"نورد ستريم 2" مشروع أنابيب لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق. (Others)
تابعنا

على ضوء اعتراف موسكو بالمنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء أنه قرر تعليق التصديق على تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" مع روسيا رداً على ذلك، محذراً من عقوبات إضافية محتملة.

وأفاد شولتس أنه طلب من الهيئة الألمانية الناظمة المسؤولة عن المشروع تعليق عملية مراجعته. وقال إن هذه المسألة "تبدو تقنية، لكنها خطوة إدارية ضرورية تمنع أي مصادقة على خط الأنابيب. ومن دون هذه المصادقة، لا يمكن بدء تشغيل نورد ستريم 2". وأضاف "هناك عقوبات أخرى أيضاً يمكن أن نعتمدها في حال اتُّخذت إجراءات إضافية. لكن في الوقت الحاضر، يتعلق الأمر باتّخاذ خطوة ملموسة للغاية".

ناقل الغاز الروسي.. "نورد ستريم 2"

"نورد ستريم 2" هو مشروع أنابيب لنقل الغاز الطبيعي عبر بحر البلطيق من أكبر حقول الغاز في روسيا، إلى ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية. فيما يبلغ طول الأنبوب الجديد حوالي 1230 كيلومتراً، ويمر بالقرب وبشكل متوازٍ مع خط الغاز الأصلي أنابيب "نورد ستريم 1" الذي ينقل حوالي 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى ألمانيا منذ عام 2012.

وسيوفر الخط الجديد الذي بلغت تكلفة إنشائه نحو 11 مليار دولار، نفس كمية الغاز الطبيعي الذي ينقلها سلفه "نورد ستريم 1"، وهو ما يكفي لتزويد 26 مليون أسرة بالغاز.

ولأجل بناء وتشغيل خط الغاز الجديد "نورد ستريم 2"، أُسست في سويسرا شركة "نورد ستريم إيه جي 2". وتعد شركة "غازبروم" الروسية العملاقة أكبر المساهمين في المشروع، حيث غطت أكثر من نصف التمويل، فيما مولت شركة "إنجي" الفرنسية و"أو إم في" النمساوية و"شل" الهولندية وشركات ألمانية أخرى بقية التكاليف.

وحسب الخبراء، يحظى "نورد ستريم 2" بأهمية قصوى نظراً لتلبيته نحو ثلث الطلب المستقبلي من الغاز للاتحاد الأوروبي، وبتكلفة أقل بـ25% عن فاتورة استيراده الحالية؛ لكونه يربط روسيا بألمانيا عبر بحر البلطيق، ما يقلِّل الاعتماد على طرق العبور عبر أوكرانيا المكلفة، والتي يصعب التفاوض معها بسبب حالة عدم الاستقرار التي تعرفها البلاد.

أمن الطاقة الألماني والأوروبي

من جانبها، ترى برلين في المشروع الجديد وسيلة لضمان أمن الطاقة في البلاد، وذلك تزامناً مع الازدياد المطرد لاحتياجات ألمانيا من الطاقة النظيفة، والتي يعد الغاز الطبيعي جزءاً منها، مقابل التخلي تدريجياً عن الطاقة النووية وإغلاق جميع محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم بحلول عام 2038.

وعلى الرغم من أن ألمانيا من أشد الداعمين لاستخدام موارد الطاقة النظيفة والمتجددة التي تهدف إلى تحقيق سياسة المناخ الأوروبية، إلا أن الغاز الطبيعي يعد من أهم مصادر الطاقة الذي تعتمد عليه الصناعات العملاقة التي يرتكز عليها الاقتصاد الألماني والأوروبي على حد سواء.

ولضمان تفوق وتنافسية الصناعات الأوروبية والألمانية، فإن هذه البلدان بحاجة إلى الغاز الطبيعي القادم من روسيا بأسعار تنافسية ضمن إطار زمني طويل. وهنا تكمن أهمية خطّ الغاز الروسي "نورد ستريم 2" الذي يضمن توريد الغاز بأسعار مخفضة نسبياً في ضوء عبء الطاقة الذي يثقل كاهل عالم ما بعد كورونا.

لذلك، بالرغم من المعارضة الشديدة للمشروع داخل الاتحاد الأوروبي تخوفاً من استخدام روسيا الغاز كسلاح من أجل زيادة نفوذها في القارة العجوز، يزعم القائمون على المشروع أن خط الأنابيب هذا أكثر أهمية لألمانيا من روسيا، التي يمكنها بيع الغاز بسهولة إلى الصين ودول آسيوية أخرى؛ بسبب التخفيض الكبير لرسوم العبور المكلفة لخطوط الأنابيب البديلة في دول أوروبا الوسطى والشرقية.

ابتزازات أمريكية

منذ الإعلان عن بدء إنشائه عام 2018، لم يشغل خط الغاز المسمى "نورد ستريم 2" والمملوك أغلبه لشركة "غازبروم" الروسية العملاقة أروقة السياسة الأوروبية وحسب، بل امتد تأثيره عبر المحيطات وصولاً إلى واشنطن التي اتخذت منه ذريعة لإشعال خلاف متوارٍ مع برلين، المستفيد الرئيسي من المشروع، وصلت حد فرض عقوبات على الشركات المشاركة في بناء الخط، الأمر الذي عرقل إتمام أعمال البناء أكثر من مرة.

وفي سياق متصل، يعتقد الخبراء أن العقوبات الأمريكية التي كانت ترمي إلى إفشال المشروع ما هي إلا محاولات أمريكية لزيادة حصة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، التي ترسلها عبر المحيط من خلال صهاريج ضخمة ترفع من تكلفته عند وصوله إلى شواطئ أوروبا، الأمر الذي يفقده التنافسية مع الغاز الروسي القادم عبر الأنابيب.

ومع تسلم الإدارة الجديدة زمام السلط في واشنطن، وعلى الرغم من اتخاذ جو بايدن موقف سلفه دونالد ترمب نفسه، الذي رأى في المشروع تهديداً للأمن الأوروبي، إلا أنه قرر وقف العقوبات الأمريكية على الشركات المشاركة في المشروع، كون المشروع كان قد شارف على الانتهاء، ورغبةً في عدم خسارة الحليف الأوروبي من خلال استخدام نهج ترمب المتعنت.

TRT عربي