مزاعم جديدة.. هل تتذرع واشنطن بتجنيد الأطفال لإيقاف مسيرة تركيا؟ (AA)
تابعنا

لم تكل محاولات الولايات المتحدة الأمريكية الرامية لثني تركيا عن التحرك وفق مصالحها الخاصة في ملفات إقليمية ودولية، وإيقاف مسيرتها بتحقيق أهدافها المرسومة من خلال تعزيز سيادتها واقتصادها وصناعاتها الدفاعية، وفيما تحاول الولايات المتحدة الضغط لإعادة تركيا مجدداً تحت مظلة الحماية الغربية، فإنها بلا شك تأخذ العلاقات مع أنقرة إلى طريق مسدود.

وفي السنوات الأخيرة ازدادت وتيرة المحاولات الأمريكية، تارة من خلال دعمها للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف تركيا واستضافة قادتها على أراضيها، وتارة أخرى من خلال فرض عقوبات والاعتراف بالمزاعم الأرمنية. وكان آخرها ما قامت به وزارة خارجيتها الأسبوع الماضي عندما أدرجت تركيا على قائمة الدول التي تمارس تجنيد الأطفال، الأمر الذي اعتبرته أنقرة " مثالاً صارخاً على النفاق وازدواجية المعايير".

ولم تكتف أنقرة بالتنديد وحسب بالمزاعم الأمريكية التي تدعي أن تركيا تدعم جماعات تجند الأطفال وتنقل مقاتلي فرقة "السلطان مراد" التابعة للجيش الوطني السوري إلى ليبيا وأذربيجان، بل اتهمت أنقرة الولايات المتحدة بتقديم دعم سخي للتنظيمات الإرهابية التي تقوم بتجنيد الأطفال في سوريا والعراق.

الأسباب وراء الاتهامات

من أبرز أسباب الخلاف بين أنقرة وواشنطن هو ما أظهرته تركيا في السنوات الأخيرة، من قدرتها على التحرك وفق مصالحها الخاصة في العديد من الملفات الإقليمية والدولية بعيداً عن التوجيهات الغربية، وتنفيذ عمليات عسكرية لحماية أمنها القومي، كما أكدت عزمها وإصرارها على حماية مصالحها وحقوقها من خلال تحركاتها في شمال العراق وسوريا وليبيا وشرقي المتوسط والقوقاز.

وتوسعت هوة الخلافات بين البلدين بسبب اعتراف الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن بالمزاعم الأرمينية مؤخراً، الأمر الذي اعتبرته تركيا اعتداءً صارخاً على الحقائق التاريخية، ومحاولة لإرضاء اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة الأمريكية مقابل مصالح انتخابية ضيقة على حساب المصالح الاستراتيجية للبلدين، وبالإضافة إلى ذلك، فإن ملفات دعم أمريكا لتنظيم PKK الإرهابي، والموقف الأمريكي المبهم من المحاولة الانقلابية التي عاشتها تركيا في يوليو/تموز 2016، واستضافتها لفتح الله كولن زعيم تنظيم كولن الإرهابي الذي يقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، كلها ملفات تأخذ العلاقات بين البلدين إلى منحدرات سلبية.

كما ازداد التباين بين الطرفين بعد شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الجوي الروسية "إس 400"، وذلك رداً على رفض أمريكا بيع منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" إلى تركيا، رغم مطالبة الأخيرة بشراء المنظومة أكثر من مرة خصوصاً بعد تتدهور الأوضاع الأمنية في سوريا منذ عام 2011، وما لحقه من إخراج تركيا من مشروع المقاتلة الشبحية "F 35" وفرض عقوبات أمريكية وغربية عليها.

رفض تركي قاطع

استنكرت تركيا بشكل فوري قرار وزارة الخارجية الأمريكية، الذي أدرجها ضمن قائمة الدول التي تمارس تجنيد الأطفال في تقرير عام 2021، وذلك في إطار دعمها لفرقة "السلطان مراد" التابعة للجيش الوطني السوري، مشددة على أن "هذا الأمر مثال صارخ على ازدواجية المعايير والنفاق"، ولفتت إلى أنها اعتمدت على اتهامات منظمات غير موثوقة تستند على مزاعم لا أساس لها ضد أنقرة.

وأعربت وزارة الخارجية التركية عن رفضها القاطع لصحة المزاعم التي تحمّل تركيا المسؤولية بخصوص تسليح أطفال، مؤكدة أن تركيا طرف في اللوائح الدولية الرئيسية المتعلقة بحماية حقوق الأطفال، بما فيها المعتمدة من قبل الأمم المتحدة، وأن سجلها في هذا الشأن نظيف للغاية.

وشددت الوزارة على أن "خطة عمل حقوق الإنسان" المعدة وفق رؤية "فرد حر، مجتمع قوي، تركيا أكثر ديمقراطية"، الموقعة من طرف الرئيس رجب طيب أردوغان، تعتبر مؤشراً جلياً على عزم تركيا في مكافحة فعالة ضد الإتجار بالبشر. وأكدت أن تركيا بذلت كل الجهود من أجل منع جريمة الإتجار بالبشر، ومعاقبة المجرمين، وحماية الضحايا.

واشنطن.. سجل ملوث

بعدما رفضت أنقرة بشكل قاطع الاتهامات الأمريكية، أشارت وزارة الخارجية التركية إلى أنه لا يجوز توجيه هكذا اتهامات ضد تركيا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم دعماً علنياً وعسكرياً لتنظيم PKK/PYD الإرهابي الذي يخطف الأطفال ويحرمهم من حريتهم ويجندهم قسراً في عملياته الإرهابية بسوريا والعراق، فضلاً عن استخدامه المدارس لأغراض عسكرية تحت مرأى الولايات المتحدة والأمم المتحدة والدول الأوروبية.

وأكدت الخارجية التركية أن الإدارة الأمريكية لديها ازدواجية معايير جلية، وأشارت إلى أن أمريكا هي من يدعم الأحزاب التي تجند الأطفال في أعمال إرهابية في سوريا والعراق، مشيرة إلى إن ذلك دليل على نفاق واشنطن، وأن اتهامها لتركيا اتهامات لا أصل لها من الصحة، وقالت الوزارة في البيان الذي أصدرته: "ولكن رغم ذلك، فإن عدم التطرق لهذا التنظيم في التقرير (الخارجية الأمريكية) يثير الاستغراب".

ويُذكّر التقرير الصادر عن الخارجية الأمريكية الذي يتهم تركيا، بتقرير الأمم المتحدة حول تنظيم YPG / PKK الإرهابي المدعوم من الولايات المتحدة في سوريا. وعلى الرغم من أن التقرير كشف النقاب عن تجنيد المنظمة الإرهابية المدعومة من قبل أمريكا للأطفال في الصراع المسلح، ووثق التقرير تدريب أكثر من 400 طفل على القتال ليس فقط في سوريا، بل أيضاً في العراق، وتحديداً منطقة سنجار ومخيم مخمور التابع للأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية واصلت دعمها السخي للتنظيم الإرهابي، واستمرت في تقديم المساعدات والسلاح.

TRT عربي