من النووي إلى أفغانستان.. ماذا تعرف عن قوة المخابرات الباكستانية وأدوارها؟ (Others)
تابعنا

تنفق دول العالم مليارات الدولارات سنوياً على قواتها المسلحة لحماية أمنها القومي وسلامة مواطنيها وحدودها من الهجمات والخسائر غير المتوقعة، لكن سلامة كل أمة تعتمد أيضاً على شبكات وكالات الاستخبارات المتطورة لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية للبلاد، من خلال جمع وتحليل واستغلال المعلومات والاستخبارات التي تساعد لاحقاً في توفير الأمن القومي والدفاع وإنفاذ القوانين وتحديد أهداف السياسة الخارجية.

وبنفس الطريقة التي يجري بها ترتيب أقوى الجيوش العالمية وفق معايير وشروط متعددة، يجري أيضاً ترتيب وكالات الاستخبارات وفق معايير صارمة، أهمها: عدد الفاعلين داخل الوكالة الاستخباراتية من العملاء السريين إلى الجواسيس والمتسللين التكنولوجيين، والأنشطة الاستخباراتية التي تُنفذ بنجاح دون ترك أثر، وفاعليتها وانتشارها، وقوة تأثيرها على أكثر من محور وفي أكثر من دولة.

ووفقاً للكثير من التصنيفات، تحل أجهزة الاستخبارات الباكستانية وعلى رأسها وكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي (ISI)" (Inter-Services Intelligence) على قمة مراتب التصنيف من بين وكالات الاستخبارات الكبرى حول العالم، منافسة بذلك وكالات أكثر شهرة وخبرة في هذا المجال من أبرزها وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)، والروسية (FSB)، والبريطانية (MI6)، والإسرائيلية (MOSSAD)، وذلك من خلال قوة وفعالية عناصره في معظم الدول العالمية، بالإضافة لمدى التخطيط والتعقيد التي تعمل به الوكالة الباكستانية، والتي وصفته الـ (CIA) في تقرير سابق لها بالمرعب.

وكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي"

تأسست وكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي" التي تعد من أكبر وكالات المخابرات الباكستانية وأكثرهم نفوذاً داخلياً وخارجياً عام 1948، في أعقاب الحرب الباكستانية الهندية بين عامي 1947 و1948، والتي كشفت عن نقاط ضعف في جمع المعلومات الاستخبارية والمشاركة والتنسيق بين الجيش والقوات الجوية والبحرية ومكتب المخابرات (IB) والاستخبارات العسكرية (MI) وفروعها.

ويُذكر أن وكالة "آي إس آي" هي من أفكار اللواء السابق للجيش الهندي البريطاني، السير روبرت كاوثوم، ونائب رئيس أركان الجيش الباكستاني آنذاك، واللذان بدورهما اختارا العقيد شهيد حامد لتأسيس الوكالة في 1 يناير/كانون الثاني 1948 ومقرها العاصمة إسلام آباد. كما يقدم المدير العام لوكالة الاستخبارات الباكستانية تقاريره مباشرة إلى كل من رئيس الوزراء وقائد الجيش.

وصُممت وكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي" بشكل أساسي لتجري إدارتها من قبل ضباط عسكريين خدميين تم انتدابهم من فروع الخدمة الثلاثة للقوات المسلحة الباكستانية (الجيش والبحرية والقوات الجوية)، ومن هنا جاء اسم "الخدمات الداخلية (Inter-Services)". فيما يرأسها جنرال من فئة ثلاث نجوم في الجيش الباكستاني، يجري تعيينه من قبل رئيس الوزراء بناءً على توصية من رئيس أركان الجيش.

واعتباراً من العام الجاري 2021، يرأس وكالة الاستخبارات الباكستانية حالياً الفريق فايز حميد الذي جرى تعيينه مديراً عاماً للوكالة في 17 يونيو/حزيران 2019.

نشاط محلي وإقليمي

كان للصراع مع الهند دور محوري في تأسيس وكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي" التي أوكل إليها مهمة بناء قدرات استخباراتية قوية لتحقيق الغلبة والمساعدة في بناء قوة عسكرية قوية لمواجهة القوات الهندية، والتي كان من أبرزها تطوير البرنامج النووي الباكستاني وإدارته حتى يومنا الحالي.

وإلى جانب مسؤولية الوكالة المباشرة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الباكستاني، يُناط بوكالة "آي إس آي"، حماية الشخصيات المهمة، فضلاً عن كون الوكالة صاحبة اليد العليا التي تعمل في الخفاء سواءً فيما يتعلق بمجريات السياسة الداخلية أو فيما يتعلق بالملفات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الهند وبنغلاديش والصين وأفغانستان وغيرها الكثير.

وخلال فترة الثمانينيات، ولمجابهة التمدد الشيوعي داخلياً وخارجياً في أفغانستان، ازدادت مهام وكالة الاستخبارات الباكستانية وتوسعت أنشطتها بدعم من وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) التي أرادت توجيه ضربة للاتحاد السوفيتي بعقر داره آنذاك، ووصلت الأمور لعقد شراكات استراتيجية مع الوكالة الأمريكية التي بدورها قامت بتدريب وتمويل عناصر وكالة "آي إس آي" الباكستانية التي لعبت دور الوكيل في أفغانستان، وذلك من خلال تدريب "المجاهدين الأفغان" ومدهم بالسلاح الأمريكي. ولم يقف دور الـ "آي إس آي" على أفغانستان وحسب، بل امتد ليصل إلى إيران وجمهوريات آسيا الوسطى بالإضافة إلى الهند التي كانت حليفاً للاتحاد السوفيتي.

تفوق عالمي

لعبت وتلعب وكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي" أدواراً محورية للغاية فيما يتعلق بالحفاظ على أمنها القومي وتحديداً من طرف جارتها اللدود الهند، إلى جانب الدور الرئيسي الذي تلعبه في جنوب وجنوب شرق آسيا ودول آسيا الوسطى وإيران والصين وأفغانستان، بالإضافة إلى دورها المحوري في "الحرب على الإرهاب" خصوصاً بعد هجمات الـ 11 سبتمبر/أيلول، والتي صُنفت بسببه عام 2011 من قبل (International Business Times United Kingdom) بالمرتبة الأولى عالمياً في محاربة الإرهاب ليس فقط في باكستان، بل حول العالم.

وكان لشراكاتها الاستراتيجية منذ عدة عقود مع وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) ووكالة الأمن القومي الأمريكي (NSA) ووزارة الدفاع الأمريكية، بالإضافة إلى وكالة الاستخبارات البريطانية (MI6) دوراً كبيراً في تفوق الاستخبارات الباكستانية على نظيراتها العالمية.

TRT عربي