مجلس النواب الليبي الذي يتخذ من طبرق مقراً له يقر قانون الانتخابات البرلمانية القادمة  (Onayli Kisi/Kurum/AA)
تابعنا

قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات المقررة يوم 24 ديسمبر/كانون الأول من العام الحالي، تعيش ليبيا على وقع انقسام سياسي حاد، بين حكومة الوحدة الوطنية وبرلمان طبرق، خاصة منذ محاولة سحب الثقة من عبد الحميد الدبيبة في خطوة مفاجئة.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ يتواصل الانقسام بين المعسكرين، الغرب والشرق، حول القانون المنظم للانتخابات والذي تختلف وجهات نظر الفريقين تجاهه، ورغم ذلك اختار مجلس النواب المضي فيه دون محاولة التوصل لاتفاق مشترك.


تزامناً مع ذلك، يتهيأ المتمرد خليفة حفتر للموعد الانتخابي كمرشح محتمل، إذ خلع بزته العسكرية بصفة وقتية منذ فترة، فُهم منها أنها محاولة لإعلان الترشح، فيما يرى معظم قادة الغرب الليبي أن ترشحه هو بمثابة إنهاء للعملية الديمقراطية ويفتح صفحة جديدة من الصراع، وهو السبب الرئيس للخلاف على القانون الانتخابي.

تعبيد الطريق لحفتر؟

قبل يومين، أقر مجلس النواب الليبي الذي يتخذ من طبرق مقراً له قانون الانتخابات البرلمانية القادمة بعد أن أحال في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، قانون انتخابات الرئاسة إلى مبعوث الأمم المتحدة الخاص بليبيا، بعد إقراره من قبل مجلس النواب، وهو يتضمن 77 مادة توضح اختصاصات الرئيس وشروط وإجراءات الترشح والاقتراع.

لم يلق هذا الخبر الترحاب لدى طرابلس، إذ سارع المجلس الأعلى للدولة الليبي رفض هذا الإجراء معتبراً إياه خرقاً للاتفاق السياسي، وهو ما قد يعطل موعد الانتخابات.

ورغم ذلك أكد الناطق باسم برلمان طبرق عبد الله بلحيق أن المجلس صوّت على مشروع القانون "مادة مادة" خلال جلسة الاثنين، مضيفاً أن المجلس سبق وأن أصدر قانون الانتخابات الرئاسية "وأوفى بالتزاماته بشأن الإعداد للانتخابات المقبلة".


ولم يوضح بليحق نص قانون الانتخابات البرلمانية بشكل مفصل، لكنه قال إن انتخاب مجلس النواب القادم "سيكون بعد ثلاثين يوماً من انتخاب رئيس البلاد بشكل غير متزامن".
وأكد أن الانتخابات التشريعية ستجرى في يناير/كانون الثاني، بعد شهر على الاستحقاق الرئاسي، وذلك "حرصاً من مجلس النواب على إجراء انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب نظراً لما مرت به البلاد خلال السنوات الماضية في ظل عدم وجود رئيس منتخب من الشعب"، مضيفاً أن جهود مجلس النواب تركزت على ضرورة إنجاز الانتخابات الرئاسية للوصول بالبلاد إلى الاستقرار".

وتعد هذه الخطوة على عكس ما جرى الاتفاق عليه حول إجراء متزامن للانتخابات التشريعية والرئاسية خلال الحوار الوطني، وهو ما يثير مخاوف من إمكانية التأثير على الانتخابات التشريعية إذا أُجريت الرئاسية قبلها.

وتثير المادة 12 من القانون جدلاً واسعاً؛ لأنها تمنح الراغب بالترشح، سواء كان مدنياً أو عسكرياً، حق الترشح دون أن يستقيل من عمله، وتسمح له بالعودة إلى منصبه إن خسر، وهو ما اعتبره منتقدون تمهيداً لترشح المتمرد خليفة حفتر.

وبدا أن المادة صيغت لتلائم خليفة حفتر، الذي بادر في 23 سبتمبر/أيلول إلى "تجميد مؤقت" لمهامه العسكرية ونقل قيادة قواته إلى عبدالرزاق الناظوري الذي يشغل أيضاً منصب رئيس أركان للقوات التي يقودها.

وفي وقت سابق قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، إنه لن يسمح بترشح حفتر مشدداً على أنه "إذا ترشح فستكون نهاية القضية الديمقراطية في البلاد".

خرق للاتفاق السياسي؟

لا يحمل قانون الانتخابات المصادق عليه من قبل برلمان طبرق في طياته قضية ترشح حفتر فقط، بل يرى المجلس الأعلى للدولة الليبي أنه أدار ظهره للاتفاق السياسي المبرم الوارد في الإعلان الدستوري.

وكان ‏‏‏‏الناطق باسم المجلس الأعلى للدولة محمد عبد الناصر، قد أعلن عن رفض المجلس الأعلى إقرار مجلس النوب لقانون الانتخابات البرلمانية، وقال إن المجلس الأعلى "يرفض خروقات مجلس النواب وآخرها إصداره قانون انتخاب البرلمان دون الالتزام بنص الاتفاق السياسي"، مؤكداً أن الاتفاق السياسي يلزم مجلس النواب بالاتفاق مع مجلس الدولة حول إصدار التشريعات الانتخابية.

وفيما أكد عبد الناصر خلال تغريدة على حسابه الرسمي، التزام المجلس الأعلى ودعمه لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر يوم 24 ديسمبر/كانون الأول القادم، قال إن المجلس الأعلى "يُحمّل مجلس النواب وأعضاءه المسؤولية في حال حدوث أي تأجيل أو تعطيل لموعد الانتخابات، بسبب التصرفات أحادية الجانب".

وكتب أن إصدار قانون انتخاب البرلمان جاء دون الالتزام بنص المادة 23 من الاتفاق السياسي التي تستوجب التوافق بين المجلسين حول هذا القانون.

وكان عبدالناصر يشير إلى الاتفاق السياسي الليبي الذي وقع في الصخيرات بالمغرب عام 2015.

ورغم محاولة البعثة الأممية رأب الصدع بين الفريقين، خلال جمعهما قبل أسبوع في المغرب للتوصل إلى اتفاق، إلا أنه يبدو أن المحاولة قد فشلت، بخاصة مع إقدام البرلمان في طبرق على خطوته التصعيدية والتي قد تعطل المسار الانتخابي برمته.

TRT عربي - وكالات