تأسس جهاز الاستخبارات التركي بنسخته الأولى عام 1911  (AA)
تابعنا

شهدت تركيا عديداً من التغيرات بعد محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو/تموز 2016 على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، فضلاً عن الاستخباراتية، إذ لعب جهاز الاستخبارات التركي دوراً محورياً في الكشف عن أعضاء تنظيم كولن الإرهابي المتخفِّين داخل أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة، بالإضافة إلى جلب قيادات ومنتسبي التنظيم الفارين إلى تركيا، من الخارج بالتنسيق مع الحكومات الصديقة.

وبفضل التحديثات والتطويرات التي طرأت على الهيكلية الإدارية والعملياتية لوكالة الاستخبارات التركية في السنوات الأخيرة، أضحت الوكالة اليوم إحدى أهمّ أذرع الجمهورية التركية الضاربة في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية، من أمثال PKK وكولن وداعش. وكما تلاحق الإرهابيين في الداخل والخارج وتحبط محاولات فرارهم، أوكلت إليها أيضاً مهمة تحضير قائمة بأسماء الإرهابيين الذين يحتضنهم كل من السويد وفنلندا، إذ كانت جزءاً أساسياً من المفاوضات التمهيدية خلال الزيارات المكوكية التي أجراها البلدان الاسكندنافيان إلى أنقرة في إطار محاولاتهما لإقناع تركيا بالعدول عن قرارها الرافض لانضمامهما إلى الناتو طوال الشهر والنصف اللذيْن سبقا القمة التي جمعت جميع الأطراف بمدينة مدريد.

ومؤخراً، وتنفيذاً لبنود مذكرة التفاهم الثلاثية التي وُقّعت على هامش قمة الناتو بالعاصمة الإسبانية مدريد نهاية الشهر الماضي بمشاركة رئيس وكالة الاستخبارات التركية خاقان فيدان ضمن الوفد التركي الذي ترأسه الرئيس التركي أردوغان، والتي بموجبها رفعت أنقرة الفيتو عن محادثات انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو شريطة تسليمها لأعضاء وقيادات تنظمي PKK وكولن الإرهابيين، سلمت السويد تركيا 4 إرهابيين من أصل 73 إرهابياً مطلوبين من السلطات الأمنية التركية، وفقاً لتصريحات الرئيس التركي مطلع الشهر الجاري.

كابوس لتنظيم كولن

على مدار سنوات طويلة، نجح تنظيم كولن الإرهابي، والذي يقيم زعيمه فتح الله كولن في ولاية بنسيلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1999، في التغلغل في جميع أجهزة ومؤسسات الدولة التركية، لا سيما الجيش والشرطة والقضاء والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة تمهيداً للاستيلاء عليها، وهو ما برز بشكل جلي خلال محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.

وعلى الدوام يُشيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بجهود وكالة الاستخبارات التركية في مجابهة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم كولن، وعقب كل عملية استخباراتية ناجحة يعود أردوغان ليؤكد أنه لا مكان آمن في العالم لأعضاء تنظيم فتح الله كولن الإرهابي.

وفي السنوات القليلة التي تلت محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقف خلفها تنظيم كولن الإرهابي، نجحت وكالة الاستخبارات الوطنية (MİT) في إحضار أكثر من 100 شخصية قيادية بارزة من منتسبي التنظيم الإرهابي إلى تركيا من قرابة 18 بلداً أجنبياً من خلال تنفيذها عمليات استخباراتية دقيقة وناجحة، معظمهم من دول إفريقية ودول البلقان وآسيا الوسطى وأوكرانيا ومولدوفا بالتنسيق مع الجهات المعنية فيها. ومن أبرز هذه العمليات:

في 23 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت وزارة الدفاع التركية القبض على 5 أفراد متهمين بالانتماء إلى تنظيم كولن الإرهابي، خلال محاولتهم الفرار خارج البلاد. وأضافت أنه لدى التحري تبين أن من هؤلاء الخمسة قريبة لزعيمه فتح الله كولن.

تجدر الإشارة إلى أن وكالة الاستخبارات التركية بالتعاون مع قوى الجيش والأمن تجري عمليات اعتقال بشكل دوري لأعضاء ومنتسبي تنظيم كولن الإرهابي، إلى جانب إحباطها عديداً من محاولات الفرار إلى اليونان بطريقة غير قانونية.

