تابعنا
أعلن الجيش الأمريكي، مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أنّ عملية نقل الذخائر الإيرانية المصادَرة تهدف إلى مساعدة القوات الأوكرانية في اختراق الخطوط الدفاعية الروسية قبل حلول فصل الشتاء.

دعمت الولايات المتحدة أوكرانيا بأكثر من مليون طلقة من ذخيرة إيرانية صادرتها واشنطن سابقاً، وتأتي هذه المعدّات جزءاً من حزمة مساعدات أمريكية وعدت بها أوكرانيا.

ومن غير المرجح، أن تؤدي الذخيرة المضبوطة التي جرى نقلها إلى تخفيف المخاوف بشأن استمرار تدفق الأسلحة الغربية إلى كييف، في الوقت الذي لم يدرج الكونغرس أي أموال جديدة لأوكرانيا في مشروع قانون الإنفاق الأمريكي المؤقت، وسط إحجام بعض الجمهوريين المتزايد عن تقديم الأموال لكييف.

أسلحة مُصادَرة

أعلن الجيش الأمريكي، مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أنّ عملية نقل الذخائر الإيرانية المصادَرة تهدف إلى مساعدة القوات الأوكرانية في اختراق الخطوط الدفاعية الروسية قبل حلول فصل الشتاء.

ويأتي ذلك في وقت وقع فيه التمويل المخصص لأوكرانيا ضحيّةً للخلاف السياسي في مجلس النواب الأمريكي، حول قانون الميزانية الأمريكية، إذ تعارض مجموعة من الجمهوريين تقديم أي مساعدات ماليّة وعسكريّة إضافية لأوكرانيا.

وبالفعل، لم يدرج الكونغرس أيّ أموال جديدة لأوكرانيا في مشروع قانون الإنفاق الأمريكي المؤقت الذي أقرّه مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول.

ويعتقد بيتر كوزنيك، الخبير السياسي ومدير معهد الدراسات النووية في الجامعة الأمريكية بواشنطن، أنّ "الإدارة الأمريكية تهدف من خلال إرسال الذخائر الإيرانية لأوكرانيا، إلى توجيه رسالة إلى الجمهوريّين في مجلس النواب، مفادها أنّها عازمة على الاستمرار في دعم أوكرانيا في حربها ضدّ روسيا، رغم تضييقات الجمهوريين".

وفي حديثه مع TRT عربي، يقول كوزنيك إنّ الشحنة تحتوي على 1.1 مليون طلقة من الذخيرة، صادرها الأمريكيون، وكانت مخصصة للاستخدام في اليمن من الحوثيين.

ويضيف أنّ "إرسالها إلى أوكرانيا يعدُّ إجراءً مؤقتاً؛ لأنّ الكونغرس منقسم ومختلّ وظيفياً حالياً، وهي خطوة للتغلب على عدم التصويت للميزانية الحكومية الأمريكية التي تضم مقترح حزمة مساعدات لأوكرانيا تبلغ 24 مليار دولار".

تعويض لأزمة داخلية

وكانت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، قد أصدرت بياناً في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قالت فيه إنّ الولايات المتحدة "حصلت على ملكية هذه الذخائر في 20 يوليو/تموز 2023، من خلال مطالبات المصادرة التي رفعتها وزارة العدل ضدّ الحرس الثوري الإسلامي الإيراني".

وأضاف البيان أنّ القوات البحرية للقيادة المركزية الأمريكية "صادرت هذه الذخائر في الأصل من مركب شراعي معدوم الجنسية، في 9 ديسمبر/كانون الأول 2022، ونُقلت الذخائر من الحرس الثوري الإيراني إلى الحوثيين في اليمن، في انتهاك لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216".

وكانت إدارة بايدن تدرس منذ أشهر كيفية إرسال الأسلحة المضبوطة والمخزّنة في منشآت القيادة المركزية الأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى الأوكرانيين.

وخلال العام الماضي، صادرت البحرية الأمريكية آلاف البنادق الهجومية الإيرانية وأكثر من مليون طلقة ذخيرة من سفن تستخدمها إيران لشحن الأسلحة إلى اليمن.

