قائد روسي كبير يقول إن لدى الكرملين خطط للعبور إلى ترانسنيستريا الانفصالية شمالي مولدوفا (Sergei Gapon/AFP)
تابعنا

بعد شهرين من انطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا، صرَّح قائد المنطقة العسكرية الوسطى في روسيا، رستم مينكاييف، بأن لدى الكرملين خططاً للعبور إلى ترانسنيستريا الانفصالية شمالي مولدوفا، كجزء من استراتيجية لإنشاء ممر بري إلى شبه جزيرة القرم التي احتلها الروس في 2014.

وحسب وكالة الأنباء الروسية "تاس"، قال ميناكييف خلال اجتماع لصناعة الدفاع في منطقة سفيردلوفسك الروسية: "السيطرة على جنوب أوكرانيا هي طريق آخر إلى ترانسنيستريا، حيث حقائق تشير إلى اضطهاد السكان الناطقين بالروسية". وأضاف أن بلاده في حرب "ضد العالم" وأنه حتى "لو لم نكن نحن من بدأها، فنحن الذين سنهيها".

وترى روسيا أن دخول الإقليم امتداد لخطتها بالسيطرة على الشريط الساحلي لأوكرانيا، كما دعم الانفصاليين هناك ذوي الأغلبية الروسية، كما كبح انضمام مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي بعد تقديم طلب رسمي بذلك شهر مارس/ آذار الماضي. غير أن هذه الخطوة قد توسع دائرة الحرب، وتهدد بتحويلها إلى حرب عالمية مع احتمال كبير لدخول الناتو والاتحاد الأوروبي على خط المواجهة.

عيون موسكو على مولدوفا

أعلنت ترانسنيستريا انفصالها عن مولدوفا بعيد استقلال البلاد عن الاتحاد السوفييتي، كونها عكس باقي التراب المولدوفي فالإقليم الواقع شمالي البلاد أغلبية سكانه من الروس والأوكرانيين. وعلى غرار ما حدث سابقاً في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الجورجيتين ويحدث في الدونباس الأوكراني، تبرر روسيا طموحها في ترانسنيستريا بالدفاع عن الأقلية الروسية التي تعاني الاضطهاد حسب زعمها.

بالمقابل، يعود الوجود العسكري الروسي في ترانسنيستريا إلى سنة 1992، حيث وضعت موسكو هناك ما يقدر بـ 1500 من جنودها كـ "قوات حفظ السلام". هذا وبحسب شبكة "دويتش فيله" الألمانية، رفض المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف التعليق على ما إذا كانت روسيا قد حددت أهدافاً إضافية في ترانسنيستريا، كما رفض التعليق على الطريقة التي ترى بها موسكو المستقبل السياسي لجنوب أوكرانيا.

ومنذ منتصف مارس/ آذار الماضي، تسعى القوات الروسية إلى السيطرة على مدينة أوديسا وعزل أوكرانيا عن ساحل البحر الأسود، بعد أن نجحت في إسقاط خيرسون في قبضتها. غير أن تقدمها في هذا المسعى يبقى رهين نجاحها في معركة ميكولايف التي لا تزال تقاوم. وحسب موقع "World Politics Review" الأمريكي فإنه "إذا استولت القوات الروسية على أوديسا في الأيام المقبلة، فيمكنها الاعتراف رسمياً باستقلال ترانسنيستريا مع ضمها إلى منطقة أوديسا تحت الاحتلال العسكري الروسي".

تهديد حرب عالمية؟

واستدعت الخارجية المولدوفية السفير الروسي لديها لإبلاغه احتجاج البلاد على تصريحات قائد المنطقة العسكرية الوسطى للجيش الروسي. وقالت الخارجية في بيان إنها أعربت عن قلقها العميق وطالبت باحترام سيادة أراضيها.

وتعد ترانسنيستريا نقطة خلافية كبيرة بين موسكو وكيشيناو، وسبق للحكومة المولدوفية أن عارضت الوجود العسكري الروسي، وطالبت رئيسة البلاد، مايا ساندو، بجلائه في أكثر من مرة منذ توليها مقاليد الحكم سنة 2020. كما اعتبر الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، في تصريح له أن: "روسيا تنتهك وحدة أراضي مولدوفا بوجود قواتها في ترانسنيستريا".

وأثار حضور السفير الروسي في ديسمبر/كانون الثاني الماضي حفل تنصيب رئيس الجمهورية غير المعترف به في ترانسنيستريا امتعاض مولدوفا، التي ردت في بيان لخارجيتها قالت فيه: "تعد الانتخابات الرئاسية المزعومة في منطقة ترانسنيستريا غير شرعية ومنافية لأسس مولدوفا الدستورية. وزارة الخارجية والتكامل الأوروبي تنظر إلى مشاركة رئيس البعثة الدبلوماسية الروسية في مثل هذه الأعمال على أنها خطوة غير ودية".

وفي 3 مارس/ آذار الماضي، وقَّعت رئيسة مولدوفا طلباً رسمياً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقالت ساندو، قبل رفع وثيقة الطلب موقعة أمام كاميرات الإعلام: "لقد استغرق الأمر 30 عاماً حتى تصل مولدوفا إلى مرحلة النضج، لكن البلد اليوم مستعد لتحمل المسؤولية عن مستقبله". مضيفة: "نريد أن نعيش في سلام ورخاء وأن نكون جزءاً من العالم الحر".

خطوة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ترى فيها روسيا دخول دول الاتحاد السوفييتي سابقاً إلى الاتحاد الأوروبي تهديداً لأمنها القومي. غير أن الحالة المولدوفية تختلف عن نظيرتها الأوكرانية، فمع طلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سعياً للحماية المباشرة من دوله، ستظل تواجه مشكلة أنه لا وجود لآلية استجابة فورية لطلبها ذاك. عكس مولدوفا التي يمكنها أن تنضم فوراً إليه، إذا ما وافقت على توحيد أراضيها مع الأراضي الرومانية عبر استفتاء سريع. بل وستمكنها هذه الخطوة كذلك من الانضمام إلى الناتو الذي تعد رومانيا عضواً فيه منذ 2004.

وبدأت مولدوفا مناقشة هذه الفكرة فعلياً حتى قبل اندلاع الهجوم الروسي على أوكرانيا. وصرَّحت وقتها رئيسة البلاد، مايا ساندو، بأن "عديداً من سكان مولدوفا يريدون الاتحاد مع رومانيا وبذلك يندمجون مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".

TRT عربي
الأكثر تداولاً