"تطويق الحدود".. كيف تحاول أمريكا محاصرة الصين عبر جيرانها؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

في الوقت الذي تحاول فيه إعادة تأكيد نفوذها في المنطقة وسط جهد أوسع لمواجهة تدخل صيني عسكري محتمل في تايوان، الجزيرة التي تدعي بكين أنها جزء من أراضيها، تهدف الولايات المتحدة إلى زيادة العلاقات مع حلفائها الاستراتيجيين جنوب شرقي آسيا وتعزيز العلاقات التي توترت في السنوات الأخيرة.

وبينما تسعى الولايات المتحدة لتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع اليابان وكوريا الجنوبية، تحسباً لأي مواجهة محتملة مع الصين في المحيطين الهادئ والهندي، تعمل في الوقت نفسه على زيادة وجودها العسكري في الفلبين، والوصول إلى أربعة مواقع أخرى وتعزيز دور الدولة الواقعة جنوب شرقي آسيا شريكاً استراتيجياً رئيسياً لواشنطن في بحر الصين الجنوبي في حالة نشوب صراع مع بكين حول تايوان.

ومن بين الحلفاء الخمسة للولايات المتحدة في آسيا، تكتسب اليابان والفلبين أهمية خاصة نظراً إلى قربهما الجغرافي لتايوان، إذ تقع جزيرة "إيتبايات" في أقصى شمال الفلبين على بعد 93 ميلاً فقط، وفقاً لما أوردته صحيفة نيويورك تايمز.

عودة الجيش الأمريكي إلى الفلبين

تعتبر الفلبين أقدم حليف للولايات المتحدة في آسيا. وتعمل واشنطن على تعزيز وجودها في هذا البلد بعد تدهور العلاقات خلال فترة ولاية الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي التي استمرت ست سنوات، ووصلت إلى نهايتها العام الماضي.

والخميس الماضي، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد جيه أوستن صفقة لمنح الجيش الأمريكي حق الوصول إلى أربع قواعد أخرى في الفلبين، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى تسعة. الأمر الذي يجعل من الفلبين شريكاً استراتيجياً رئيسياً لواشنطن في المنطقة في حالة نشوب صراع مع الصين حول تايوان.

ويسمح الاتفاق لواشنطن بنشر معدات عسكرية وبناء منشآت في تسعة مواقع في جميع أنحاء الفلبين، وهي المرة الأولى منذ 30 عاماً التي سيكون فيها للولايات المتحدة مثل هذا الوجود العسكري الكبير في البلاد.

بالمقابل، اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ يوم الخميس الولايات المتحدة بإعلانها تهديد السلام والاستقرار الإقليميين. وقالت: "من منطلق المصلحة الذاتية، تواصل الولايات المتحدة تعزيز انتشارها العسكري في المنطقة بعقلية محصلتها الصفرية، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم التوتر في المنطقة ويعرض السلام والاستقرار الإقليميين للخطر". وأضافت: "يجب على دول المنطقة أن تظل يقظة ضد هذا وأن تتجنب الإكراه والاستخدام من الولايات المتحدة".

صراع أمريكي صيني على إندونيسيا

لا تزال بكين تحظى بالأفضلية في صراع التودد إلى إندونيسيا، الدولة المليئة بالموارد التي يبلغ عدد سكانها قرابة 300 مليون نسمة، والتي تعد الجائزة الكبرى في المعركة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في آسيا.

تقع إندونيسيا عبر الحافة الجنوبية لبحر الصين الجنوبي. وبفضل موقعها الاستراتيجي، مع حوالي 17000 جزيرة تمتد على آلاف الأميال من الممرات البحرية الحيوية، يعد الوجود فيها ضرورة دفاعية إذ يستعد الطرفان لصراع محتمل على تايوان.

وحسب نيويورك تايمز، فعلى الرغم من أن إندونيسيا أظهرت خطاً قوياً ضد الصين في ستينيات القرن الماضي، وذلك عندما اندلعت صراعات مسلحة بين عصابات مكونة من مجموعات عسكرية وشبه عسكرية ودينية ضد الحزب الشيوعي الإندونيسي وراح ضحيتها ما لا يقل عن نصف مليون شخص، فإن التقاء المصالح السياسية بين قادة البلدين، فضلاً عن الاستثمارات الصين المليارية في البنية التحتية لإندونيسيا أسهم في ترجيح كفة بكين جزئياً على حساب واشنطن.

عودة الاهتمام الأمريكي بالمحيط الهادئ

بعد توقيع جزر سليمان اتفاقية أمنية سرية مع الصين في عام 2022، وعلى الرغم من غياب دام أكثر من 30 عاماً، فتحت الولايات المتحدة سفارة في دولة جزر سليمان الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مطلع فبراير/شباط الجاري، في سعي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية في المحيط الهادئ في إطار مواجهة الصين، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

وسبق أن استضاف الرئيس الأمريكي جو بايدن في سبتمبر/أيلول الماضي قادة جزر المحيط الهادئ في قمة واشنطن التي تعهد فيها بالمساعدة في درء "الإكراه الاقتصادي" الصيني، ووعد بالعمل بجدية أكبر مع الحلفاء والشركاء لتلبية احتياجات سكان الجزر.

وعلى صعيد متصل، أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا في سبتمبر/أيلول 2021 إنشاء حلف عسكري يحمل اسم أوكوس لـ "حماية مصالحها" في المحيطين الهادئ والهندي أمام النفوذ الصيني هناك. وهو ما أثار امتعاضات عدَّة، على رأسها الصين التي رأت فيه بداية "حرب باردة" جديدة.

TRT عربي