أزمة الصواريخ الكوبية التي اشتعلت بين كينيدي وخروتشوف عام 1962 (المصدر:roodepoortrecord) (Others)
تابعنا

بدأت أزمة الصواريخ الكوبية في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1962، ووصلت ذروتها في 14 أكتوبر/تشرين الثاني عندما أظهرت صور التُقطت من طائرة التجسس الأمريكية "لوكهيد U-2" وجود قواعد صواريخ سوفيتية نووية تحت الإنشاء في كوبا.

وعلى عكس حادثة برلين التي وُقّعت بين الطرفين عام 1961، تُعتبر حادثة الصواريخ الكوبية أول مواجهة مباشرة بين الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف، والرئيس الأمريكي جون كينيدي، فضلاً عن كونها الأساس لتدشين اتفاقيات كبرى من أجل الحدّ من الأسلحة النووية على مستوى العالم.

أسباب الأزمة

من اليمين جون كينيدي، فيديل كاسترو، ونيكيتا خروتشوف (Others)

كان هناك سببان رئيسيان لإشعال أزمة الصواريخ الكوبية قبل 61 عاماً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي تمثّلت بنشر صواريخ نووية سوفيتية بشكل سري على الأراضي الكوبية، البعيدة عن فلوريدا الأمريكية قرابة 140 كيلومتراً فقط، هما:

-قيادة فيديل كاسترو لثورة في عموم كوبا عام 1959 كانت سبباً في الإطاحة بالديكتاتور اليميني الجنرال باتيستا، حليف واشنطن الموثوق. على إثر ذلك، رفض الرئيس الأمريكي الاعتراف بفيديل كاسترو وحكومته، الأمر الذي دفع الاتحاد السوفيتي لاستغلال توتر العلاقات وتقديم الدعم للحكومة الكوبية الجديدة. ولم تكتفِ أمريكا بعدم الاعتراف بالحكومة الكوبية وحسب وقتها، بل نفّذت حظراً تجارياً وعمليات عسكرية للإطاحة بالنظام الكوبي، باءت جميعها بالفشل.

-نشر الولايات المتحدة صواريخ "ثور" في بريطانيا ضمن مشروع "إميلي" عام 1958، بالإضافة لنشر صواريخ "جوبيتر" في كل من إيطاليا وتركيا عام 1961، وذلك بهدف تطويق الاتحاد السوفيتي بأكثر من 100 صاروخ ذات رؤوس نووية، الأمر الذي دفع الروس لاتخاذ خطوات مشابهة في كوبا، تزامناً مع طلب كاسترو المساعدة بعد العملية العسكرية التي نفذتها أمريكا ضد كوبا في أبريل/نيسان 1961، والتي عُرفت باسم "خليج الخنازير".

عملية "أنادير" السوفيتية

كاسترو رفقة الزعيم السوفيتي (Others)

في ظلّ التخوف الكوبي من تنفيذ أمريكا عمليات عسكرية أخرى، وافق خروتشوف على تزويد كوبا بصواريخ أرض-جو وأرض-أرض في أبريل/نيسان 1962، وأتبع ذلك بقرار وضع صواريخ نووية في جزيرة كوبا في مايو/أيار 1962، ولم ينقضِ شهر يوليو/تموز حتى وصلت أكثر من 60 سفينة سوفيتية كوبا محملة بالتجهيزات العسكرية.

أطلق السوفيت وقتها على عملية نقل الصواريخ النووية ومنصّات إطلاقها بجانب فوج من المشاة الميكانيكية اسم "عملية أنادير"، نسبةً إلى نهر "أنادير" الواقع بأقصى الشرق من سيبيريا.

واتسمت العملية بسرية فائقة، كما احتوت على العديد من الحيل عسكرية لتضليل الاستخبارات الأمريكية والأوروبية، حيث أوهمت بإرسالها معدات قطبية للتدريب على الطقس البارد والمتجمد، فضلاً عن إرسال الصواريخ على متن أكثر من 60 سفينة تجارية.

الرد الأمريكي

طائرة أمريكية تراقب سفينة سوفيتية خلال أزمة الصواريخ الكوبية (المصدر: GETTY IMAGES) (Others)

في أعقاب اكتشاف الصواريخ السوفيتية في 14 أكتوبر/تشرين الأول، فكّرت أمريكا في إطلاق حملة عسكرية واسعة على كوبا، وقصف مواقع الصواريخ وتدميرها وقتل الخبراء السوفيت، إلا أنّ الرئيس كينيدي كان متخوّفاً من الرد السوفيتي القاسي على الجبهة الألمانية، واحتلال العاصمة برلين.

ولذلك، وإلى جانب مطالبتها الاتحاد السوفيتي بتفكيك الصواريخ وإعادتها إلى روسيا، فرضت البحرية الأمريكية حصاراً بحرياً مشدداً على الجزيرة الكوبية منعاً لدخول أسلحة إضافية وجنود سوفيت إلى الجزيرة في حال اندلاع عملية عسكرية.

وبشكل غير متوقع، وعلى الرغم من الرفض العلني للمطالب الأمريكية، أعاد السوفيت سفناً كانت في طريقها إلى كوبا، وباشروا بفتح قنوات اتصال سرية مع الأمريكيين من أجل تقديم اقتراحات لحل الأزمة.

انتهاء الأزمة

لقاء كينيدي وخروتشوف في فيينا عام 1961 (Others)

وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 1962، انتهت أزمة الصواريخ الكوبية بعدما توصّل الطرفان إلى اتفاق يقضي بإزالة الصواريخ السوفيتية ومنصات إطلاق من الأراضي الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا وأن تتخلص بشكل سري من صواريخ "ثور" و"جوبيتر" المنصوبة في بريطانيا وكلٍّ من إيطاليا وتركيا.

وتنفيذاً لشروط الاتفاق، أُزيلت الصواريخ السوفيتية ووُضعت على السفن من أجل إرسالها إلى الاتحاد السوفيتي في الفترة ما بين 5 إلى 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1962، لينتهي بعد ذلك الحظر البحري على كوبا بشكل رسمي يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.

وبعد قرابة 11 شهراً من الاتفاق، وتحديداً في سبتمبر/أيلول 1963، سُحبت صواريخ "جوبيتر" الأمريكية من تركيا، وأُعلن لاحقاً إنشاء خط ساخن بين موسكو وواشنطن من أجل ضمان سهولة التواصل في حال اندلاع صراع نووي في المستقبل.

TRT عربي