زيارة بوتين بيلاروس.. هل تُنذِر بهجوم مزدوج جديد على أوكرانيا من الشمال؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

بعد ساعات من شنّ موسكو غارة كبيرة أخرى لتدمير البنية التحتية في العاصمة كييف، سافر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العاصمة البيلاروسية مينسك الاثنين، لمناقشة التعاون العسكري الوثيق مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وفقاً لما أوردته صحيفة الغارديان البريطانية.

وتزامناً مع زيارة بوتين النادرة التي يجريها لأول مرة منذ عام 2019، تزايدت المخاوف في كييف من أن موسكو قد تدفع أقرب حليف لها للانضمام إلى هجوم بري جديد ضد أوكرانيا، خصوصاً أن الزعيمين صرّحا علناً في مؤتمر صحفي مشترك بمينسك في وقت متأخر من يوم الاثنين، بأنهما اتفقا على مواصلة سلسلة التدريبات العسكرية المشتركة التي أثارت القلق في أوكرانيا.

وحسب مجلة نيوزويك الأمريكية، يقول كثير من التكهنات إن بوتين يحاول تشجيع لوكاشينكو بقوة لإلقاء قواته في الصراع، والاستفادة من اعتماد مينسك شبه الكامل على موسكو منذ أن ساعد الكرملين لوكاشينكو على قمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2020.

حليف استراتيجي

وصف لوكاشينكو روسيا بأنها "حليف وشريك استراتيجي" لبيلاروس، وقال إن بيلاروس لا تستطيع حماية "استقلالها بمفردها". في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلن لوكاشينكو عن "تَجمُّع إقليمي للاتحاد الروسي وجمهورية بيلاروس" لمواجهة "كل أنواع الأوغاد الذين يحاولون جرَّنا إلى قتال"، زاعماً أن أوكرانيا كانت تخطّط لشنّ هجمات على بيلاروس بالتنسيق مع شركائها من الدول الغربية.

من جهته سعى الكرملين لسنوات إلى تعميق التكامل مع بيلاروس، التي تعتمد بشدة على موسكو للحصول على النفط والقروض المخفضة.

في سياق متصل قال بوتين يوم الاثنين إنه "لا مصلحة لروسيا في ابتلاع أيٍّ كان. هذا بكل بساطة لا معنى له"، واتهم "أعداءً" غير محدَّدين بمحاولة وقف اندماج روسيا مع بيلاروس، مؤكداً الصلات الوثيقة بين البلدين "الحليفين الأقربين والشريكين الاستراتيجيين" اللذين يقاومان "بفاعليةٍ" العقوبات الغربية.

هل تشهد أوكرانيا هجوماً من الشمال؟

يعتقد قائد القوات المشتركة للقوات المسلحة الأوكرانية الفريق سيرهي نايف، أنه خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبيلاروس، سيتحدثون عن مشاركة أوسع للقوات المسلحة البيلاروسية في الحرب ضد أوكرانيا، خصوصاً الحرب البرية، وفقاً لما جاء في مقطع فيديو بُثَّ على موقع فيسبوك.

من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد، إن أوكرانيا مستعدة "لجميع السيناريوهات الدفاعية الممكنة" ضد موسكو وحليفتها. وأضاف بعد اجتماع مع أعلى قيادة عسكرية في أوكرانيا: "حماية حدودنا، مع كل من روسيا وبيلاروس، هي أولويتنا الدائمة. نحن نستعدّ لجميع السيناريوهات الدفاعية الممكنة".

ولطالما اتهم المسؤولون الأوكرانيون مينسك بالتخطيط لعمليات هجومية عبر الحدود المشتركة، حيث أمضت قوات الحدود الأوكرانية شهوراً في تحصين مواقعها وتعدين الطرق وتدمير الجسور. قد يسعى الهجوم الروسي-البيلاروسي الافتراضي للسيطرة على كييف أو القيادة جنوباً إلى غرب أوكرانيا، في محاولة لقطع طرق الإمداد العسكرية الغربية المؤدية إلى كييف.

وفي أوكرانيا أجبر التهديد البيلاروسي كييف على الاحتفاظ بقوات على طول الحدود بدلاً من نشرها في أكثر الأجزاء حرارة من الخطوط الأمامية في جنوب وشرق البلاد، حيث حذّر المسؤولون من أن موسكو تستعد لشن هجوم جديد تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى للمحاولة الروسية للسيطرة عل كييف في مارس/آذار الماضي، وذلك ضمن مساعي بوتين لأن يعطي الشعب الروسي بعض الرؤية للنجاح بعد عام كامل من الحرب.

هل تشارك بيلاروس في هجوم مزدوج على كييف؟

حسب معهد دراسة الحرب ISW، عملت بيلاروس كـ"محارب مشترك" في الهجوم الروسي المستمرّ على أوكرانيا، فزوّدَت موسكو بنقاط انطلاق للتشكيلات العسكرية المهاجمة، ومنحت مطاراتها لضربات الصواريخ والطائرات المسيرة، وفتحت قواعدها العسكرية للإسكان و تدريب القوات الروسية، والمستشفيات لعلاج الجرحى من الجنود الروس.

وبينما قال أندري يوسوف المتحدث باسم المخابرات العسكرية الأوكرانية إن زيارة في أوائل ديسمبر/كانون الأول أجراها وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، الذي سافر إلى بيلاروس مرة أخرى الاثنين لمرافقة بوتين، ربما تضمنت دفع لوكاشينكو للانضمام إلى الحرب، ذكرت وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف نفى هذه المخاوف ووصفها بأنها "لا أساس لها من الصحة" و"غبية".

حسب نيوزيك، قِلّة يتوقعون أن يلقي لوكاشينكو بقواته في أوكرانيا، خصوصاً أن المستنقعات والغابات على طول الحدود الأوكرانية-البيلاروسية ستشكّل نفس المشكلات للوحدات البيلاروسية كما فعلوا مع التشكيلات الروسية التي تعثرت ودُمّرت هناك في الربيع.

فيما ذكر تقرير حديث لـISW أن الجيش البيلاروسي أُضعفَ على الأرجح بسبب دعمه اللوجستي للهجوم الروسي وأن بين الوحدات البيلاروسية حماساً ضئيلاً لمواجهة نفس المصير الذي يواجهه نظراؤهم الروس الأفضل تدريباً وتجهيزاً الذين عانوا بشدة في ساحات القتال الأوكرانية.

TRT عربي