في بداية شهر يوليو 2021، نجحت وكالة الاستخبارات التركية في جلب القيادي البارز في تنظيم كولن الإرهابي أورخان إيناندي من قيرغيزستان، حيث يدير التنظيم الإرهابي في دول آسيا الوسطى.

في نهاية شهر مايو/أيار 2021، ألقى جهاز الاستخبارات التركية القبض على أحد أقرباء زعيم التنظيم، المدعو صلاح الدين كولن، واقتاده إلى تركيا بعد اعتقاله في بلد أجنبي لم يُعلن اسمه.

في منتصف فبراير/شباط 2021، أحضرت وكالة الاستخبارات التركية غربوز سيفيلاي بعد اعتقاله في أوزبكستان.

في نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2021، شاركت وكالة الاستخبارات الوطنية في جلب أحمد يغيت، أحد الشخصيات البارزة في تنظيم كولن الإرهابي، بعد القبض عليه في شمال قبرص التركية.

في يوليو 2018، تَمكَّن جهاز الاستخبارات التركي من القبض على عضوين بارزين في تنظيم فتح الله كولن الإرهابي وإحضارهما إلى تركيا من أذربيجان وأوكرانيا، هما عيسى أوزدمير وصالح زكي يغيت.

في مارس/آذار 2018، نجحت وكالة الاستخبارات الوطنية في إحضار 6 من أعضاء تنظيم كولن من كوسوفو بالتعاون مع أجهزة الأمن المحلية.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، نجحت وكالة الاستخبارات الوطنية في إحضار رجل الأعمال المنتمي إلى تنظيم كولن الإرهابي ممدوح تشيكماز، من السودان.

وتتعاون الاستخبارات التركية في عملياتها لجلب الإرهابيين المطلوبين، مع الدول المعنية، إذ أبدت عشرات الدول استعدادها للتعاون مع الجهات القضائية والتنفيذية في تركيا لتسليمها المطلوبين المدانين بالمشاركة في محاولة الانقلاب الدموية، في حين رفضت دول أخرى، لا سيما دول أوروبية وواشنطن التي ما زالت ترفض تسليم الإرهابي فتح الله كولن.

وكالة الاستخبارات التركية

تأسس جهاز الاستخبارات التركي بنسخته الأولى على يد حكومة حزب الاتحاد والترقي عام 1911 بأمر من أنور باشا، وتحول إلى منظمة رسمية بحلول عام 1913 ليأخذ اسم "تشكيلات مخصوصة" أي الفرقة الخاصة، وأثبت الجهاز جدارته من خلال العمليات الشبه عسكرية التي نفذها خلال فترة الحرب العالمية الأولى. وعلى الرغم من حل الجهاز بعد خسارة الدولة العثمانية للحرب، فإنه شكل بنية أساسية للمنظمات الاستخباراتية الصغيرة التي شُكلت خلال فترة حرب التحرير والاستقلال التركية بين عامي 1919 و1923.

وبعد تأسيس الجمهورية التركية الحديثة أُنشئَ مجلس الأمن القومي التركي (MEH) في 1926 على يد رئيس قيادة الأركان العامة المارشال فوزي جاكماق، إذ عمل بنشاط وكفاءة حتى غيّر الرئيس التركي عصمت إينونو اسمه في عام 1965 إلى وكالة الاستخبارات الوطنية (MİT)، الاسم المستخدَم حتى الآن.

يُذكر أن وكالة الاستخبارات الوطنية حظيت باهتمام بالغ من حكومات حزب العدالة والتنمية خلال العقديْن المنصرميْن، ومرت بنقلات نوعية غيَّرَت مكانتها المحلية والدولية، وأعطيت صلاحيات أوسع مكّنَتها من تعزيز دورها في مكافحة التهديدات الداخلية والخارجية التي تستهدف السيادة الوطنية.

ويرأس وكالة الاستخبارات التركية خاقان فيدان، الملقب بـ"خزينة الأسرار"، الذي كان ضابطاً سابقاً في قيادة المخابرات والعمليات في لواء الرد السريع للناتو في ألمانيا، وعمل أيضاً مدرساً للعلاقات الدولية في جامعتي "حجي تبة" و"بيلكنت". وفي عام 2009 انضمّ إلى جهاز الاستخبارات نائبَ وكيلٍ ثم عُيّن وكيلاً للجهاز عام 2010 وهو في سن 42 عاماً، وكان أصغر من يتولى هذا المنصب. ورُقّيَ إلى منصب رئيس الوكالة عام 2018، بعد التغيرات التي حدثت لبنيتها الإدارية.

TRT عربي