تابعنا
تعمل تركيا بشكل مستمر من خلال الجهود المباشر لمؤسساتها الإغاثية ومن خلال التنسيق مع منظمات وهيئات وجمعيات حكومية وأهلية باليمن لمد يد العون للمحتاجين لتخفيف معاناتهم وسد احتياجاتهم الضرورية في بلد يشهد أسوأ أزمة إنسانية بالعالم.

،فقد بات أكثر من ثلثَي سكان اليمن وفق الأمم المتحدة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية فضلاً عن انهيار القطاع الصحي وتفشي الأمراض ونزوح أكثر من 3.3 مليون شخص.

وتأتي حملات الإغاثة ضمن سلسلة من جهود الحكومة والمؤسسات التركية منذ اندلاع الحرب في اليمن، إذ أطلقت حملات عدة منذ ديسمبر/كانون الثاني 2015 عبر "الهلال الأحمر التركي" والوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا". 

مساعدات متنوعة وعمل متواصل 

تقدم المنظمات الإغاثية التركية العديد من المساعدات الإنسانية خلال سنوات الحرب الست باليمن، ومنها ما قدمته مؤخراً الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (TİKA) لدعم القطاع الصحي على مكافحة انتشار كورونا، بإطلاق برنامج تدريبي لعدد 360 عاملاً في المجال الصحي بأربع محافظات يمنية حول كيفية مواجهة الفيروس، حسب وكالة الأناضول. 

كما قدمت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) مساعدات طبية لمكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة مأرب ومستشفى "الحياة" بمحافظة حضرموت شملت مستلزمات حماية للعاملين بمراكز عزل مواجهة كورونا.

وأوضح منسق المشاريع الصحية بفرع جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية اليمنية، الشريك المحلي في حضرموت محمود باجبير، أن "الدعم يأتي ضمن استجابة منظمات المجتمع المدني لنداء إنساني أطلقته المؤسسات الصحية باليمن لمواجهة كورونا". كما وزعت الهئية عدد 1759 أسطوانة أكسجين على 24 مركزاً صحياً بمحافظة تعز. 

ومنذ 2018 كثفت تركيا تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب باليمن، عبر هيئة الإغاثة الإنسانية التركية التي أعلنت آنذاك تقديم مساعدات إنسانية للمحتاجين في مدن مأرب والجوف وسيئون. كما افتتحت الهيئة التركية ووكالة التنسيق والتعاون التركية عدد 11 مركزاً صحياً في اليمن بقدرة استيعابية 250 ألف مريض سنوياً، وأنشأت العشرات من المراكز الصحية في مختلف المحافظات، إضافة إلى العديد من المشاريع الإغاثية والتنموية.

وفي يوليو/تموز 2017 أبحرت من ميناء إسكندرون جنوبي تركيا سفينة مساعدات إنسانية إلى اليمن، في إطار حملة أطلقها الرئيس أردوغان بعنوان "كن الأمل"، بالتعاون مع إدارة الكوارث والطوارئ، ومنظمة الهلال الأحمر التركيتين. حملت السفينة على متنها 10 آلاف طن من الدقيق ومستشفيين ميدانيين و100 كرسي متحرك ومواد إغاثية أخرى. 

وقال نائب رئيس الوزراء التركي حينها ويسي قايناق خلال حفل وداع السفينة إن "تركيا تمد يدها دوماً للمظلومين وستبقى كذلك". مضيفاً أن "تركيا ترفض كل مُسببات المجاعة والجفاف والحرب الأهلية وحرب الوكالات التي تعصف باليمن". وأشار إلى أن بلاده "كانت ترغب في إرسال مساعدات إنسانية إلى اليمن منذ فترة، لكنها لم تتمكن من الحصول على إذن لدخول ميناء عدن"، وفق وكالة الأناضول.

كما يعمل في اليمن العديد من المنظمات الإغاثية التركية عبر شركاء محليين ومنها "جمعية الرباط التركية"، و"جمعية الحق للإغاثة"، و"منظمة آفاد" و"جمعية "دنيز فنري" و"وقف الديانة التركي" و"جمعية سبع سنابل" غيرها من المنظمات الإنسانية التي تطلق حملات جمع تبرعات من وقت إلى آخر وإرسالها إلى المحتاجين في اليمن.

