لاعب الشطرنج التركي.. قصة روبوت صُنع بالقرن 18 واستلهمت منه أمازون أداتها (Interfoto/Alamy)
تابعنا

استمدت أداة أمازون Mechanical Turk، والتي هي عبارة عن موقع يخدم الشركات لتوظيف "مجموعات عمال" موجودين عن بُعد لأداء مهام منفصلة عند الطلب لا تستطيع أجهزة الكمبيوتر حالياً أداءها، اسمها من آلة لعب الشطرنج الروبوتية التي بُنيت كخدعة في البلاط الإمبراطوري النمساوي في القرن الثامن عشر.

وكان لاعب الشطرنج التركي الآلي، والمعروف أيضاً باسم التركي الآلي، عبارة عن آلة لعب شطرنج احتيالية جرى إنشاؤها في عام 1770 حتى تدميره جراء حريق في عام 1854. بُنيت الآلة على يد وولفغانغ فون كيمبلن (1734-1804) من أجل التقرب وإبهار إمبراطورة النمسا آنذاك، ماريا تيريزا.

وعلى الرغم من أنه جرى الكشف في النهاية على أن الآلة عبارة عن خدعة معقدة ومتقنة، إلا أن العديد ممن ملكوها استمروا في الترويج لها على أنها روبوت ذاتي التشغيل سابق عصره ومكانه، قادر على لعب لعبة شطرنج قوية ضد خصم بشري، وكذلك أداء جولة الفارس، وهي لغز يتطلب من اللاعب تحريك فارس ليحتل كل مربع من رقعة الشطرنج مرة واحدة بالضبط.

لاعب الشطرنج التركي (alamy)

لاعب الشطرنج التركي

التركي الآلي هو لاعب شطرنج ميكانيكي مزيف (ذاتي التشغيل) يتكون من طاولة ونموذج بشري. بُني في فيينا من قبل وولفغانغ فون كيمبلن، وهو ميكانيكي يعمل في خدمة الإمبراطورة ماريا تيريزا. فيما اُلهِم كيمبلن بفكرة الآلة بعد زيارته بلاط ماريا تيريزا في قصر شونبرون، حيث كان فرانسوا بلتييه يؤدي عروضاً خداعية. وقد أدى حوار بعد ذلك العرض إلى وعد من كيمبلن لأن يعود إلى القصر باختراع سيفوق تلك الخدع.

بعد 6 شهور فقط، عاد كيمبلن بآلة ذاتية التشغيل يبلغ طولها 120 سم وعرضها 105 سم وارتفاعها 60 سم. وهي تتألف من شخصية تركية بشارب وعمامة وعباءة جالسة أمام خزانة من خشب القيقب بعجلات رُسمت عليها رقعة الشطرنج.

وعندما فتح الباب الأمامي والنظر داخل الخزانة والروبوت التركي، يمكن رؤية العديد من الرافعات الكبيرة والصغيرة والبكرات والأنظمة الميكانيكية المعقدة الأخرى. فقد كان الجزء الداخلي للآلة معقداً للغاية ومصمماً لتضليل أولئك الذين راقبوه.

وهم ميكانيكي

كان الروبوت التركي في الواقع وهماً ميكانيكياً سمح للاعب شطرنج بشري بالاختباء بالداخل لتشغيل الآلة. ومع مشغل ماهر، فازت الآلة بمعظم الألعاب التي لعبت خلال جولاتها في جميع أنحاء أوروبا والأمريكتين لما يقرب من 84 عاماً، حيث لعبت وهزمت العديد من المنافسين بما في ذلك رجال الدولة مثل نابليون بونابرت وبنجامين فرانكلين.

وبعد وفاة كيمبلن، ظل لاعب الشطرنج التركي بدون عروض لبعض الوقت حتى بيعه في عام 1808 إلى يوهان نبوموك مالتسل، الموسيقي البافاري المولع بالآلات والأجهزة. وفور الحصول على التركي، كان على مالتسل أن يتعلم أسراره وإجراء بعض التصليحات للحصول عليه مرة أخرى يعمل كسابق عهده. وكان هدفه المعلن هو جعل التركي الآلي تحدياً كبيراً. وبينما استغرق الانتهاء من هذا الهدف عشر سنوات، فقد استمر التركي الآلي في الظهور في العديد من المرات.

وخلال حقبة مالتسل، تداور سراً على تشغيل الآلة أساتذة شطرنج من أمثال يوهان ألجاير وبونكورت وآرون ألكسندر وويليام لويس وجاك موريه وويليام شلمبرجير، لكن المشغلين داخل الآلة خلال حقبة كمبلن الأصلية ظلوا لغزاً.

وعلى الرغم من أن كثيرين شكوا في وجود مشغل آدمي داخله، إلا أن الخدعة كـُشِف عنها لأول مرة فقط في 1820 من قِبل اللندني روبرت وليس.

النظير الأمريكي

في عام 2005، أطلقت أمازون موقع التركي الآلي "Amazon Mechanical Turk"، والذي هو عبارة عن تطبيق برمجي قائم على الويب ينسق مهام البرمجة مع الذكاء البشري، المستوحاة جزئياً من الطريقة التي يعمل بها نظام التركي الآلي لكيمبلن، حيث صممت الأداة لتؤدي مهام بشرية تُعرف باسم مهام الذكاء البشري (HITs)، مثل تحديد محتوى معين في صورة أو مقطع فيديو، أو كتابة أوصاف المنتج، أو الإجابة على أسئلة الاستطلاع.

وغالباً ما يوصف التركي الآلي بأنه "ذكاء اصطناعي" أو "سحابة بشرية". فالمنصة موجودة منذ أكثر من 17 عاماً، لكن أنواع المهام تتغير مع زيادة ذكاء أجهزة الكمبيوتر. الآن، يساعد العمال على السحابة البشرية في تدريب أجهزة الكمبيوتر، التي تعمل على تحسين قدرات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لتصبح أكثر شبهاً بالإنسان.

ومع صعود الذكاء الاصطناعي وبالتحديد التعلم الآلي، إذ تعلم الآلات نفسها التعرف على الأنماط من خلال تحليل البيانات المقدمة إليها، أصبحت مهمة المدرب أكثر أهمية، وفقاً لما قالته صحيفة فايننشال تايمز.

TRT عربي