خسرت الرهان.. كيف فشلت أمريكا في استمالة الهند كحليف لمواجهة الصين؟ / صورة: AFP (Jim Watson/AFP)
تابعنا

لطالما سعت الولايات المتحدة لكسب الهند كحليف استراتيجي بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة نفوذ الصين المتزايد. وعلى مدى العقدين الماضيين راهنت واشنطن بقوة على أن معاملة الهند كشريك رئيسي بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ سيساعد الولايات المتحدة في تنافسها الجيوسياسي مع الصين، وفق ما أوردت مجلة فورين بوليسي.

وقد شكّل صعود الصين كقوة عالمية تحدياً كبيراً للولايات المتحدة التي سعت لمواجهة نفوذ الصين المتنامي بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ. كانت إحدى الطرق التي كانت الولايات المتحدة تأمل تحقيقها هي تأمين الهند كحليف رئيسي في المنطقة.

ومع ذلك ورغم سنوات من الجهود منذ جورج دبليو بوش، فشلت أمريكا في كسب الهند كشريك قوي. في الواقع يبدو أن العكس هو الذي يحدث مع تقارب الهند مع الصين في السنوات الأخيرة. إذن، لماذا فشلت الولايات المتحدة في كسب الهند كحليف في مواجهتها مع الصين؟

أصل الحكاية

في الأيام الأولى لاستقلال الهند، كان يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها حليف محتمل، لكن توترات الحرب الباردة وسياسة الهند بعدم الانحياز أدت إلى إحداث شرخ بين البلدين. لم تبدأ الولايات المتحدة في تقديم مبادرات جادة تجاه الهند حتى التسعينيات، معترفة بالقوة الاقتصادية والعسكرية المتنامية للبلاد.

كانت إحدى نقاط التحول الرئيسية في العلاقة بين الولايات المتحدة والهند توقيع الاتفاقية النووية المدنية بين الولايات المتحدة والهند عام 2008. ومهدت هذه الاتفاقية التاريخية الطريق لزيادة التعاون بين البلدين بعدد من المجالات، بما في ذلك الدفاع والتجارة والتكنولوجيا. إذ أعرب كثيرون عن أملهم أن تكون الاتفاقية بمثابة أساس لشراكة استراتيجية أعمق بين البلدين. ومع ذلك على الرغم من هذه الاتفاقية كافحت الولايات المتحدة على مر السنين لكسب الهند كحليف رئيسي في جو شابَهُ كثير من التقلبات في العلاقات بين البلدين.

وفي السنوات الأخيرة، اتخذت إدارة الرئيس جو بايدن خطوة أخرى إلى الأمام: فقد أطلقت الإدارة مبادرة جديدة طموحة لتوسيع وصول الهند إلى التقنيات المتطورة، وتعميق التعاون الدفاعي بشكل أكبر، وجعلت الرباعي (الحوار الأمني الرباعي)، الذي يشمل أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، أحد أعمدة استراتيجيتها الإقليمية.

الرهان الأمريكي

أملاً في كسب الرهان التي رفعت سقفه بأن تصبح نيودلهي رفيقة السلاح خلال بعض الأزمات المستقبلية مع بكين، وسعت واشنطن من استثماراتها في الهند، كما تغاضت عن التآكل الديمقراطي للهند وخياراتها البعيدة عن الولايات المتحدة في السياسة الخارجية، مثل رفضها إدانة هجوم موسكو المستمر في أوكرانيا.

بينما تواصل إدارة بايدن في رهانها على الهند، يرى الخبراء أنه يجب على الولايات المتحدة أن تبني سياساتها على تقييم واقعي للاستراتيجية الهندية وليس على أي أوهام بأن نيودلهي ستستجيب بشكل إيجابي عندما تطلب واشنطن خدمة خلال أزمة إقليمية تشمل الصين.

وعلى المستوى التجاري، يرى البعض أن توقعات واشنطن الحالية للهند بالصعود كقوة عظمى قادرة على موازنة الصين بشكل مستقل في غير محلها. حيث أن نقاط الضعف الكبيرة في الهند مقارنة بالصين، وقربها الذي لا مفر منه منها، يضمن أن نيودلهي لن تتورط أبداً في أي مواجهة أمريكية مع بكين لا تهدد أمنها بشكل مباشر. يرى الخبراء أن الهند تقدّر التعاون مع واشنطن لما يجلبه من منافع ملموسة، لكنها لا تعتقد أنه يجب عليها أن تدعم الولايات المتحدة على الأرض في أي أزمة، حتى إذا كانت تنطوي على تهديد مشترك مثل الصين، وفقاً لفورين بوليسي.

أسباب فشل الرهان

يشير الخبراء إلى عدد من العوامل التي ساهمت في هذا الفشل. واحد من أكبر الحسابات الاستراتيجية الخاصة بالهند هو أن نيودلهي لديها تاريخ طويل من عدم الانحياز وكانت مترددة في أن يُنظر إليها على أنها تتخذ موقفاً في أي صراعات جيوسياسية. بالإضافة إلى ذلك، لدى الهند مخاوفها الخاصة بشأن نفوذ الصين المتنامي في المنطقة وكانت مترددة في الانخراط بأي أنشطة يمكن اعتبارها استفزازية.

كما يوجد عامل آخر ساهم في فشل الولايات المتحدة في كسب الهند هو علاقتها المعقدة مع باكستان، عدو الهند اللدود، وكثيراً ما وجدت نفسها على الجانب الآخر من الهند بشأن القضايا الرئيسية. بالإضافة إلى ذلك، أدت تصرفات الولايات المتحدة في المنطقة، مثل تدخلاتها العسكرية في أفغانستان والعراق، إلى خلق قدر كبير من عدم الثقة بين العديد من الهنود.

TRT عربي