كيف تسعى إيطاليا لتوسيع نفوذها في إفريقيا؟ / صورة: Reuters (Remo Casilli/Reuters)
تابعنا

بعد شهور من تداوله في مكاتب الحكومة، كشفت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني الاثنين، معالم خطة استثمارية بمليارات الدولارات، أُطلق عليها اسم "خطة ماتي"، تسعى من خلالها الحكومة اليمينية الشعبوية لتوسيع نفوذها في الدول الإفريقية ولمكافحة الهجرة غير النظامية.

وكانت ميلوني قادت حملتها الانتخابية عام 2022 بوعود وخطابات مُعادية للمهاجرين، كما انتقدت السياسة الاستعمارية الفرنسية في القارة السمراء وحمَّلتها مسؤولية الظاهرة، فيما يرى محللون أن الحكومة الشعبوية الإيطالية فشلت في وعودها الانتخابية بخصوص الهجرة، وتنوي دخول التنافس الدولي على إفريقيا لاستدراك ذلك.

"صفحة جديدة" لشراكة إيطاليا-إفريقيا

وخلال خطابها في افتتاح قمة إيطاليا-إفريقيا الاثنين، أعلنت ميلوني خطتها الاستثمارية لمكافحة الهجرة غير النظامية من إفريقيا. وحضر هذه القمة نحو عشرين من الزعماء الأفارقة وكبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وممثلون عن مؤسسات الإقراض الدولية.

وقالت ميلوني: "نريد إطلاق العنان للطاقة الإفريقية من أجل ضمان حق الأجيال الشابة (...) لأننا هنا في أوروبا نتحدث كثيراً عن الحق في الهجرة، لكننا نادراً ما نتحدث عن ضمان الحق في عدم الإجبار على الهجرة".

وأوضحت رئيسة الوزراء الإيطالية أن هذه الخطة تمثل شكلاً جديداً من الشراكة بين إيطاليا والقارة الإفريقية، مشددة على أن الخطة تقوم على المنفعة المتبادلة والشراكات المتساوية، وتبتعد عن النهج "الأبوي" و"المفترس"، وتتغلب على "نموذج الدولة المانحة والدولة المتلقية".

ويعود الاسم الذي أطلق على الخطة، "خطة ماتي"، إلى إنريكو ماتي، مؤسس شركة النفط الإيطالية "إيني". وكانت ميلوني كشفت عن هذه الخطة بعد وقت قصير من تولي حكومتها اليمينية السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وأضافت الزعيمة اليمينية ، في مؤتمر صحفي سبق القمة: "إفريقيا مستعدة لمناقشة أبعاد وأساليب تنفيذ الخطة الإيطالية لإفريقيا، التي كنا نأمل أن يجري التشاور بشأنها (...) علينا الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.. ستدركون جيداً أنه لم يعد بإمكاننا الاكتفاء بوعود بسيطة لا يجري الوفاء بها في كثير من الأحيان".

وفي رد فعل على الخطة، قال رئيس المفوضية الإفريقية موسى فكي محمد، إن دول القارة كانت ترغب في التشاور معها قبل أن تقدم إيطاليا خطتها. وأضاف: "نحن في حاجة إلى نقلة نوعية ونموذج جديد للشراكة (...) إفريقيا لا تريد أن تمد يدها.. نحن لسنا متسولين".

ماذا نعرف عن "خطّة ماتي"؟

وقالت جورجيا ميلوني إن الخطة الاستثمارية التي تعتزم إيطاليا إطلاقها في إفريقيا، باسم "خطة ماتي"، ستبلغ قيمتها الأولية أكثر من 5.5 مليار يورو (نحو 6 مليارات دولار)، بما في ذلك الضمانات العامة لمشروعات الاستثمار.

وحسب وكالة رويترز، سيجري تطوير هذه الخطة الإيطالية على أساس خمس ركائز رئيسية: التعليم والتدريب، والزراعة والصحة والماء والطاقة. وتعد الركيزة الأخيرة هي أكثر ما يهم رئيسة الوزراء الإيطالية، إذ تسعى لتحويل بلادها إلى مركز للطاقة في وقت كانت تفطم فيه أوروبا نفسها عن الغاز الروسي.

وأدرجت ميلوني مجموعة من المشاريع التجريبية الصغيرة في مختلف القطاعات، ومنها مركز للتدريب على الطاقة المتجددة في المغرب، ومشروع إعادة تطوير المدارس التونسية، وتحسين الرعاية الأولية للأمهات والأطفال في ساحل العاج.

هذا بالإضافة إلى دعم المزارعين في شمال مصر، وتطوير قطاع الوقود الحيوي، ومشروع مراقبة الزراعة في الجزائر، والعمل على شبكات المياه في جمهورية الكونغو، وفق ما عدّدت رويترز.

نفوذ يخدم مصالح الحكومة الشعبوية

وتسعى ميلوني لاستخدام هذه المليارات أداةً لمكافحة الهجرة غير النظامية، وهو ما يثير مخاوف لدى المعارضة من هذه الخطة، خصوصاً أن حكومتها فشلت في الوفاء بوعودها الانتخابية بشأن مكافحة هذه الظاهرة، ويواجه حزبها (إخوة إيطاليا) اختباراً صعباً خلال الانتخابات الأوروبية القريبة.

وقال النائب أليساندرو ألفيري، زعيم مجموعة الحزب الديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الإيطالي: "نخشى أن يستخدم رئيس المجلس خطة ماتي فرصة لمنح الأموال للدول الإفريقية لاحتجاز المهاجرين".

من ناحية أخرى، فعَيْن روما طامعة في الموارد الطاقية التي تزخر بها القارة السمراء، سواء تلك الأحفورية أو المتجددة. ويذكر أن إيطاليا تتزود بـ40% من حاجتها إلى الغاز من إفريقيا.

ولا تختلف وجهة نظر ميلوني عن تلك التي لدى إنريكو ماتي، صاحب الخطة والمسماة باسمه. وحسب الباحثة والنائبة الإيطالية ليا كواتربيلي، فإن "ماتي اعتبر أن إفريقيا ساحة تنافس جديدة بين الشرق والغرب". وأضافت النائبة أن إيطاليا "لم تعالج قط ماضيها الاستعماري"، وهو ما يمنح ميلوني "أرضاً خصبة لتأطير خطة ماتي"، بالرغم "من عدم وجود أي دلائل على أنها ليست خطة استعمارية مفترسة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً