مَن القيادي الفلسطيني الأسير خضر عدنان؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

في بيان لها يوم الثلاثاء، أكّدت جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" ارتقاء القيادي خضر عدنان بعد أن قضى 86 يوماً مضرباً عن الطعام، في معركة أمعاء خاوية خاضها الشهيد احتجاجاً على اعتقاله إدارياً من قِبل الاحتلال الإسرائيلي، ومطالباً بالحرية.

ونعى "نادي الأسير الفلسطيني" الشهيد خضر عدنان بالقول: "بأسمى آيات العز والإباء والشموخ والكبرياء، وبمزيد من الحزن والأسى، تنعى الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال لأسرانا الأبطال ولعموم شعبنا وأمّتنا وكل أحرار العالم الشهيد الأسير القائد المجاهد/خضر عدنان، الذي جاد بروحه ثمناً للحرية والانعتاق من ربقة الذل والأسر والهوان".

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أعلنت جر الثلاثاء، بأنه جرى العثور على الأسير عدنان فاقداً الوعي في زنزانته بمعتقل نيتسان. وفي بيانها قالت مصلحة السجون الإسرائيلية: "وُجد المعتقل (خضر عدنان) الذي رفض الخضوع لفحوصات طبية وتلقي العلاج الطبي، فاقداً للوعي في زنزانته في وقت مبكر من الصباح، (إذ) أُجريت له عملية الإنعاش القلبي الرئوي ونُقل خلالها إلى مستشفى أساف هاروفيه حيث أُعلن عن وفاته".

وكان للشهيد حياة حافلة بالنضال الوطني ومقاومة الاحتلال، اعتُقل خلالها عدداً من المرات، معظمها باعتقال إداري. كما كان قد خاض ستة إضرابات عن الطعام، "خلالها حمل صوت الأسرى إلى كل أرجاء العالم، وتمكّن في كل مرة من نَيل حريّته، حتّى قرر الاحتلال في هذه المرة وبأدوات ممنهجة اغتياله عن سبق الإصرار"، وفق ما ذكره "نادي الأسير".

الشيخ، المناضل، الأسير!

وُلد خضر عدنان عام 1978 ببلدة عرابة قضاء نابلس. ومنذ شروعه في الوعي بالعالم تشرَّب قضيته الأُمّ، معاهداً نفسه على النضال، وأنهى عدنان مرحلتَي الدراسة الأساسية والثانوية العامة في مسقط رأسه، حيث اجتاز المرحلة الثانوية بتقدير جيد جداً عام 1996.

وانضم عدنان إلى المقاومة في سِنّ صغيرة، وانتمى إلى حركة الجهاد الإسلامي خلال دراسته في جامعة بيرزيت، التي تخرج فيها عام 2001 بشهادة بكالوريوس في شعبة الرياضيات.

وأبرز ما عُرف عن خضر عدنان هو التفاني في الدفاع عن حرية فلسطين، وشجاعته في المقاومة، خصوصاً الشعبية، وهو ما تشهد به حركة الجهاد الإسلامي، إذ كتبت الحركة في نعيه: "القائد المجاهد الشيخ خضر عدنان كان واحداً من الذين فتحوا طريقاً عريضاً لكل الذين ينشدون الحرية في فلسطين والعالم".

هذا ما جعل عدنان هدفاً لقوات الاحتلال الإسرائيلي، التي لاحقته بشكل دائم. وأمضى عدنان نحو 8 سنوات في سجون الاحتلال، معظمها في الاعتقال الإداري، وكان يواجه هذا الظلم في كل مرة بمعارك أمعاء خاوية، إذ بلغ عدد إضراباته عن الطعام 6 مرات.

وكان أول اعتقال له بتهمة التحريض على رشق رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان بالحجارة، لدى زيارته لجامعة بيرزيت عام 1998. وأمضى في الاعتقال عشرة أيام مضرباً عن الطعام.

وفي عام 2012 خاض إضراباً لمدة 66 يوماً، انتزع فيه حريته من الاحتلال. وخاض إضرابا آخر عام 2015 لمدة 52 يوماً، وانتزع فيه حريته. كرر الأمر مرة أخرى عام 2018 لمدة 59 يوماً ونجح كذلك في نَيل حريته من الأسْر. وفي عام 2021 أضرب لمدة 25 يوماً، ثم أُفرج عنه.

وفي 5 فبراير/شباط الماضي داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزله في مخيم جنين، واعتقلته إداريّاً بعد إهانته أمام أبنائه التسعة. وأكدت زوجة الأسير أنّ زوجها أبلغ ضابطاً بأنّه "مضرب عن الطعام والشراب والكلام" منذ اللحظة الأولى لاعتقاله.

وكان هو الإضراب الأطول الذي يخوضه، إذ تخطت مدته 86 يوماً، وارتقى إثر مضاعفاته الصحية، في "جريمة يتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عنها، (إذ) اعتقله وتنكّر لمعاناته، ومارس بحقه أبشع الجرائم مستخدماً أدواته القذرة من محاكم زائفة وأجهزة أمن إرهابية ونيابة عسكرية مجرمة"، على حد وصف بيان "الجهاد الإسلامي".

وصية أخيرة

ظل خضر عدنان وفياً لعهده، مدافعاً عن الحق الفلسطيني، حتى في آخر لحظات حياته، وبعد ارتقائه. وهو ما تحمله التركة الذي ورثها الشعب الفلسطيني في وصية أخيرة كتبها.

وأوصى عدنان عائلته بعدم السماح لأجهزة الاحتلال بتشريح جثته، وكتب: "إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي، وادفنوني قُرب والدي، واكتبوا على قبري: هنا عبد الله الفقير خضر عدنان، دعواتكم له ولوالديه والمسلمين بالرحمات".

كما خاطب الشعب الفلسطيني قائلاً: "يا شعبنا الأبيّ، أبعث إليكم بهذه الوصية تحية ومحبة، وكلي ثقة برحمته تعالى ونصره وتمكينه. هذه أرض الله، ولنا فيها وعد منه، إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا، فمهما فعل المحتلون وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم وغيّهم، فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب".

وفي أعقاب صدور نبأ الاستشهاد عمّ الإضراب الشامل اليوم الثلاثاء محافظات الضفة الغربية، فيما شهدت السجون الإسرائيلية حالة من الاستنفار. وأكدت مصادر محلية أنّ الإضراب شلّ غالبية مناحي الحياة في كل محافظات الضفة الغربية، حداداً على استشهاد خضر عدنان، إذ تعطلت المدارس والجامعات وشهدت الضفة الغربية إغلاقاً للمحال التجارية.

وكشف أن حالة استنفار شديد تسود سجن "عوفر" بعد مواجهة أحد الأسرى لأحد السجانين على خلفية استشهاد الأسير خضر عدنان، استخدمت خلالها إدارة السجن الغاز المسيل للدموع ضدّ الأسرى.

وطالبت الخارجية الفلسطينية في بيانٍ تشكيل لجنة تَقَصٍّ دولية للتحقيق في ملابسات وتفاصيل الجريمة التي استُشهد على إثرها القيادي الفلسطيني، باعتبارها جزءاً مما يتعرض له الأسرى من تنكيل واختطاف وقمع وسلب لحقوقهم وحريتهم.

TRT عربي
الأكثر تداولاً