية في مدينة ملبورن (جنوب شرقي البلاد). وفي طريق الرجوع من رحلة بحرية، عرّج الزورق الذي كان يُقِلّ هولت وأصدقاءه على شاطئ شفيوت فيكتوريا، تحت طلب هذا الأخير أن يُجرِي جولة سباحة أخيرة قبل تناول الغداء في اليابسة.

وكان هولت معروفاً بممارسته الصيد بالرمح، وقد اصطاد في عدد من المرات السابقة بالشاطئ. وتحت سطوة هذه الخبرة المسبقة تَملَّص من تحذيرات أصدقائه من النزول إلى الماء الذي تقطعه تيارات عنيفة. طمأنهم هولت قائلاً: "أعرف هذه المياه كما أعرف جسمي".

كانت آخر مرة يُشاهَد فيها رئيس الوزراء، وقال شهود عيان إنهم رأوه يصارع التيارات قبل أن تختفي جثته تحت الماء ولا تظهر بعدها أبداً. وأجرت الشرطة وخفر السواحل الأسترالي "أكبر حملة تفتيش في تاريخ البلاد" دون أن يجدوا هولت أو ما بقي من جثته. هكذا أعلن الحاكم العامّ الأسترالي شغور منصب رئيس الوزراء. وفي سنة 2005 أعلنت المحكمة وفاة هارولد هولت غرقاً، لخطئه في تقدير قدراته على السباحة.

هارولد هولت كان معروفاً بممارسة الصيد بالرمح (Getty Images)

نظريات ومؤامرات

حِيكَ حول حادثة الاختفاء الغامضة لهارولد هولت عدد من نظريات المؤامرة التي تُردَّد إلى الآن. ومنها ما هو رومانسي، إذ ادّعَوا أن رئيس الوزراء كان على علاقة سرية بعشيقة فرنسية، وزيّف حادثة موته ليهرب بصحبتها للعيش في أوروبا.

وفي إطار نظرية "الموت الزائف"، يُقال إن هولت كان جاسوساً شيوعياً، وهرب بعدها إلى الصين، أو حتى إن غواصة صينية اختطفته وهو يسبح لتُلحِقه ببكين حيث يعيش. نظرية ردّ عليها حفيده روبرت قائلاً: "إذا نظرتم إلى الشاطئ هنا ومدى ضحالة المياه، فإن فكرة وجود غواصة هنا ما هي إلا جنون مُطبِق". وأضاف مؤكداً أن "جدتي قالت إنه لم يكُن حتى يحب الطعام الصيني، لذلك فمن غير المرجح أن يكون اقتيد إلى غواصة صينية".

ومن أبرز نظريات المؤامرة في هذه القضية تلك التي زعمت أن الاستخبارات المركزية الأمريكية اغتالت هولت، لأنه كان يعتزم سحب القوات الأسترالية من حرب فيتنام. ويرجّع محللون كل هذه النظريات المغلوطة وشيوعها إلى طبيعة حادثة الوفاة وغياب الجثة، كما أنها حدثت في مناخ كان يعيش فيه العالَم تحت وطأة حرب باردة بين المعسكرين الغربي والشرقي.

TRT عربي