احتجاجات تصل الجيش.. ما تأثير رفض الخدمة العسكرية على الجيش الإسرائيلي؟ / صورة: Reuters (Ronen Zvulun/Reuters)
تابعنا

على مدى 28 أسبوعاً، فشلت محاولات التقريب بين الحكومة والمعارضة بشأن مشروع "قانون القضاء"، توسعت رقعة الاحتجاجات الشعبية التي عمَّت المدن الإسرائيلية لتطول الجيش وبقية الأجهزة الأمنية، وذلك بعد أن بعث 161 ضابط احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي رسالة يعلنون خلالها أنهم: "يتوقفون عن التطوع في خدمة الاحتياط" بسبب ما وصفوه بالانقلاب القضائي للحكومة الإسرائيلية، وفقاً لما نقلته صحيفة هآرتس الانجليزية.

وبينما تقول الحكومة الإسرائيلية إنّ مشاريع القوانين القضائية من شأنها الموازنة بين صلاحيات السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، ترى المعارضة إنّ من شأن إقرار هذه القوانين تحويل إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية.

من جهته، قدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعمه في أبريل/نيسان لقائد سلاح الجو الإسرائيلي، تومر بار، الذي هدد بفصل الطيارين الذين اعترضوا على الخدمة الاحتياطية بسبب الإصلاح القضائي للحكومة. وفي حين يدرك المتظاهرون أن مثل هذه الموجة من رفض الخدمة العسكرية قد تكون أهم معلم حتى الآن في كفاحهم ضد الإصلاح القضائي، يرى مراقبون وسياسيون أن مثل هذه الاحتجاجات قد تدمر الجيش الإسرائيلي.

تطورات خطيرة

يمثل رفض الضباط الخدمة في الجيش الإسرائيلي تطوراً مهماً داخل المشهد العسكري والمجتمعي للبلاد. في حين أنها تمثل حالياً نسبة صغيرة نسبياً من إجمالي الأفراد العسكريين، فإن أفعالهم تحمل وزناً رمزياً وتسهم في توسع رقعة الاحتجاجات لتطول المؤسسة العسكرية والأمنية، مما قد يؤثر بالسلب في كفاءة الجيش الإسرائيلي ومعنوياته وتماسكه.

وفي مقال نشره على موقع نيوز 12، قال اللواء اسحق باريك: "في حروب إسرائيل، قاتل المقاتلون الدينيون والعلمانيون، واليساريون واليمينيون، والرجال والنساء، والدروز واليهود جنباً إلى جنب. كل هذا سيتوقف بمجرد دخول التمرد إلى الجيش. هذا سيحدث في عديد من الوحدات، في سلاح البحرية وسلاح الجو والسلاح البري وسيشمل الجيش بأكمله".

وأضاف باريك قائلاً: "بالنسبة إلى أولئك الذين ما زالوا لا يفهمون، حتى قبل أن يرفض الطيارون وضباط الأرض التجنيد في خدمة الاحتياط، لم يكن الجيش الإسرائيلي مؤهلاً للحرب الإقليمية القادمة، وعليه وعلينا جميعاً أن نستيقظ". مشيراً إلى أن رفض التجنيد، إذا تحقق، سيؤدي إلى حالة من الضرر التي لا يمكن إصلاحها في الجيش.

وحذر باريك، الذي خدم في سلاح المدرعات قائد لواء وفرقة وقائداً للكليات العسكرية، من أن هذه حالة دمار شامل لا سبيل للتعافي منها، لذلك يجب على المستوى الأمني والسياسي إيجاد صيغة تمنع هذه العملية. مضيفاً أن إذا تحقق رفض الخدمة عملياً فإنه سيؤدي إلى تفكك الجيش نهائياً.

انقسام ملموس

في ظل المخاوف التي يعبّر عن المسؤولين والخبراء تزامناً مع اتساع ظاهرة رفض خدمة الاحتياط العسكرية وانعكاساتها السلبية على تماسك الجيش وكفاءته، وفيما تستعد القوات الجوية الإسرائيلية لزيادة محتملة في عدد الطيارين والملاحين المقاتلين في الاحتياط الذين يرفضون الحضور إلى الخدمة احتجاجاً على جهود الحكومة لإصلاح النظام القضائي في البلاد، يبدو أن حكومة اليمين المتطرفة مصممة على المضي قدماً بإقرار مشاريع قوانين التعديلات القضائية.

فيما قال نتنياهو في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة مطلع الأسبوع الجاري: "في الديمقراطية يخضع الجيش للحكومة المنتخبة وليس العكس، بينما في النظام العسكري تكون الحكومة تابعة للعسكر، أو بشكل أكثر دقة لمجموعة داخل الجيش". وأضاف: "هذا هو الاختلاف الأساسي بين الديمقراطية والنظام العسكري، التحريض على رفض الخدمة، ورفض الخدمة مخالفان للديمقراطية وللقانون". مشيراً في الوقت ذاته إلى أن حكومته ستتخذ الإجراءات ضد هذا التمرد.

بالمقابل، قال القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية تامير هايمن: "نحن في أيام مصيرية للمجتمع الإسرائيلي وأيضاً لمستقبل الجيش، جيش الشعب". وحذر هايمن في تغريدة على تويتر الاثنين من أن الجيش "معرض لخطر جسيم وملموس من التفكيك".

هل تذهب إسرائيل باتجاه الاقتتال الداخلي؟

يقول الكاتب في صحيفة هآرتس العبرية سامي بيرتس إن "إسرائيل تذهب باتجاه الاقتتال الداخلي الشديد الذي سيكون ضحاياه كثر، مشيراً إلى أن نتنياهو لا يفكر رغم ذلك بإيقاف تشريعات تعديل القضاء أو حتى التوصل إلى تسوية لتخفيف حدة التشريعات".

ويضيف: "الخطر الأكبر هو ما يتهدد الجيش الإسرائيلي، بيان وحدات الاحتياط حول رفض الخدمة يؤكد ازدياد مظاهر رفض الخدمة بصفوف الجيش، بعض هذا الرفض واضح والبعض الآخر يبدو أنه يخطط له بالخفاء إذ رُصد بعض حالات عدم الحضور للخدمة بذرائع كثيرة منها التقارير الطبية، وثمة مخاوف من تفشي الظواهر وصولاً إلى صفوف جنود الخدمة الدائمة بالجيش".

وقال إن "تفكك الجيش سيكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد والدولة ".

وأضاف: "تفكك الجيش سيكون له تداعيات أبرزها ستطول أولئك الذين يتركون ساحات النضال للجيش، مثل نقابة العمال ورجال الاقتصاد، هؤلاء هم الذين يجب أن يقودوا الاحتجاجات والصراع على الديمقراطية وأن يتجندوا بكل قوتهم إلى جانب المواطنين"

TRT عربي
الأكثر تداولاً