آخرها رافعات التحميل الصينية.. هل باتت أمريكا محكومة ببارانويا التجسس؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

ألقت التوترات الأخيرة حول المناطيد بين بكين وواشنطن، والتي زعمت الولايات المتحدة أنها وسيلة تجسس صينية أخرى، الضوء على الطبيعة المتغيرة للتجسس وكيف تراقب الدول بعضها البعض، بما يتجاوز أدوات جمع المعلومات الاستخباراتية التقليدية للجواسيس والأقمار الصناعية.

والأحد الماضي، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قلق مسؤولين أمريكيين في البنتاغون تجاه رافعات الحاويات صينية الصنع المستخدمة في المواني الأمريكية، والمستخدمة في بعض المواني العسكرية، من أن تكون إحدى وسائل التجسس والتخريب الصينية المحتملة التي تختبئ على مرأى من الجميع فوق الأراضي الأمريكية.

وبالتزامن مع تزايد الاهتمام بملف التجسس الذي أعادته إلى الواجهة حادثة مناطيد التجسس في الأسابيع الأخيرة والتي دفعت وزير الخارجية الأمريكي إلى إلغاء رحلته التي كانت مخططة إلى الصين بشكل مفاجئ، شهدت قاعات الكونغرس في الأيام الأخيرة مناقشات متتالية حول إمكانية فرض حظر على تملك الصينيين وشركاتهم أراضيَ زراعية بالولايات المتحدة، خشية تهديد الأمن الغذائي واستغلالها في التجسس.

هيمنة صينية على سوق رافعات التحميل

دخلت رافعات التحميل التي تصنعها شركة ZPMC التي نمت لتصبح لاعباً رئيسياً في مبادرة الحزام والطريق الصينية، السوق الأمريكية منذ حوالي عقدين من الزمن، حيث قدمت ما وصفه التنفيذيون في الصناعة بأنه رافعات عالية الجودة أرخص بكثير من الموردين الغربيين.

وحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، فإن الشركة تتحكم في نحو 70% من السوق العالمية للرافعات وباعت تجهيزاتها في أكثر من 100 دولة. ونقلت عن مسؤول أمريكي قوله إن الشركة الصينية تسيطر على قرابة 80% من رافعات البضائع المستخدمة بالمواني الأمريكية.

وبشكل عام يجري تسليم الرافعات الضخمة إلى المواني الأمريكية مجمعة بالكامل على السفن ويجري تشغيلها من خلال برامج صينية الصنع. وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم في بعض الحالات يتلقون الدعم من مواطنين صينيين يعملون بتأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة لمدة عامين، وهي عوامل وصفوها بأنها سبل محتملة يمكن من خلالها جمع المعلومات الاستخباراتية.

هل تعمل الرافعات كحصان طروادة؟

شبه بعض مسؤولي الأمن القومي والبنتاغون رافعات الحاويات الصينية في المواني الأمريكية بحصان طروادة. فعلى الرغم من أنها جيدة الصنع وغير مكلفة نسبياً، إلا أنها تحتوي على أجهزة استشعار متطورة يمكنها تسجيل وتتبع مصدر ووجهة الحاويات، مما يثير مخاوف من أن الصين يمكن أن تحصل على معلومات حول المواد التي يجري شحنها داخل أو خارج البلاد لدعم العمليات العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم.

وفي تصريحات لـ وول ستريت جورنال، قال المسؤول الأمريكي السابق في مكافحة التجسس بيل إيفانيا: "إن الرافعات يمكن أن توفر أيضاً وصولاً عن بُعد لشخص يسعى إلى تعطيل تدفق البضائع".

وتابع إيفانينا قائلاً: "يمكن أن تكون الرافعات بمثابة شركة هواوي الجديدة"، في إشارة إلى شركة هواوي الصينية العملاقة في مجال الاتصالات، التي حظر المسؤولون الأمريكيون معداتها فعلياً بعد تحذيرهم من إمكانية استخدامها للتجسس على الأمريكيين. وأضاف: "إنه مزيج مثالي من الأعمال المشروعة التي يمكن أن تتنكر أيضاً في صورة مجموعة استخبارات سرية".

وعلى الرغم من أن وكالة الاستخبارات الدفاعية قد أجرت تقييماً سرياً في عام 2021 ووجدت أن بكين يمكن أن تخنق حركة المرور في الميناء أو تجمع معلومات استخبارية عن المعدات العسكرية التي يجري شحنها، إلا أن المسؤولين لم يذكروا ما إذا كانوا قد وجدوا أي حالات محددة لاستخدام رافعات ZPMC في التجسس.

بارانويا التجسس

رداً على المزاعم الأمريكية، وصف ممثل عن السفارة الصينية في واشنطن مخاوف الولايات المتحدة بشأن الرافعات بأنها محاولة "مدفوعة بالبارانويا" من أجل عرقلة التعاون التجاري والاقتصادي مع الصين. وقال "إن اللعب بورقة الصين وتعميم نظرية التهديد الصيني أمر غير مسؤول وسيضر بمصالح الولايات المتحدة نفسها".

وخلال السنوات القليلة الماضية، أشار مسؤولو الأمن القومي في الولايات المتحدة إلى مجموعة من المعدات المصنعة في الصين والتي يمكن أن تسهل المراقبة أو الاضطرابات في الولايات المتحدة، بما في ذلك تطبيق "تيك توك" - الذي حُظر استخدامه في عديد من الجامعات والمؤسسات الحكومية - ومنتجات شركة هواوي وسيطرة الصين على خدمة تصنيع وتتبع حاويات الشحن، فضلاً عن مخاوف أوسع بشأن سيطرة الصين المتزايدة على المواني حول العالم من خلال الاستثمارات الاستراتيجية.

وحسب شبكة سي إن إن الأمريكية، حقق المسؤولون الفيدراليون منذ عام 2017 في عمليات شراء الأراضي الصينية بالقرب من البنية التحتية الحيوية، وأغلقوا قنصلية إقليمية رفيعة المستوى تعتقد الحكومة الأمريكية أنها معقل للجواسيس الصينيين، وعرقلوا ما اعتبروه جهوداً واضحة من أجل زرع أجهزة تنصت بالقرب من المنشآت العسكرية والحكومية الحساسة.


TRT عربي
الأكثر تداولاً