صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء، لجندي روسي يشارك في تدريبات عسكرية في موسكو (Uncredited/AP)
تابعنا

يتوجّس العالم خلال الأسابيع الماضية من غزو روسي وشيك للأراضي الأوكرانية الشرقية، لا سيّما بعد حشد موسكو فى الأشهر الأخيرة ما يزيد من 100 ألف جندي على طول الحدود الأوكرانية ونقلها دبابات وعتاد عسكري غرب أراضيها.

كما نشرت وزارة الدفاع الروسية الأربعاء، مقطع فيديو لإقلاع المقاتلات "سوخوي-35S" من قواعد عسكرية روسية، وهبوطها بمطارات بيلاروسيا، الدولة المجاورة المتاخمة لأوكرانيا أيضاً، في إطار "التدريبات المخصصة لاختبار رد الفعل لقوات دولة حليفة"، بدورها توجهت سفن حربية روسية إلى "بحر بارنتس" للتدريب على حماية ممر ملاحي رئيسي في الدائرة القطبية الشمالية.

ويحذّر مراقبون من وضع إنساني وأمني متأزّم حال وقوع الغزو، فيما يتكهّن آخرون بأنّ آثاراً غذائية واقتصادية كارثية ستحدث جرّاء توقّف إمدادات الحبوب والطاقة من الأراضي الروسية والأوكرانية، إضافة إلى تبعات سلبية على أسواق الأسهم العالمية، وهي تداعيات قد لا يتحمّلها العالم.

كارثة غذائية

تُعَد الأراضي الأوكرانية، لا سيّما الجزء الشرقي منها، أحد أكثر المناطق خصوبة على وجه الأرض، لذا يُطلق على أوكرانيا ولعدة قرون اسم "سلة غذاء أوروبا". وتعتبر صادرات كييف الزراعية سريعة النمو، مثل الحبوب والزيوت النباتية ومجموعة من المنتجات الأخرى، ضرورية لإطعام شعوب إفريقية وآسيوية.

وتصدّر أوكرانيا الذرة والشعير والقمح، ويُعد الأخير صاحب التأثير الأكبر على الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم. ففي عام 2020، صدّرت كييف نحو 18 مليون طن من القمح من إجمالي محصول يبلغ 24 مليون طن، ما يجعلها خامس أكبر مصدر للقمح في العالم.

وتصل محاصيل كييف من القمح إلى مختلف قارات العالم، حتّى أنّ نحو نصف القمح المستهلك في لبنان بعام 2020 هو قمح أوكراني، وجاءت هذه النسبة بـ28% لماليزيا وإندونيسيا، وـ14% بالنسبة لمصر، وفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).

ولهذه الأسباب، يتوجّس خبراء من أنّ أيّ حراك عسكري قد يعني انخفاضات حادة في إنتاج القمح وهبوطاً حاداً في صادرات القمح الأوكراني، حيث يفرّ المزارعون من القتال، وتُدمّر البنية التحتية والمعدات الزراعية بفعل الحرب.

أزمة طاقة

توفّر روسيا نحو 35% من واردات الغاز الطبيعي في أوروبا، وتصل غالبية تلك الواردات إلى القارة العجوز عبر خطوط أنابيب تعبر بيلاروس وبولندا ومنها إلى ألمانيا، إضافة إلى خط "نورد ستريم 1"، والذي يصل مباشرة إلى ألمانيا، وغيرها من الدول الأوروبية عبر أوكرانيا.

وحسب تصريحات مسؤولين غربيين، فإنّ جزءاً من العقوبات المحتملة الّتي يعتزم الغرب فرضها على موسكو حال غزوها الأراضي الأوكرانية، سيتضمّن وقف خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الجديد من روسيا. وذلك بهدف ضرب "اقتصاد روسيا الأحادي"، حسب تعبير مسؤول أمريكي لصحيفة "وول ستريت جورنال" الثلاثاء.

وفي هذه الحالة ستصبح العقوبات سلاحاً ذا حدّين، إذ يحتاج الاقتصاد الروسي إلى عائدات النفط والغاز على الأقل بنفس القدر الذي تحتاجه أوروبا إلى إمدادات الطاقة الروسية. فيما نقلت وكالتا رويترز وبلومبيرغ عن مسؤولين أمريكيين أنّ الولايات المتحدة تعمل على تأمين إمدادات الطاقة لأوروبا عن طريق قطر كبديل سريع للغاز الروسي، وأنّ هذا هو السبب وراء لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في العاصمة الأمريكية واشنطن، المزمع إجراؤه الاثنين.

كساد اقتصادي

ترتبط عديد البنوك الأوروبية والأمريكية بالسوق الروسية نظراً لأنّ لديها عملاء روسيين أقرضتهم نحو 65 مليار دولار، حسب بيانات بنك التسويات الدولية (BIS). الأمر الذي سيضع تلك البنوك تحت ضغط مالي لتعثّر محتمل في تحصيلهم مستحقاتهم من المُقرَضين الروس حال اندلاع الحرب.

ويتوقّع اقتصاديون أنّ الاقتصادين الروسي والأوكراني سيلحق بهما ضرّر بالغ حال وقوع غزو روسي، حيث يعاني كلاهما بالفعل تقلّصاً وكساداً، كما انخفضت قيمة عملتيهما عالمياً جرّاء العقوبات والتوتّرات الجيوسياسية المتلاحقة.

ويتوقّع أن تسبّب العقوبات الّتي قد تفرضها واشنطن حال الغزو الروسي لأوكرانيا، الّتي تحدّث عنها مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى عن أنّها ستشمل حظر تصدير منتجات إلكترونية ومعدات وبرمجيات دقيقة إلى روسيا بهدف ضرب القطاعات الصناعية الروسية الحيوية، وهو ما سينعكس سلباً على الاقتصاد الروسي.

TRT عربي