أي دور ستلعبه المنتجات الزراعية والأسماك في التوتر السياسي بين المغرب وإسبانيا؟ (AFP)
تابعنا

في مستجد للأزمة بين الرباط ومدريد، سمحت السلطات الإسبانية لإبراهيم غالي زعيم جبهة البوليسارو الانفصالية بمغادرة أراضيها، التي دخلها أول الأمر قصد العلاج متخفياً بجواز سفر مزوَّر، قبل أن يُكشف ويُطلب بعدها للتحقيق في قضايا اغتصاب وتعذيب رفعتها ضدَّه الجالية الصحراوية بالبلاد.

جرى ذلك، حسبما أفاد موقع هيسبريس المغربي، في وقت متأخر من ليلة الثلاثاء، وهو متوجه صوبَ الجزائر "بعدما رفض قاضي التحقيق فرض إجراءات منعه من السفر أو سحب جواز سفره أو وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي". وأورد ذات المصدر، نقلًا عن جريدة "إلباييس" الإسبانية، أن "إسبانيا أبلغت مصادر دبلوماسية مغربية مسألة مغادرة إبراهيم غالي التراب الإسباني".

فيما يزيد ذلك سلسلة التوترات الأخيرة بين البلدين الجارين، التي لطالما كان الجانب الاقتصادي غير مهمل منها، فكيف يمكن أن تلعب الصادرات الزراعية المغربيَّة دوراً في التصعيد إذا ما حاولت الرباط استخدام هذه الورقة للضغط؟

ظلال أزمة السياسة على الاقتصاد

إسبانيا هي الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، برقم مبادلات تجارية يعادل 15 مليار دولار. في المقابل فإن المغرب بالنسبة إلى الاقتصاد الإسباني، الذي يستقر أكثر من ألف شركة إسبانية على أراضيه، بابه الوحيدة والأقرب إلى إفريقيا.

يشير خبراء إلى أن أكثر من 20 ألف شركة إسبانية متضررة من تضرر العلاقات المغربية-الإسبانية، وتأمل عودتها إلى مجاريها، حتى تتمكن من التتحرك من جديد في إفريقيا والمنطقة.

وفي حوار لموقع Maroc Diplomatique، صرَّح المحلل الاقتصادي المغربي نبيل عادل بأنه "سيحدث إبطاء لعجلة الاستثمار بين البلدين، لكن هذا لن يشمل الاستثمارات التي أُمضيَت عقودها قبل الأزمة أو الموجودة على الأرض الآن"، ويتابع المتحدِّث قائلًا: "لكن في ما يتعلّق بالاستثمارات الجديدة يمكن لهذه الأزمة إن طالت وتطورت أن تعرقلها بشكل نهائي".

ورجح موقع هيسبريس في مقال، أن "الأمور لن تتطور إلى قطيعة بين المغرب وإسبانيا". ولفت على لسان مهدي فقير، المحلل الاقتصادي المغربي، إلى أن "بعض الشركاء الأوروبيين يتعامل بكثير من التحفظ مع هذه الأزمة بين المغرب وإسبانيا.

هل حان دور الأسماك والطماطم؟

على رأس واردات إسبانيا من السلع المغربيَّة المنتجات الفلاحية والسمكية، إذ تمثل واردات هذه المواد الغذائية المغربية نحو 47% من حجم استيراد إسبانيا من خارج دول السوق الأوروبية المشتركة، و33% من إجمالي مشتريات إسبانيا في النصف الأول من العام الماضي.

كما يؤكد موقع "الصحيفة" المغربي أنه "طوال فترة كورونا ارتفعت صادرات الخضراوات والفواكه المغربية نحو إسبانيا بنسبة هامة"، فخلال الأشهر الستة الأولى من 2020 استوردت إسبانيا من المغرب ما يعادل 358.3 ألف طن من هذه المنتجات الزراعية.

الصيد البحري أيضاً من الشراكات الاقتصادية المهمة بين البلدين، فضمن 110 سفن صيد يشملها الاتفاق المغربي-الأوروبي للصيد البحري، 92 إسبانية، بما يجعل الاتفاق من أساسه مُعَدّاً لصالح الصيادين الإسبان. الشيء الذي يفسر ضغط لوبي هؤلاء الصيادين على الاتحاد من أجل توقيع الاتفاق سنة 2018، في الوقت الذي شابت فيه مفاوضاته انسداداً كبيراً.

أما اتفاقية الصيد البحري، فسبق للمغرب أن أبان بوضوح عدم رغبته في تجديدها، وحصلت أزمات متعددة بسببها وصلت عام 1994 إلى حدّ إقدام الصيّادين الإسبان على منع عبور السلع المغربية المصدَّرة إلى أوروبا بأراضي بلادهم. وعلى مدى الأعوام الماضية استمر المغرب في تجديد الاتفاقية "بصفة استثنائية".

رأي صيَّادي المغرب

بالنسبة إلى صيادي المغرب، فإن إبطال الاتفاقية هو أمل لطالما حلموا به، نظراً إلى المنافسة الكبيرة للأسطول الأوروبي على خيرات السواحل المغربية، فحسب لعربي مهيدي، رئيس الكونفديرالية المغربية للصيد الساحلي، في حديثه لموقع Le Reporter، فإن "الصيادين الأوروبيين لا يحترمون بنود الاتفاقية الموقَّعة مع المغرب".

في هذا السياق يؤكد مهيدي أنه " إذا استمر الأمر على هذا الحال، فلن يكفي الاحتياطي السمكي حتى توقيع اتفاقية جديدة مع الاتحاد". مطالباً الحكومة "بإعادة النظر في سياسة تجديد توقيع اتفاقيات الصيد مع الاتحاد الأوروبي، لأننا مهددون في غضون سنوات قليلة بأن لا يبقى في مياهنا سمك لنصطاده".

TRT عربي