الصعوبات والعراقيل

وبالنظر إلى طبيعة العمل الإنساني بأماكن الصراع، لم يخلُ الحجم الكبير لعمل المنظمات الإغاثية التركية باليمن من صعوبات ومخاطر كان آخرها وأخطرها على وجه التحديد ما تعرض له المسؤول بالهلال الأحمر التركي علي جان بوداك من اعتداء مسلح من قبل مجهولين في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن في 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

وبدورها أعلنت وزارتا الخارجية التركية واليمنية في بيانين منفصلين إدانتهما للهجوم، وتأكيدهما ضرورة إلقاء القبض على الجناة في أقرب وقت ممكن وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع وفقاً للقانون. 

وأكد الموقع اليمني "المصدر أونلاين" أن هذه الحادثة جاءت بعد أسبوعين من تعرُّض المسؤول ذاته مع مسؤول تركي آخر ومترجم يمني للاعتقال لساعات من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي أطلقت سراحهم في وقت لاحق.

وأكد موقع "الخليج أونلاين" أن قوات ما يسمَّى "الحزام الأمني" المدعومة إماراتياً اعترضت مطلع يوليو/تموز 2017، مشفى ميدانياً مقدماً من منظمة إغاثية تركية لمحافظة تعز جنوب غربي البلاد، قبل أن تسمح له بالمرور لاحقاً، وفي 2015 عقب طرد الحوثيين من مدينة عدن رفض الإماراتيون استقبال مساعدات إغاثية تركية، وظلت على متن السفينة أكثر من 10 أيام في عرض البحر، بحجة أنها "تركية وغير مرغوب فيها".

تشويه ممنهج واتهامات باطلة 

لجأت السعودية والإمارات خلال السنوات الماضية إلى تشويه صورة الأعمال الإغاثية التركية في اليمن، عبر العديد من وسائل الإعلام التابعة لها. ومن تلك الأعمال ما نشره موقع "ميدل إيست أونلاين" الممول إماراتياً باتهام تركيا بأنها "تسعى لاختراق اليمن من بوابة المساعدات الإنسانية". كما نشرت قناة "سكاي نيوز" الإماراتية فيلماً وثائقياً تحت اسم "الوعد الكاذب"، قالت فيه إن "تركيا ترسل إلى اليمن السلاح بدلاً من الخبز وإنها لا تقدم أي مساعدات إنسانية لليمن".

وفي وسائل الإعلام السعودية قالت صحيفة "عكاظ" إن المنظمات الإغاثية التركية "لا تقدم خدماتها بدافع إنساني مثل المنظمات الدولية والجهود الإماراتية والسعودية بل تعمل لخدمة أهداف الرئيس أردوغان". 

وفي يوليو/تموز 2017 تناقلت وسائل إعلام يمنية مدعومة إماراتياً ما أعلنته قوات المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني المدعوم إماراتياً، من أن السفينة الإغاثية التركية بميناء عدن تحمل مواد منتهية الصلاحية، وهو ما نفته لاحقاً السلطات المحلية الرسمية في الميناء. 

ورداً على تلك الاتهامات يقول الباحث اليمني عادل دشيلة في تصريح خاص لـTRT عربي: "إن الاستهدافات المتكررة للبعثات التركية الإنسانية لها أهداف سياسية، والغرض منها تضييق الخناق عليها من أجل مغادرتها الأراضي اليمنية لتبقى المناطق الجنوبية اليمنية وعلى وجه التحديد مدينة عدن وما جاورها مناطق مغلقة للإمارات وأذرعها المسلحة". 

ويضيف: "إن مثل هذه الاتهامات لا أساس لها خصوصاً أن المسيطر على اليمن هو التحالف العربي. كذلك فإن الاتهامات ضد تركيا تأتي في إطار الحملة الممنهجة ضدها من قِبل الإمارات وأذرعها. إن علينا أن ندرك أن من يسيطر على المناطق التي وقع فيها استهداف بعثة الهلال الأحمر التركي وجُرح إثرها أحد موظفيها تقع تحت سيطرة التحالف والمليشيات الانفصالية التابعة له، مما يعني تحمُّل هذه الأطراف المسؤولية القانونية عن كشف منفذ الجريمة". 

وعلى خلاف وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية، نجد أن الإعلام التركي الرسمي يغطي الأحداث في اليمن بشكل لا يتعارض مع رؤية الحكومة الشرعية، فلا يزال الإعلام التركي يطلق اسم "مليشيات" على مقاتلي جماعة "الحوثي" التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014، وينقل تصريحات مسؤولي الحكومة الشرعية بشكل مستمر. 

