الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني (AA)
تابعنا

تستضيف إسطنبول، اليوم الجمعة، الاجتماع الثامن للجنة الاستراتيجية العليا التركية-القطرية، في ظلّ تطور كبير تشهده علاقات البلدين تحوّلت إلى تعاون متواصل على مختلف الأصعدة.

واتفق الرئيس رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على عقد هذا الاجتماع في موعد أبكر قليلًا من الوقت المعتاد، بسبب بطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستنطلق في قطر يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وستكون هذه القمة الأولى بعد الثلاثين بين الرئيس أردوغان والأمير تميم منذ عام 2014، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات بين البلدين، وربما في تاريخ الدبلوماسية الدولية.

وتأسست اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين البلدين، في ديسمبر/كانون الأول عام 2014، وتعقد اجتماعاتها كلّ عام على أعلى مستوى، وهي آلية للتشاور حول العلاقات القطرية-التركية، وتمثّل أحد أهم مؤشرات العلاقات الثنائية المكثّفة والقوية.

ونتج عنها ما يزيد على 80 اتفاقية في جميع المجالات، تسهم في تعزيز وإثراء العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين البلدين.

علاقات استراتيجية

تطورت العلاقات القطرية-التركية في العقدين المنصرمين، منذ تولّي حزب العدالة والتنمية إدارة البلاد في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والعسكرية والثقافية والسياحية.

وترتبط تركيا وقطر بعلاقات صداقة وأخوة استثنائية في تميّزها وعطائها، نتيجة التقارب الكبير على مستوى القادة والشعب والقواسم المشتركة بين البلدين، والتضامن اللا محدود بينهما وقت الأزمات.

وتتميز علاقات البلدين بتقارب فريد في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية وتناغم الرؤى السياسية إزاء كثير من الملفات.

كما يتشارك البلدان توجهات سياسية واحدة تعتمد الحوار والدبلوماسية وتفعيل جهود الوساطة أساساً للأمن والاستقرار والسلام وحلّ النزاعات الدولية والإقليمية.

تعاون اقتصادي

في ظلّ العلاقات المتطورة بين البلدين، أصبحت تركيا من أكثر الدول الجاذبة للاستثمارات القطرية في عدة مجالات.

وتُظهر إحصائيات من الملحقية التجارية بالدوحة تجاوز حجم التجارة بين تركيا وقطر 1.4 مليار دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022.

وبحسب أرقام الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، تجاوزت الصادرات التركية إلى قطر المليار دولار، بزيادة 60 في المئة مقارنة بالأشهر الثمانية الأولى من عام 2021، وأصبحت تركيا الدولة السابعة التي تستورد منها قطر أكثر من غيرها.

ويُشير تجاوز الصادرات المليار دولار في الفترة المذكورة إلى زيادة الصادرات بأكثر من 200 في المئة في السنوات الخمس الماضية.

وحول الشركات التجارية العاملة في البلدين تقول الإحصاءات إن هناك "ما يزيد على 700 شركة تركية تعمل في قطر في مختلف القطاعات، بجانب 200 شركة قطرية تعمل في مجموعة واسعة من القطاعات في تركيا".

وزادت استثمارات قطر المباشرة في تركيا بشكل كبير، بـ33.2 مليار دولار، بينما بلغت قيمة المشاريع التي نفّذتها شركات الإنشاءات التركية في البنية التحتية في قطر 22 مليار دولار أمريكي.

وتسعى أنقرة لتحسين تعاونها في قطاع الطاقة مع الدوحة، أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المُسال في العالم.

وفي مجال السياحة، وصل عدد الزائرين القطريين لتركيا نحو 30 ألفاً في 2016، ثم تزايد في 2019 إلى نحو 110 آلاف، بينما وصل العام الحالي إلى 140 ألف سائح.

تعاون عسكري

منذ تأسيس اللجنة الاستراتيجية العليا بين قطر وتركيا عام 2014، شهدت العلاقات الثنائية تقدماً كبيراً على المستويات كافة، خاصة الدفاعية والعسكرية.

ووقّع الجانبان في تركيا، يوم 19 ديسمبر من العام 2014، اتفاقية "التعاون في مجالات التدريب العسكري والصناعات الدفاعية وتمركز القوات المسلحة التركية على الأراضي القطرية"، والتي اقتُرحت خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى قطر في وقت سابق من العام نفسه.

وقُدّمت الاتفاقية إلى البرلمان التركي، في 10 فبراير/شباط عام 2015، لمناقشتها وصادقت عليها لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان، في 5 مارس/آذار من العام نفسه.