وتستهدف عمليات الضبط -التي تنفّذ في كثير من الأحيان مع القوات الإقليمية الشريكة- إلى ضبط السفن الصغيرة معدومة الجنسية على الطرق المستخدمة تاريخياً لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن.

ويرى كوزنيك أنّ الإدارة الأمريكية تحاول تعويض الأوكرانيين عن توقّف المساعدات الأمريكية لهم، التي وعدت بأن تبلغ أكثر من 110 مليارات دولار، وتشمل الدعم الإنساني والمالي والعسكري.

ويلفت الخبير السياسي إلى أنّ "الشحنة تمثل تعويضاً لأوكرانيا عن قطع المساعدات الأمريكية لها، لكنّها في الوقت نفسه لا تعالج النقص الذي تعانيه أوكرانيا في الذخيرة المدفعية أو صواريخ الدفاع الجوي".

ويعتقد كوزنيك أن الذخائر الإيرانية محدودة الفاعليّة، إذ "ستزود عدداً من البنادق الآلية تكفي لأيام عدّة فقط، وقد صادرت الولايات المتحدة بنادق هجومية ومدافع رشاشة وقاذفات صواريخ وصواريخ موجَّهة مضادة للدبابات، تنوي شحنها إلى أوكرانيا قريباً".

توتر روسي إيراني

في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، وُقِّعت صفقة روسية إيرانيّة تبلغ قيمتها مليار دولار، تهدف إلى صنع مسيّرات إيرانية على الأراضي الروسية.

ويُقدّر عدد هذه الطائرات بنحو 6000 طائرة من دون طيار، ستُصنَع محلياً بحلول صيف عام 2025، وهو ما يكفي لتعويض النقص المزمن الذي يعانيه الجيش الروسي في المسيّرات، على خط المواجهة مع أوكرانيا.

ويرى كوزنيك أنّ البعض يعتقد خطأً أنّ إرسال الذخائر والأسلحة الإيرانية إلى روسيا قد يشكل ضغطاً على العلاقات الروسية الإيرانية، وتوتر العلاقة بينهما.

وينفي ذلك قائلاً: إنّ روسيا تدرك جيداً أنّ الأسلحة الإيرانية وصلت إلى أوكرانيا عبر واشنطن التي استولت عليها وأرسلتها بنفسها إلى أوكرانيا.

شهية "نَهْمة" للأسلحة

وأعلن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنيسكي، خلال زيارته واشنطن في سبتمبر/أيلول الماضي، أنّ كييف وواشنطن اتفقتا على بدء إنتاج مشترك للأسلحة، في خطوة ستمكن بلاده من البدء في إنتاج أنظمة دفاع جوي متطورة.

وأمضى زيلنيسكي زيارته سعياً للحصول على 24 مليار دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية الإضافية، فضلاً عن أنظمة صواريخ تكتيكية للجيش الأوكراني.

وبالتزامن مع التوصل إلى اتفاق لإنتاج الأسلحة المشتركة، كشفت الولايات المتحدة عن حزمة مساعدات بقيمة 325 مليون دولار لأوكرانيا.

وتُوفر الصفقة أنظمة صاروخيّة مدفعيّة عالية الحركة، وأنظمة دفاع جوي من طراز (Avenger)، وأنظمة (Javelin) و(AT-4) المضادّة للدروع، وأسلحة وذخائر أخرى كانت قد طلبتها أوكرانيا.

ويصف كوزنيك شهية أوكرانيا للأسلحة بأنها "نَهْمة" للغاية، ويقول إنّ الكمية الإجمالية للأسلحة من شأنها أن تحدث تأثيراً طفيفاً في شهية أوكرانيا النهمة للأسلحة، لكنّها لن ترضي حاجتها الماسة إلى مزيدٍ من الذخائر مع استمرار القتال حتى الشتاء.

ويلفت إلى أنّه في الوقت الحالي "تحاول الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي جاهدين تجميع الأسلحة التي تحتاج إليها أوكرانيا لمواصلة مقاومتها للغزو الروسي، لكن الوضع على الأرض لا يزال في حالة جمود إلى حدٍّ كبير، وهو ما لا يبشر بالخير للقوات الأوكرانية"، حسب كوزنيك.

TRT عربي