هل تدير السعودية ظهرها إلى الغرب وتتقارب مع الصين ؟ (Pool/Reuters)
تابعنا

منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، والدول الغربية تسارع لإثبات نجاعة عقوباتها الاقتصادية في ثني موسكو عن عملياتها العسكرية. عقوبات تبدو إلى الآن بعيدة عن التأثير المباشر على القرار الروسي، إلا إذا جرى تحريك النفط واستخدامه سلاحاً في المعركة.

ومع رفض الدول الخليجية النفطية الكبرى الإذعان لمطالب الغرب بقيادة واشنطن. فضّلت كل من السعودية والإمارات الحفاظ على إنتاجهما النفطي في المستوى الحالي، وبالتالي التسبب في خسائر لموسكو المحاصرة اقتصادياً.

فيما تظهر مؤشرات جديدة تقارباً سعودياً صينياً يتبلور في ظل هذه الضغوطات الغربية، ذلك ما كشفته له تقارير إعلامية. كما أشارت إليه خطوات ملموسة لقادة الرياض، آخرها كان دعوتهم الرئيس الصيني لزيارة مرتقبة للبلاد.

مؤشرات تقارب

على رأس مؤشرات التقارب السعودي الصيني ما كشفت عنه جريدة "وول ستريت جورنال" يوم الاثنين من دعوة رسمية وجهتها الرياض إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ لإجراء زيارة قريبة للمملكة.

وذكرت وول ستريت جورنال أن السعودية تعتزم تكرار الاستقبال الحار الذي قدمته للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2017 عندما زار المملكة في أول رحلة خارجية له كرئيس. ونقلت عن مسؤول سعودي قوله إن "ولي العهد وشي صديقان مقربان وكلاهما يدركان الإمكانات الهائلة لعلاقات أقوى"، مضيفاً أن "الأمر لا يقتصر على أنهم يشترون النفط منا ونحن نشتري الأسلحة منهم".

في خطوة أخرى تؤشر على ذلك التقارب، كشفت نفس الصحيفة في تقرير آخر، بأن الرياض تجري مشاورات مع الصين لتسعير بعض من صادراتها النفطية باليوان، في خطوة يتوقع أن تؤثر على سيادة الدولار في أسواق النفط العالمية، وتعد مؤشراً على توجه أكبر مصدّر للخام في العالم نحو آسيا.

وحسب الصحيفة، فإن هذه المشاورات بدأت منذ حوالي ست سنوات، إلا أنها شهدت نمواً بشكل خاص خلال العام الحالي. فيما تعد الصين أحد الزبائن الكبار لنفط المملكة، حيث أنها تبتاع 25% من الإنتاج السعودي.

وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة الأنباء السعودية، أن ولي العهد محمد بن سلمان وقع، يوم الخميس، اتفاقية صادرات بيتروكيماوية مع شركة تكرير صينية، بلغت قيمتها 10 مليارات دولار. ذلك خلال جولة آسيوية لوفد يضم كبار المسؤولين التنفيذيين لشركة أرامكو المملوكة للدولة.

هل أدارت الرياض ظهرها لواشنطن؟

"الصين صديق جيد وشريك للسعودية" هكذا علّق شي جين بينغ يوم الخميس خلال توقيع بلاده صفقات نفطية مع المملكة. صداقة على ما يبدو أنها سائرة نحو أن تصبح وثيقة أكثر، خصوصاً في الظروف الحالية التي تعيشها الساحة السياسية الدولية.

فبخصوص الهجوم الروسي على أوكرانيا، تتقاطع المصالح الصينية والسعودية في نقاط عديدة، أهمها رفض الرياض دفع تكلفة عقوبات الولايات المتحدة لموسكو من عائداتها النفطية بزيادة إنتاجها وخفض الأسعار في السوق العالمية.

فيما تعد الصين أحد الحلفاء الاستراتيجيين لروسيا، وأدانت هي الأخرى العقوبات الاقتصادية عليها، مشككة في مدى نجاعتها. كما يمكن لبكين أن تصبح المنفذ الوحيد للاقتصاد الروسي، هذا ما بدأت فعلاً بتطبيقه بعد أن أسقطت الرسوم الجمركية عن صادرات موسكو من القمح.

وسبق لوزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن أكد هذه المساعي بقوله: "نحتفظ بجزء من احتياطياتنا من الذهب والعملات الأجنبية باليوان الصيني (...)، وأعتقد أن شراكتنا مع الصين ستظلّ تسمح لنا بالحفاظ على التعاون الذي حققناه، ولن نحافظ عليه فحسب، بل سنعزّزه في مناخ تُغلَق فيه الأسواق الغربية".

بالمقابل تعيش العلاقات السعودية الأمريكية فتوراً كبيراً منذ أن سكن الديموقراطي جو بايدن البيت الأبيض، لاهتمامه بملف الاتهامات الموجهة للسعودية بارتكاب جرائم حرب في اليمن، وانتقد ولي العهد السعودي بعد أن أشارت تقارير الاستخبارات الأمريكية. ما تمت ترجمته على الأرض في العراقيل التي عرفتها اتفاقات التسليح الأمريكي للرياض.

TRT عربي