أواخر التسعينيات، تورطت شركة "سيمنس" الألمانية في فضائح فساد مالي باليونان.  (DPA)
تابعنا

في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وعندما كانت أثينا تستعد لاحتضان ألعابها الأولمبية عام 2004، كانت عملية فساد مالي تطبخ خلف الأبواب المغلقة في مكاتب مسؤولي شركة "سيمنس" الألمانية والمسؤولين اليونانيين، كلفت حكومة البلاد إهدار ما يعادل 2 مليار يورو من المال العام.

وانتظرت هذه الفضيحة إلى حدود عام 2008 لتنكشف، وإطلاق سلسلة متابعات قضائية في حق المتورطين فيها. بينما لم يطل أمد حساب هؤلاء المدانين، حتى جرى إطلاق سراحهم الشهر الماضي، ما أثار موجة غضب عارمة في أوساط اليونانيين، الذين نقموا على حكومتهم لفشلها في استرداد المال المهدور.

إفراج وموجة غضب

وأفرجت السلطات اليونانية، يوم الاثنين 26 سبتمبر/أيلول الماضي، عن 20 متابعاً في فضيحة الفساد المالي المرتبطة بـ"سيمنس" الألمانية، من بينهم الرئيس السابق للشركة. ذلك بعد أن أدينوا عام 2019، وحكم عليهم بعقوبة السجن لنحو 15 سنة.

وأرجعت المحكمة قرارها بالإفراج عن المدانين إلى قانون التقادم الذي يميز القضية، التي يعود أول تحقيق فيها إلى عام 2004.

وأثار هذا القرار موجة امتعاض كبيرة في أوساط اليونانيين، الذين اختار معظمهم وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن ذلك الغضب. بالمقابل كتبت صحيفة "كاثيميرني" المحلية، أن القرار خلّف "طعماً مراً" في نفوس اليونانيين، وأنه دليل آخر عن "عجز النظامين السياسي والقضائي عن إنهاء تحقيق استمر ستة عشر عاماً"، في قضية "ليست للأسف استثناءً من القاعدة، حيث تحول الضغوطات السياسية دون محاسبة المتورطين في الفضائح ذات الطابع المالي".

من جهتها ذكرت صحيفة "دوكيمانتا" اليونانية، أن قرار الإفراج عن المتهمين في الفضيحة بمثابة "استفزاز" للشعب اليوناني، الذي تحمَّل سنوات من التقشف جراء الفساد المالي للسياسيين. وغرد عضو البرلمان الأوروبي اليوناني جيورجوس كيرتسوس، بأن "تبرئة المتهمين في فضيحة شركة سيمنس تعزز صورة النظام الغارق في الفساد، حيث الكل ينهب الخزينة العامة والفائدة ويغسل الأموال".

تفاصيل فضيحة "سيمنس"

في أواخر التسعينيات، أعلنت شركة الاتصالات المملوكة للحكومة اليونانية "OTE" عن عروض لتطوير شبكتها بالبلاد، تزامناً مع تحضيراتها لتنظيم الألعاب الأولمبية التي احتضنتها العاصمة أثينا صيف 2004. هذه الصفقة التي فازت بها شركة "سيمنس" الألمانية بشكل غير مشروع، عبر رشوة مسؤولين حكوميين وشخصيات ذات نفوذ سياسي في اليونان.

ودفعت الشركة أكثر من 100 مليون يورو كرشاوى لشخصيات في الأغلبية والمعارضة، بخاصة في حزب "PASOK" الذي كان يقود الحكومة وقتها. ولم تنكشف القضية إلا في حدود 2008، حينما وجه النائب العام تهماً بتلقي رشاوى وغسل الأموال لمسؤولين في "سيمنس" اليونان، على رأسهم مديرها السابق ميكاليس كريستوفوراكوس، وذلك عقب تحقيق سري دام سنتين.

وأثارت هذه الفضيحة زوبعة سياسية، وأعلن البرلمان اليوناني في 2008 عن تشكيل لجنة تحقيق للبث فيها. وأقرت اللجنة بأن عملية الفساد تلك كلَّفت الحكومة اليونانية حوالي مليارَي يورو مهدرة من المال العام.

ولم يصدر الحكم في القضية إلا في عام 2019، حين حكمت المحكمة الابتدائية بأثينا على المتهمين فيها بالسجن 15 سنة. بمن فيهم المدير السابق للشركة، الذي لم يقض يوماً واحداً خلف القضبان، بعد أن فر إلى ألمانيا قبل أن تلقي السلطات اليونانية القبض عليه.

TRT عربي