ما قصّة "أملاك اليهود" التي فجّرت أزمة حادة بين إسرائيل وبولندا؟ (Others)
تابعنا

"مُعادٍ للسامية" هكذا وصفت تل أبيب القانون الجديد الذي أقرّته وارسو بجعل مهمة استرداد الأملاك التي صادرها النازيون من يهود البلاد شبه مستحيلة. معلنة أزمة دبلوماسية أدت إلى سحب السفراء، والدخول في دوامة من التراشق بالتصريحات التصعيدية بينهما.

فيما تعتبر الحكومة البولندية بأنّ القرار جاء للحدّ مِن الفوضى القانونية التي تعرفها تلك العقارات، يمثّل هذا التصعيد تحوّلًا في علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية، والتي امتازت بالدفء إبّان فترة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو.

أزمة دبلوماسية حول الأملاك

صدّق الرئيس البولندي، أندجي دودا، على قانون مثير للجدل حول ممتلكات اليهود التي صادرتها النازية إبّان أربعينيات القرن الماضي، والذي بموجبه يحصر الصلاحية القانونية للطعون المقدّمة ضدّ مصادرة أملاك بثلاثين عاماً كحدٍ أقصى من تاريخ المصادرة. بينما أغلب تلك الطعون قدّمت بعد الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة، وبالتالي سيكون الرفض مصيراً للكثير من الدعاوى القضائية القائمة بالفعل في هذا الشأن.

بالنسبة للحكومة البولندية فإنّ هذا القرار جاء للحد من الفوضى القانونية التي تكتنف قضية تلك الأملاك. فيما أثار الأمر امتعاض تل أبيب، الذي اعتبرته، على لسان وزير خارجيتها يائيير لابيد، "قانونًا لا أخلاقياً ومعادٍ للسامية. وغرَّد لابيد على صفحته بتويتر قائلًا: "وافقت بولندا اليوم، ليس للمرة الأولى، على قانون معادٍ للسامية وغير أخلاقي. وجّهت الليلة المسؤول عن السفارة في وارسو بالعودة على الفور إلى إسرائيل لإجراء مشاورات إلى أجلٍ غير مسمى".

بدوره قال نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يوم السبت 14 أغسطس/آب الجاري، بأنّ القانون البولندي "معيب وازدراء مشين لذكرى الهولوكوست". وأضاف أنّ بلاده "تنظر بخطورة لإقرار القانون البولندي الذي يمنع يهوداً من الحصول على تعويضات على ممتلكات قد نُهبت منهم، إبّان الهولوكوست".

بالمقابل، رفض رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي الأحد اتّهام إسرائيل لبلاده بمعاداة السامية. وقال إنّ قرار إسرائيل باستدعاء القائم بأعمال سفارتها في وارسو “لا أساس له وغير مسؤول“، واتّهم الحكومة الإسرائيلية بالسّعي لاستغلال القضية سياسياً. وأضاف في منشور له على فيسبوك أنّ "أحداً ممن يُدركون حقيقة الهولوكوست ومعاناة بولندا إبّان الحرب العالمية الثانية لا يقبل ممارسة السياسة على هذا النحو".

حكومة جديدة تحالفات جديدة

ويأتي التوتر الجاري بين إسرائيل وبولندا في إطار ما بعد حكومة نتنياهو، حيث تعمَد الحكومة الجديدة بتل أبيب إلى تقارب أكثر مع هياكل بروكسل وحكومات أوروبا الغربية، في تعارضٍ مع حكومات أوروبا الشرقية اليمينية الشعبوية.

في هذا السياق غرّد لابيد قائلًا: "إنّ علاقاتنا المتوترة مع بولندا بدأ منذ سنة 2018 حين بدأت بتمرير قوانين الهدف منها الإساءة إلى ذاكرة الهولوكوست". والمقصود هنا رفض وارسو الربط بينها وبين جرائم النازية، الأمر الذي استهجنته أطراف عدّة في تل أبيب. لكن مع ذلك لم يمانع نتنياهو في الحفاظ على علاقات دافئة بالحكومة البولندية، حيث زار العاصمة وارسو سنة 2019. كما قرَّرت وقتها حكومة مجموعة فيشيغراد (بولندا وتشيك وسلوفاكيا وهنغاريا) إجراء قمّتها بالقدس المحتلة.

توجُّه نتنياهو ذاك بُرّر بسعيه إلى إقامة علاقات أعمق مع الدول الأربع المذكورة، كجزء من استراتيجيته لبناء تحالفات مع الأعضاء الأكثر دعماً لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي. ضد الحكومات الغربية التي كانت تنتقد بين الحين والآخر سياساته الاستيطانية وأعماله العدائية ضد الفلسطينيين. فيما توجُّه الحكومة الإسرائيلية الجديدة يأتي عكس ذلك، بسعيها للتقارب مع دول أوروبا الغربية وهياكل الاتحاد الأوروبي ضد الحكومات اليمينية وعلى رأسها بولندا.

TRT عربي