التقت ميلوني الرئيس الجزائري لأول مرة على هامش قمة المناخ في نوفمبر/تشرين الثاني في مصر / صورة: Governo Italiano (Governo Italiano)
تابعنا

من شأن زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني للجزائر إزاحة أي شكوك حول استمرار الشراكة الاستراتيجية بين روما والجزائر، بعد سقوط اليسار الإيطالي وصعود اليمين المتطرّف إلى الحكم.

ولطالما تعاملت الجزائر بحذر مع صعود اليمين المتطرّف والأحزاب الشعبوية إلى الحكم في أوروبا خصوصاً إيطاليا، إلا أنّ حجم المصالح بين البلدين، خصوصاً قطاع الطاقة، فوق أي آيديولوجيا.

لذلك فإن زيارة ميلوني مهمة للجزائر، لأنها ستحدّد معالم الشراكة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، ليس فقط في قطاع الغاز، بل أيضاً في الطاقات المتجددة وصناعة السيارات والتعاون العسكري والفلاحة والبناء والأشغال العامة.

ورغم أن هذه هي الزيارة الأولى لميلوني منذ توليها رئاسة الوزراء قبل نحو ثلاثة أشهر، فستلتقي الرئيس عبد المجيد تبون للمرة الثانية، بعد لقائهما الأول بشرم الشيخ المصرية على هامش قمة المناخ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

استراتيجية الغاز والطاقة

أهمّ ملفّ ستسعى ميلوني لبحثه مع الرئيس تبون خلال زيارتها الجزائر يومي 22 و23 يناير، ضمان زيادة تدفق الغاز بالكميات المتفق عليها المقدرة بـ9 مليارات متر مكعب، في ظل تنافس عدة دول أوروبية على التزود بالغاز الجزائري.

إذ ارتفعت إمدادات غاز الجزائر إلى إيطاليا من 21 مليار متر مكعب في 2021، إلى 25 مليار متر مكعب في 2022، ومن المرتقب أن تصل إلى 30 مليار متر مكعب بين 2023 و2024.

وتطمح الجزائر إلى رفع صادراتها الغازية من 56 مليار متر مكعب في 2022 إلى 100 مليار متر مكعب في 2023.

ويبدو هذا السقف عالياً في زمن قريب، لذلك تحتاج الجزائر إلى دعم عملاق الطاقة الإيطالي شركة "إيني"، بتكثيف استثماراتها في مجال التنقيب وإنتاج الغاز وتصديره.

ومن المرتقب أن تبحث ميلوني مع تبون مقترحه بشأن جعل إيطاليا بدلاً من إسبانيا مركزاً لتوزيع الغاز أوروبيا.

وليس مستبعَداً أن يطرح تبون مجدداً على ميلوني تصدير الكهرباء عبر إنشاء كابل بحري بين البلدين، خصوصاً أن للجزائر فائضاً لا يقلّ عن 8 آلاف ميغاوات.

تصنيع السيارات

تراهن الجزائر على التعاون مع شركة "فيات" الإيطالية لصناعة السيارات لإنجاز أول مصنع متكامل، بعد محدودية نجاح الشراكة مع رينو الفرنسية.

إذ وقّعت الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع مجموعة فيات، اتفاقاً لإقامة مشروع لتصنيع السيارات بولاية وهران (غرب).

هذا المصنع من شأنه منح الشركة الإيطالية حصة هامة من السوق الجزائرية، في ظلّ تقليص البلاد وارداتها من السيارات الجديدة منذ 2017، مما خلق طلباً فاق العرض وضخّم الأسعار.

إذ يمثّل ملف تصنيع السيارات الإيطالية بالجزائر أحد الرهانات الحقيقية لزيارة ميلوني، لتنويع الشراكة بين البلدين خارج قطاع الطاقة.

بوابة نحو إفريقيا

وتسعى ميلوني لتخوض المنتجات الإيطالية المنافسة في السوق الإفريقية من بوابة الجزائر عبر تشجيع شركاتها على الاستثمار بها، كمرحلة أولى قبل الانطلاق نحو الأسواق الإفريقية الأخرى.

في هذا الصدد يقول السفير الإيطالي بالجزائر جيوفاني بولييزي: "يمكن للجزائر أن تمثل للشركات الإيطالية بوابة أمام الأسواق الإفريقية التي تتميز بسرعة النمو".

والجزائر مهتمة بتجربة المؤسسات الناشئة (الصغيرة والمتوسطة) في إيطاليا، التي تشكّل أكثر من 90 بالمئة من نسيجها الإنتاجي.

إذ تسعى الجزائر للاستفادة من التجربة الإيطالية لتشجيع شبابها على الانخراط في إنشاء شركات ناشئة، ليس فقط بإمكانها امتصاص البطالة، بل أيضاً رفع النمو وتطوير الاقتصاد.

وتمثّل الصناعة الزراعية والصيد وتربية المائيات والصيدلة والطاقة المتجددة أكثر القطاعات التي تثير اهتمام الإيطاليين، بخاصة أن رخص تكلفة الطاقة بالجزائر يقلّص التكلفة ويزيد الأرباح.

التنسيق في الملف الليبي

وتتقارب وجهتا النظر الإيطالية والجزائرية في رغبتهما في استقرار ليبيا عبر إجراء انتخابات تُنهي أزمة الشرعية والانقسام في البلاد، رغم اختلاف أولوياتهما.

وميلوني مهتمة أكثر بمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى بلادها عبر الشواطئ الليبية، وزيادة ضخّ الغاز الليبي لتعويض الغاز الروسي.

فيما يعني استقرار ليبيا للجزائر تأمين حدودها الجنوبية الشرقية وزيادة صادراتها غير النفطية لجارتها العربية.

وكل من روما والجزائر تدعم حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ولا تعترف بحكومة فتحي باشاغا التي اختارها مجلس النواب في طبرق.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً