مجموعة من إرهابيي PKK يتدربون على استخدام بنادقهم (Getty Images)
تابعنا

فسرعان ما اتجهت مليشيا YPG إلى دمشق وأبرمت اتفاقاً مع نظام الأسد في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019 من أجل التصدي للعملية العسكرية التركية العابرة للحدود.

ومن المرجح أن يسفر الاتفاق، الذي توسَّطت فيه روسيا، عن تفكيك ما يُسمَّى الحكم الذاتي لمليشيا YPG في المنطقة والمطالبة بتسليم مدينتي منبج وعين العرب (المعروفة كذلك باسم كوباني) لدمشق.

وكانت عملية أنقرة السريعة غير المتوقعة هي ما غيَّر المعادلة السياسية في شمال شرق سوريا، مما رفع الآمال في عودة مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وأجبرت عناصر YPG والتنظيم الأم لها PKK على تجديد علاقات العمل مع دمشق.

في الماضي أدار PKK المُصنَّف تنظيماً إرهابياً من جانب كلٍ من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معسكرات تدريب في سهل البقاع اللبناني الذي كانت تحتله سوريا في السبعينيات، حين كان التنظيم الإرهابي في مراحله الأولى. ومنح حافظ الأسد، سلف ووالد رئيس النظام السوري بشار الأسد، مباركته للمشروع الإرهابي الذي كان يستهدف تركيا.

فترة أوجلان

تعاون عبد الله أوجلان، مؤسس وزعيم PKK، طويلاً مع حافظ الأسد لتحقيق أهداف خارجية وداخلية.

فعلى الصعيد الخارجي حُشدت مجموعات PKK المسلحة، التي جنَّدَت أفرادها من الأكراد السوريين إلى حدّ كبير، ضدّ تركيا بهدف تهديد مشروعاتها المائية على نهر الفرات والتأثير على وضعية محافظة هاتاي، التي انفصلت عن سوريا عام 1938 وباتت جزءاً من تركيا عام 1939.

قال شمس الدين حمو، وهو معارض كردي سوري بارز كان يترأس اللجنة المركزية PYD في سوريا، معروف أيضاً باسم يكيتي: "استخدم حافظ الأسد ملف PKK لاستغلال الجماعة كسلاح ضد تركيا".

وفي داخل سوريا استخدم الأسد التنظيم لقمع الأكراد الذين جاهروا بمعارضتهم لنظامه. وتفيد تقارير بأنَّ أوجلان نصح الأكراد السوريين بالبقاء موالين لعائلة الأسد.

وقال حمو لموقع TRT في مقابلة سابقة مطلع عام 2018 جرت في أثناء وجوده بمنزله الذي كان يعيش به منذ 2012 في مدينة غازي عنتاب: "PKK لا ينتمي إلينا. لقد فُرِض على الأكراد بالقوة".

وفي الفترة بين أواخر السبعينيات والتسعينيات، قضى أوجلان ورفاقه قرابة عقدين من الزمن في سوريا. وطُرِد من البلاد عام 1998 في ضوء الضغط العسكري التركي المتصاعد. وتحسنت العلاقات بين أنقرة ودمشق عقب ذلك.

الحرب الأهلية في سوريا وصعود مليشيا YPG

مع ذلك أدَّت الحرب الأهلية إلى قطع العلاقات التركية-السورية تماماً، إذ رفضت أنقرة التغاضي عن الوحشية واسعة النطاق التي اتبعها نظام الأسد ضدّ الشعب السوري ودعمت الثورة المسلحة، نتيجةً لقمع الأسد العسكري العنيف للمحتجين السلميين عام 2011.

ولمواجهة السطوة المتزايدة للمعارضة السورية، استخدم نظام الأسد تنظيم PKK لدق إسفين بين القوى الثورية. فاستخدم تكتيكات مختلفة لإضعاف المعارضة الكردية السورية التي قاتلت النظام إلى جانب العرب.

قال عثمان حسين، وهو شخصية سياسية كردية سورية من عفرين: "لقد أظهرنا كأكراد سوريين معارضتنا لنظام الأسد (في بداية الحرب الأهلية). وأدرك النظام أنَّه لا يمكنه التعامل مع الأكراد بنفسه، لذا جلب PKK من جبال قنديل (شمالي العراق) ودَعَمَه. وفي نهاية المطاف استقر PKK وترسخ شمالي سوريا".

كان حسين يترأس تيار المستقبل الكردي في عفرين، وهو تيار سياسي تأسس عام 2005 على يد مشعل تمو، وهو سياسي وأحد القادة البارزين للرأي العام الكردي.

كان التيار معارضاً لكلٍ من الأسد ونفوذ تنظيم PKK شمالي سوريا. لكنَّ زعيم التيار، تمو، قُتِل في أكتوبر/تشرين الأول 2011 في بداية الحرب الأهلية، ويُزعَم أنَّ القتل كان بيد قاتل محترف تابع للأسد. واتُّهِم تنظيم PKK بتمكين عملية الاغتيال.

ولتقوية قبضتهما على الأكراد السوريين، توصل نظام الأسد وقيادة تنظيم PKK إلى تفاهم لإقامة كيان مسلح جديد يُسمَّى PYG، كُلِّفَ بتنسيق انسحاب عسكري تكتيكيلقوات النظام من شمال سوريا.

وفي عام 2012 حين غادرت قوات النظام شمالي سوريا، شهد سكان المنطقة الصعود السريع لعناصر YPG.

وسرعان ما أسست الجماعة الإرهابية "كانتونات"، أو مناطق حكم ذاتي، بطول البلدات الحدودية المجاورة لتركيا.

تحت الضغط التركي

وبعد سبع سنوات، حين ضربت العملية العسكرية التركية الأخيرة مليشيا YPG بقوة، لجأت الوحدات مجدَّداً إلى دمشق من أجل الحماية.

وحسب تقارير مختلفة، تدخل قوات النظام، إلى جانب الوحدات العسكرية الروسية، إلى مناطق سيطرة مليشيا YPG بموجب اتفاق توسطت فيه موسكو مؤخراً بين دمشق وهذه المليشيات الإرهابية.

هذا المقال مترجم عن موقع TRT World.

TRT عربي
الأكثر تداولاً