هل تستردّ ألمانيا ميناء هامبورغ؟ / صورة: AFP (Axel Heimken/AFP)
تابعنا

بعد أن أثارت كثيراً من الجدل عند توقيعها أول الأمر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تدرس الحكومة الفيدرالية الألمانية التراجع عن صفقة بيع حصة من ميناء هامبورغ للشركة الصينية كوسكو، وهو ما كشفته تقارير كثيرة، آخرها تقرير داخلي لوزارة الاقتصاد الألمانية نشره موقع "بوليتيكو" الأمريكي.

ويقول التقرير إن نية التراجع هذه تعود إلى خروقات ارتكبتها الشركة الصينية في استصدار التصاريح الأمنية لعملها في الميناء، بعد تَعرُّض المستشار الألماني أولاف شولتز لانتقادات كبيرة من أعضاء في حكومته، لموافقته على عملية البيع تلك.

ألمانيا تدرس استرداده

يتهم التقرير الداخلي لوزارة الاقتصاد الألمانية، الذي نشرته بوليتيكو، شركة كوسكو الصينية بارتكابها خروقات في التصريح بميناء هامبورغ كبنية تحتية حيوية، بما يفرض عليها حماية خاصة من السلطات الألمانية، وهو تصريح تفرض السلطات الألمانية على الشركة المشغلة للميناء تجديده سنوياً، ومن دونه يكون استغلال المنشأة حدث بشكل غير قانوني.

وقال التقرير إن كوسكو ماطلت لسنة في طلب التصريح، كما جادل بأن صفقة توسعة حصة الشركة الصينية، في أوكتوبر/تشرين الأول الماضي، عُقدَت نظير الضغط عليها للتصريح بالميناء كبنية تحتية حيوية.

وكان مكتب أمن المعلومات الألماني اعتبر أنّ ميناء هامبورغ من المؤسسات والشركات ذات الأهمية الخاصة على "المجتمع العام" ويُعتبر بنية تحية حيوية، وفي حالة الفشل والضعف قد تحدث اختناقات مستدامة في العرض، واضطرابات كبيرة في السلامة العامة، وقد تتسبب في عواقب مأسوية أخرى، وفق ما نشرته.

وحسب تقرير بوليتيكو، أُخطرَت وزارة الاقتصاد رسميّاً بنتائج التدقيق الذي أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي في بداية أبريل/نيسان الجاري. مع ذلك كان من المفترض أن يكون مشغّل الميناء قد حصل على تصنيف البنية التحتية الحيوية مرة أخرى في أبريل/نيسان 2022، وهو ما لم يحدث.

في هذا الصدد صرحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: "لدينا الآن حالة مفادها أن أولئك الذين كان ينبغي لهم الإبلاغ بوضوح، صرحوا بشكل غير صحيح (...)، لذلك طالب مكتب أمن المعلومات بوضوح بمراجعة هذا القانون، وسنفعل ذلك الآن بصفتنا الحكومة الفيدرالية".

وأوردت تقارير إعلامية أخيراً أنّ وزارة الدفاع الأمريكية اعتبرت التكنولوجيا الصينية في المواني الأمريكية مثل الرافعات وأنظمة الكومبيوتر الخاصة بها خطراً أمنياً محتمَلاً، ووفقاً لذلك يأتي القلق من إمكانية وصول الأجهزة السرية الصينية إلى معلومات حساسة حول نقل البضائع العسكرية للعمليات الأمريكية أو إلى الدول الحليفة عبر تكنولوجيا المعلومات في المواني التي تستحوذ على حصص تشغيل فيها.

صفقة بمعارضة كبيرة

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعطت الحكومة الألمانية الضوء الأخضر للمضي قدماً في الصفقة الصينية للاستحواذ على 24.9% من حصة الشركة المشغّلة لميناء هامبورغ "HHLA"، رغم معارضة وزير الاقتصاد روبيرت هايبك، وتنديد وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك بالخطوة التي "قد تضع البلاد تحت طائلة الابتزاز الصيني".

ووقتها، حذّر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي يقود زيارة إلى كييف في هذه الأثناء، من الصفقة، بقوله: "علينا أن نتعلم من الدروس، وأن نتعلم الدرس يعني أن علينا تقليل التبعيات أحادية الجانب كلما أمكن، وهذا ينطبق على الصين على وجه الخصوص".

وعلى الجانب الأوروبي ناشد رئيس الوزراء الإيطالي وقتها ماريو دراغي الزعماء الأوروبيين: "يجب أن لا نكرّر حقيقة أننا كنا غير مبالين ومتسامحين وسطحيين في علاقاتنا مع روسيا". وأضاف في تلميح إلى نظيره الألماني: "تلك التي تبدو كعلاقات تجارية، هي جزء من الاتجاه العامّ للنظام الصيني، لذا يجب معاملتها على هذا النحو".

في السياق ذاته دعت سانا مارين، رئيسة وزراء فنلندا سابقاً، الاتحاد الأوروبي للعمل مع جميع الديمقراطيات ضدّ صعود الصين، مشددة على أنه "ينبغي أن لا نبني هذا النوع من التبعيات الاستراتيجية والحرجة على الدول الاستبدادية".

TRT عربي