منظمة الدفاع الجوي النرويجية "ناسامز".  (Others)
تابعنا

لليوم الرابع على التوالي، تتجد الضربات الجوية الروسية على مواقع في مدن أوكرانية، من بينها العاصمة كييف، التي شهدت يوم الاثنين قصفاً بـ"أسلحة عالية الدقة وبعيدة المدى ضد منشآت القيادة العسكرية ونظام الطاقة"، حسب ما أفادت به سابقاً وزارة الدفاع الروسية.

فيما يجمع محللون على أن هذه التطورات تمثل تحولاً مهماً في نسق الحرب، حيث انتقلت فيه موسكو من الاشتباك على الأرض، إلى القصف من بعيد باستخدام الصواريخ بعيدة المدى والمُسيّرات الانتحارية، من أجل تدمير منشآت عسكرية ومدنية أوكرانية ذات أهمية لمجهودها الحربي.

إشارة التقطها الغرب متأخراً، قياساً بعدد المطالبات السابقة للسلطات الأوكرانية بتزويدها بأنظمة دفاع جوي، لسد نقطة ضعفها المتبقية في الجو. وبعد القصف وافقت الولايات المتحدة على تزويد الجيش الأوكراني بتلك الدفاعات، حيث تعهّد الرئيس الأمريكي جو بايدن، مساء الاثنين، بتزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي "متطوّرة"، على حد وصفه.

يوم الثلاثاء، عاد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، إلى الكشف عن نوعية هذه المنظومات الدفاعية، عندما أشار بأن بلاده تعجل بشحن أنظمة صواريخ "ناسامز" النرويجية المتقدمة للدفاع الجوي إلى أوكرانيا. فيما سلمت ألمانيا إلى قوات كييف أولى شحنات منظومات دفاعها الجوي "إيريس- تي"، التي شكرها من أجلها الرئيس فلودومير زيلينسكي خلال الاجتماع الأخير لمجموعة السبع.

"ناسامز" و"إيريس- تي"

وقبل التطورات الأخيرة، كانت الولايات المتحدة تعتزم إرسال 16 قطعة من منظومات "ناسامز" لأوكرانيا، اثنتان منها بحلول نهاية السنة الجارية، حسب ما ذكر سابقاً المتحدث باسم البنتاغون الأمريكي جنيرال باتريك ريدر. فيما تعد هذه المنظومة أحد أحدث أسلحة الدفاع الجوي، والتي يجري تصنيعها منذ 1998 من قبل الشركة "كونغسبورغ" النرويجية بالاشتراك مع نظيرتها "رايثون" الأمريكية.

باللغة العسكرية، تعرف "ناسامز" على أنها نظام دفاع صاروخي أرض-جو ثابت متوسط إلى بعيد المدى، مزود بتوجيه راداري نشط. ويتكون من رادار عالي الدقة، إضافة إلى ثلاث بطاريات إطلاق من ستة قاذفات. ويمكن لهذا السلاح أن يعترض الطائرات المروحية والمُسيّرات وصواريخ كروز، كما يمكنها في حالة الاستجابة الكاملة الاشتباك مع 72 جسماً جوياً مُعادياً في وقت واحد.

من ألمانيا هذه المرة، تلقت أوكرانيا منظومة "إيريس-تي"، وهي دفاعات صاروخية متحركة أرض-جو قصيرة المدى، من تصنيع شركة "ديل ديفانس". وتتكون من رادار ومركز قيادة وثلاث بطاريات صواريخ محمولة على شاحنات، ويبلغ مدى صواريخها 40 كيلومتراً وارتفاعاً يُقدر بـ30 كيلومتراً، وبالتالي يمكنها حماية مدن متوسطة الحجم.

هذا وطورت منظومة "إيريس-تي" من أجل صد الطائرات المقاتلة والمروحيات وصواريخ كروز والمدفعية الصاروخية والطائرات المُسيّرة الانتحارية والصواريخ المضادة للرادار والقنابل.

هل تسدّ هذه المنظومات ثغرة الدفاع الجوي الأوكراني؟

لا شك في أن كلاً من "ناسامز" و"إيريس-تي" سيدعمان الدفاعات الجوية الأوكرانية، التي تعتمد بالأساس على منظومات "S-300" السوفيتية، التي أرسلت لها سابقاً من دول شرق أوروبا. لكن، حسب ما يرى محللون، لن تكون تلك الإضافة بالكبيرة، نظراً إلى نوعية تلك الأسلحة مقارنة بالقدرات العسكرية الجوية الروسية، وكذلك بالنظر إلى طول المدة الزمنية التي يستغرقها التسليم.

وأحد من هؤلاء المحللين هو أكرم خريف، المحلل العسكري الجزائري ورئيس تحرير موقع "ميناديفانس" المتخصص في تتبع أخبار الصناعات الدفاعية، الذي جزم في حديثه إلى TRT عربي بأن "منظومة ناسامز وإيريس-تي لن تقدما الشيء الكثير في حماية المواقع الأوكرانية من الضربات الروسية".

وأرجع خريف قوله ذاك إلى أن "روسيا استعملت في ضرباتها الأخيرة صواريخ خا-101 المجنحة وصواريخ كاليبر وصواريخ إسكندر، في حين قابلية اعتراض (منظومات الدفاع الجوي الغربية الممنوحة لأوكرانيا) هذه الصواريخ ضعيفة جداً، ولا تتجاوز في اعتقادي نسبة 20%"، وبالتالي "لن تمثل هذه المساعدات عقبة أمام روسيا، التي يمكنها أن تتأقلم مع هذا الوضع الجديد".

وأضاف خريف: "التحدي أمام أوكرانيا الآن لا يكمن في اعتراض الطائرات الروسية، بل القدرة على صد الموجات الصاروخية الكبرى والدرونات الانتحارية الإيرانية"، في حين "تملك أوكرانيا منظومات دفاع موروثة من العهد السوفيتي التي أثبتت منذ بداية الحرب فعاليتها".

ويعزز قول خريف تأكيد سابق لمستشار الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، بأن معظم الضربات التي تلقتها أوكرانيا يوم الاثنين كانت باستخدام صواريخ كروز بعيدة المدى، جرى إطلاقها من الأجواء الروسية. كما أظهرت عدة عمليات محاكاة ضعف أنظمة "ناسامز" في اعتراض صواريخ كروز فوق الصوتية وفرط الصوتية، المشابهة لتلك التي تستخدمها روسيا.

TRT عربي