وكنتيجة للتعبئة والتحريض الإعلامي الإماراتي-السعودي يُستهدف ممثلو المنظمات الإغاثية والعمل الإنساني، وهذا ما يؤكده الصحفي والناشط اليمني بشير الحارتي في تغريدة على تويتر قائلاً: "موظف الهلال الأحمر التركي ضحية تحريض وسائل إعلام الإمارات ومليشيات الانتقالي في عدن".

ويقول المغرد اليمني عبد الشافي النبهاني: "من يتذكر حادثة استهداف أحد أفراد طاقم الصليب الأحمر في تعز وقتله كان وراء الجريمة أحد المطلوبين الأمنيين من جماعة أبو العباس المدعومة إماراتياً وها هي الإمارات تكرر فعلتها في عدن بحق موظفي الهلال التركي باستخدام أدوات أخرى لا تقل قذارة عن سابقتها". 

ويقول الدكتور هشام كمال في تغريدة على تويتر: "يبدو أن الإمارات تصعّد حملاتها الرامية إلى منع أي وجود تركي -ولو في المجالات الخيرية- باليمن، فبعد توقيف مسؤول بالهلال الأحمر التركي جرت محاولة اغتيال لمسؤول بالمنظمة نفسها، وهو الأسلوب الخسيس الذي تتبعه الإمارات في اليمن عبر مرتزقتها منذ 2015 وكذلك في الصومال". 

لقاءات رسمية تفند الأكاذيب الإماراتية 

منذ اندلاع حرب اليمن بسبتمبر/أيلول 2014 أيدت تركيا الحكومة الشرعية والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي زار أنقرة لأول مرة بفبراير/شباط 2016 للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وعلى مستوى الداخل اليمني وفي خطوة هي الأولى من نوعها منذ انقلاب الحوثيين، وصل نائب وزير الداخلية التركي إسماعيل جكتلا في 14 يناير/كانون الثاني 2019 إلى العاصمة المؤقتة عدن الواقعة تحت الهيمنة الإماراتية بأول زيارة رسمية لمسئول تركي رفيع، التقى خلالها في لقاءات منفصلة رئيس الحكومة الشرعية معين عبد الملك ونائبه وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري ووزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح، وفق وكالة "سبأ" اليمنية للأنباء.

وخلال اللقاءات التي أجراها جكتلا باليمن أكد موقف الحكومة التركية الدائم الداعم للحكومة الشرعية، وضرورة إحلال السلام باليمن المرتكز على المرجعيات الثلاث المتفق عليها إقليمياً ودولياً، منوهاً بأن اليمن يحظى دوماً باهتمام القيادة التركية. مشيراً إلى صدور توجيهات مباشرة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتكليف فريق تركي التواجد في اليمن لرصد الاحتياجات التي تتطلب تدخلاً إغاثياً وإنسانياً سريعاً. مؤكداً أن هدف الزيارة يتمحور حول تقييم الاحتياجات في المجال الإنساني وتعزيز مستوى الترتيب والتنسيق لتنفيذ عدد من المشاريع الإغاثية. 

وثمَّن رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك جهود الحكومة التركية لدعم اليمن على مختلف الأصعدة. مشيداً بحجم الدعم الذي تقدمه بمختلف المجالات الإغاثية والإنسانية، من خلال الهيئات الإغاثية ممثلة بالوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) والهلال الأحمر التركي. مؤكداً أن ذلك سيظل محل تقدير وترحيب واعتزاز من جانب الحكومة والشعب اليمني. 

وتجدر الإشارة هنا إلى حرص المسؤولين الأتراك على عقد لقاءات رسمية بشكل مستمر مع المسؤولين في الحكومة الشرعية اليمنية على خلاف ما تقوم به المنظمات الإماراتية التي تعادي الشرعية وتدعم تنظيمات ومليشيات مسلحة تعمل ضد الحكومة الشرعية. كما تتركز أعمال المساعدات التركية في المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة للحكومة الشرعية فقط، حرصاً منها على علاقاتها الرسمية وعدم دعمها لأي جهات غير رسمية أو مليشيات انقلابية. 

ونخلص من خلال ما طرحناه في هذا المقال إلى أن الدور التركي في اليمن يساهم في تقوية الحكومة الشرعية ويساعدها على تأدية مهامها وتعزيز دورها في مواجهة سياسة الإضعاف التي تتعرض لها من قِبل الإمارات التي لم تعد تحركاتها مقبولة على الأراضي اليمنية وبلغ الغضب الرسمي والشعبي ضدها ذروته. 

TRT عربي