مجازر واعتداءات واحتلال منازل.. أبرز فظائع القوات الأرمينية ضد مسلمي قره باغ / صورة: AA (AA)
تابعنا

على وقع الانتصار الخاطف الذي حققته أذربيجان في العملية العسكرية التي أطلقتها لمكافحة الإرهاب في إقليم قره باغ، عادت إلى الأذهان الفظائع الدموية التي ارتكبتها القوات والمليشيات الأرمينية بحق مسلمي الإقليم الأذربيجانيين، بما في ذلك المجازر والاعتداءات التي ارتكبتها القوات الأرمينية في العقود الثلاثة الأخيرة التي تلت احتلالهم لإقليم قره باغ في عام 1992.

وتعود جذور الانتهاكات الأرمينية بحق مسلمي إقليم قره باغ الأذربيجاني إلى حقبة الاتحاد السوفييتي في بداية القرن العشرين، وذلك عندما قرر جوزيف ستالين توطين العديد من الأرمن في مناطق مختلفة في قره باغ وإنشاء منطقة حكم ذاتي أرمينية داخل حدود جمهورية أذربيجان السوفييتية آنذاك، وفقاً للأناضول.

وما أن بدأ الضعف يدب في بنية الاتحاد السوفييتي، حتى بدأت سياسة ستالين هذه تؤتي ثمارها الدموية، إذ طالب الأرمن بنقل قره باغ من سيادة أذربيجان السوفييتية إلى أرمينيا السوفييتية، فتحول الصراع بين الجانبين إلى حرب واسعة النطاق في أوائل التسعينيات.

وتسبب الاحتلال الأرميني للمناطق الأذربيجانية في عام 1991 في تهجير نحو مليون أذري من أراضيهم ومدنهم، فضلاً عن مقتل الآلاف من المدنيين. وهو ما جعل من القرن العشرين شاهداً على مجازر الأرمن بحق مسلمي إقليم قره باغ، من أبرزها:

مذبحة خوجالي

لم يكتفِ الأرمينيون باحتلال الأرض فحسب، بل أقدموا على ذبح المدنيين أيضاً. وأثبتت المعلومات الواردة في ملف التحقيق، الذي يتضمن إفادات 2213 شخصاً ناجين من المجزرة وأكثر من 800 تقرير خبير ومصادر أخرى، فظائع مجزرة خوجالي التي ارتكبها الأرمينيون ضد المدنيين الأذربيجانيين في 26 فبراير/شباط 1992.

وتعدُّ مذبحة خوجالي واحدة من الأحداث الأكثر شهرة في صراع قره باغ. فخلال الهجوم الأرميني للاستيلاء على بلدة خوجالي، تعرّض المدنيون الأذربيجانيون، بما في ذلك النساء والأطفال والمسنون، لمذبحةً وحشيةً تركت ندوباً عميقة في الذاكرة الجماعية للشعب الأذربيجاني.

مجزرة خوجالي (AA)

وراح ضحية المجزرة، التي لم تُمحَ من الأذهان رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على وقوعها، 613 مدنياً، منهم 106 من النساء و63 طفلاً، بينما أصيب 487 بإعاقات دائمة. كذلك وقع 1275 مدنياً في الأسر، بينهم 150 مدنياً لا يزال مصيرهم مجهولاً، بينما أبيدت 8 عائلات عن بكرة أبيها، وفقد 25 طفلاً ذويهم، وفقد 130 طفلاً آخرون أحد والديهم في المذبحة.

وأثبتت فحوصات الطب الشرعي وأقوال الشهود بوضوح تعرُّض سكان خوجالي لتعذيب وحشي مثل قطع أنوفهم وأعضائهم التناسلية وفقء أعينهم من دون تمييز بين النساء أو كبار السن أو الأطفال. ومن بين ضحايا المجزرة نساء حوامل تعرضن لبقر بطونهن بحراب البنادق، وقطع الرؤوس والحرق والتمثيل بالجثث، إذ تعرض الصور التي التقطت في ذلك الوقت مشاهد مروّعة لوحشية الجيش الأرميني.

مذبحة ماليبيلي

وفقاً للمصادر الأذربيجانية، قُتل نحو 50 مدنياً من العرق الأذري على يد القوات الأرمينية غير النظامية في ماليبيلي في فبراير/شباط 1992، وذلك تزامناً مع حرب قره باغ الأولى. وانتقلت الهجمات بعد ذلك إلى قريتي أساجي كوجولار ويوكاري كوجولار، حيث قُتل أشخاص وجُرح وأسر مئات الأشخاص.

مذبحة كاراداغلي

بدأت العملية في الساعة الخامسة من صباح يوم 17 فبراير/شباط 1992. استمرت المعركة لمدة 11 ساعة، وأسفرت عن استيلاء القوات الأرمينية على كاراداغلي. وبحسب المصادر الأذربيجانية، فقد اعتُقل 117 مدنياً وقُتل بين 56 إلى 90 مدنياً، وأجبرت سكانها على النزوح إلى غابة قريبة.

ووفق أحد الشهود، فقد جمعت القوات الأرمينية 38 أذربيجانياً، من بينهم نساء ومدنيون آخرون، في خندق خارج القرية، إذ أطلقت القوات الأرمينية النار وطعنت السجناء حتى ماتوا جميعاً. بينما سكب أحد الجنود الأرمن البنزين على عدد من الجنود الأذربيجانيين المصابين وأحرقهم أحياء.

احتلال لاتشين وكلبجار

وفي مايو/أيار 1992، استولت القوات الأرمينية على ممر لاتشين. وبعد ذلك، في أبريل/نيسان 1993، سيطروا على منطقة كلبجار. وأدت عمليات الاحتلال هذه إلى تهجير آلاف المدنيين الأذربيجانيين، الذين اضطروا إلى ترك منازلهم وراءهم. وشكلت هذه الأفعال انتهاكاً للقانون الدولي، ولا سيما مبدأي التناسب وحماية المدنيين في أثناء النزاعات المسلحة.

التهجير القسري

طوال سنوات الصراع، وردت تقارير عديدة عن قيام القوات الأرمينية بقصف المناطق المدنية في البلدات والقرى الأذربيجانية القريبة من الخطوط الأمامية. وقد تسببت هذه الهجمات في وقوع إصابات في صفوف المدنيين وانتشار الخوف بين السكان المحليين.

مجزرة خوجالي (AA)

يذكر أن القصف العشوائي للمناطق السكنية يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، الذي يطالب أطراف النزاع المسلح بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين.

وكانت إحدى العواقب الأكثر مأساوية للصراع في قره باغ هي التهجير القسري للسكان الأذربيجانيين من منازلهم. كان لهذا النزوح تأثير مدمّر في حياة هؤلاء الأفراد، إذ اقتُلعوا من مجتمعاتهم وتُركوا لمواجهة مستقبل غامض كنازحين.

ولم تسلم المساجد والمواقع الدينية الأخرى في إقليم قره باغ من بطش القوات الأرمينية المحتلة. وهي الأعمال التي لم تنتهك مبادئ الحرية الدينية فحسب، بل ساهمت أيضاً في تعميق التوترات الدينية والعرقية في المنطقة.


TRT عربي
الأكثر تداولاً