تعاني أوروبا نقصاً حاداً في أعداد المعلمين. (Jean-Francois Badias/AP)
تابعنا

من الممكن أن يكون الدخول المدرسي والاجتماعي الأسوأ الذي تمر به أوروبا منذ عقود، لما يطبعه من أزمات عسيرة تقلق معيشة شعوب القارة. فبعد أزمة الطاقة الخطيرة التي تَعِد بشتاء صقيعي مظلم، والكساد الذي يهدد الأوروبيين في مأكلهم ومسكنهم، تأتي أزمة مهنيي التربية والتعليم لتمسّ بدورها الأجيال الصاعدة.

وتشهد دول أوروبا الغربية نقصاً حادّاً في أعداد المعلمين، يبرز جليّاً مع عودة الطلاب إلى مقاعدهم المدرسية في فرنسا، كما في ألمانيا وبريطانيا، ويُترجَم بالاكتظاظ في حجرات الدرس أو إنهاك المعلمين الباقين بساعات عمل إضافية، بما يؤثر سلباً في التحصيل العلمي للتلاميذ.

مدارس بلا معلمين

كان أول عائق يصطدم به وزير التعليم الفرنسي الجديد باب ندايي، هو أزمة النقص الحادّ في أعداد المعلمين بالقطاع الذي يديره، ما يضرب في مقتل وعوده الانتخابية بتوفير "مدرس لكل شعبة"، وفق ما يُجمِع عليه مراقبون.

وحسب أرقام وزارة التعليم الفرنسية نفسها، فإن أكثر من 4000 منصب تعليمي شاغر، ولا يجد حتى الآن من يشغله. ويبلغ إجمالي نقص المعلمين 17%، ويتوزعون بتفاوُت حسب المراحل التعليمية، إذ يُعَدّ التعليم الابتدائي الأكثر تضرراً بعجز يعادل 27%، يليه التعليم التكميلي بـ6%.

واعتبر ندايي أن المشكلة قديمة لكنها تأزمت في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن الوزارة وجّهت إلى تشكيل "خلية طوارئ" في كل مؤسسة تعليمية، لتأمين سنة دراسية أفضل لنحو 12.2 مليون تلميذ على مستوى البلاد.

وفي ألمانيا، ليس الحال أفضل منه في جارتها الشرقية، ويختلف الوضع من ولاية إلى أخرى، إذ يبلغ العجز في العاصمة برلين نحو 900 منصب شاغر. ويعاني بعض الولايات مثل وستفاليا ومنطقة دوسلدورف مشكلات كبيرة، بلغ العجز فيها أكثر من 4000 وظيفة شاغرة، بخاصة في رياض الأطفال.

ووفق تقديرات، فإنه بمعدل التوظيف الحالي، من المرجح أن تفقد ألمانيا نحو 25 ألف مدرس خلال السنوات الثلاث المقبلة.

بريطانيا ليست أفضل حالاً

في بريطانيا، صورة قاتمة تلك التي يرسمها استطلاع لـ"جمعية مديري المدارس ورؤساء الجامعات" بالمملكة، حول النقص الحادّ الذي تعرفه في المدرسين، إذ يشكو 95% من مديري المدارس صعوبة توظيف مدرسين جدد، ويصف 43% منهم هذه الصعوبة بـ"الشديدة".

فيما ينعكس هذا العجز في اكتظاظ الفصول الدراسية، وإلزام المدرسين تدريس موادّ خارج اختصاصهم. وأورد الاستطلاع أن 31% من مديري المدارس يشتكون الاكتظاظ، إضافة إلى 69% قالوا إنهم يستعينون بمدرسين لتدريس مواد خارج اختصاصهم.

وحسب تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، ففي يوليو/تموز الماضي كان عدد المعلمين المقرر أن يبدؤوا التدريب أقلّ بـ15% منه عام 2019، مع انخفاض المتدربين في المدارس الثانوية 20 %. ويساهم ضعف الإنفاق الحكومي على التعليم في الوضع الراهن، إذ تقلّل الرواتب الضعيفة الإقبال على مهنة التدريس.

TRT عربي