وفي يونيو/حزيران 2017، تعززت العلاقات على المستوى العسكري بين البلدين، إذ دخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ بعد تصديق البرلمان التركي عليها واعتمادها من الرئيس رجب طيب أردوغان.

وبموجب هذه الاتفاقية، جرت الاستعانة بقوات تركية على الأراضي القطرية، فضلاً عن تنفيذ البلدين تدريبات عسكرية مشتركة.

كما افتُتح المقر الجديد للقوات المشتركة التركية-القطرية، في ديسمبر 2019، بحضور كبار القادة العسكريين من البلدين، وأُطلق عليها "قاعدة خالد بن الوليد".

تبادل ثقافي

يتمثّل التعاون الثقافي بين البلدين من خلال الاتفاقيات التعليمية والأكاديمية بين معاهد اللغة والجامعات، ونشاطات معينة عن طريق المؤسسات التركية والقطرية في قطاع النشر.

وشهد عام 2015 تدشين العام الثقافي القطري-التركي، واختيرت تركيا ضيف شرف معرض الدوحة الدولي للكتاب، وفي ذلك العام أيضاً افتُتِح المركز الثقافي التركي (يونس إمره) في الدوحة لتعزيز العلاقات الثقافية.

وأبرمت مكتبة قطر الوطنية في أبريل/نيسان 2018 اتفاقية تعاون مع نظيرتها التركية في العاصمة الدوحة، وتشمل الاتفاقية تبادل المصادر والوثائق التاريخية والتدريب وتبادل الخبرات.

وفي سبتمبر/أيلول 2019، دُشِّن مشروع "تركيا-قطر.. الحوارات الفنية بين الثقافات"، وتضمّن معارض فنية وعروضاً موسيقية، ومؤتمرات ومهرجانات، وورش عمل تتعلق بشتى فروع الفن التقليدية والحديثة.

كما وقَّعت مكتبة "قطر الوطنية" في أكتوبر/تشرين الأول 2021، مع مكتبة "الأمة" التركية، مذكرة تعاون في المجالات العلمية والتقنية والثقافية.

وشهدت الأعوام القليلة الماضية عشرات العروض الفنية والفعاليات الثقافية والمعارض القطرية، بمشاركة فرق وفنانين من تركيا، وهي تؤصّل لفكرة الحفاظ على الهوية الإسلامية المشتركة بين البلدين.​​​​​​​

مونديال قطر

تُكثّف تركيا وقطر تعاونهما لتأمين بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، ويمثل هذا التعاون الأمني المميز أحد أوجه شمول العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

في أكتوبر 2019، وقَّعت أنقرة والدوحة اتفاقية للتعاون بشأن التدابير الأمنية الخاصة بالمونديال، تحت اسم "خطاب النوايا بشأن التعاون في تنفيذ الفعاليات الكبرى".

وبموجب الاتفاقية، يتعاون الطرفان في تدابير مكافحة الجريمة ومكافحة الإرهاب والمشاركة في البعثات الميدانية ذات الصلة باستضافة الفعاليات الضخمة، كما يتبادلان الزيارات الاستكشافية والاجتماعات الثنائية والخبرات على المستويات المهنية والتقنية والقيادية.

ويتمثل التعاون الكبير بين أنقرة والدوحة في تنظيم المونديال بالمساهمة التركية الرامية لتأمين مباريات كأس العالم والمنشآت المرتبطة به.

وفي هذا السياق أعلن وزير الداخلية التركي في 9 ديسمبر/كانون أول 2021، أن أنقرة سترسل 3 آلاف شرطي إلى قطر للمشاركة في تأمين المونديال، وألمح إلى إمكانية زيادة العدد في ظلّ مشاورات متواصلة مع الدوحة.

وفي ديسمبر 2021، قال السفير التركي لدى الدوحة إن الرئيس رجب طيب أردوغان "أعطى أوامره بتنفيذ كلّ ما تطلبه قطر لضمان نجاح تنظيم كأس العالم".

إغاثة الشعوب

وقّعت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، مع جمعية قطر الخيرية، مذكّرة تعاون في مجال إدارة الكوارث والطوارئ والمساعدات الإنسانية.

وبهذه الاتفاقية ستعمل تركيا وقطر جنباً إلى جنب من أجل تقديم المساعدات الخيرية في كثير من مناطق العالم، من سوريا إلى أوكرانيا.

وتلك المذكّرة تُمثّل بروتوكول تجديد للاتفاقية التي وُقّعت في ديسمبر 2016، التي جرت في نطاقها المساهمة الثنائية في العديد من الكوارث والزلازل والحرائق حول العالم.

وتُعدّ تركيا الدولة التي قدّمت أكبر قدر من المساعدات الإنسانية على الساحة الدولية في السنوات الأربع الماضية.

AA
الأكثر تداولاً