تابعنا
يتردد صدى تأثير الجهود التركية في يوم اليتيم إلى ما هو أبعد من حدود البلاد، مما يلهم الحكومات في جميع أنحاء العالم لاتخاذ خطوات استباقية لدعم الأطفال الأيتام.

يمثل يوم اليتيم تذكيراً مؤثراً بالمحنة التي يواجهها ملايين الأطفال الأيتام على مستوى العالم، مما يؤكد أهمية الجهود الجماعية لدعمهم والارتقاء بهم، ومن بين الدول التي قطعت خطوات ملحوظة في هذا المسعى تركيا، إذ تُنظِّم عدداً لا يُحصى من الأنشطة والفاعليات على المستويين المحلي والدولي.

ويُعتبر التزام تركيا رعاية الأيتام أمراً متجذراً بعمق في تراثها الثقافي والديني، إذ تحمل مبادئ الرحمة والكرم والمسؤولية الاجتماعية قيمة كبيرة، ومن خلال الاستفادة من هذه الروح تقود المنظمات التركية والمنظمات غير الحكومية والهيئات الحكومية مبادرات مختلفة في يوم اليتيم لتلبية الاحتياجات المتعددة الأوجه للأطفال الأيتام.

عطاء حول العالم

وفي عام 2013 أعلنت منظمة التعاون الإسلامي أن الخامس عشر من رمضان يوم اليتيم العالمي، بمبادرة من هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH)، وتقام في هذا اليوم نشاطات متنوعة في مناطق جغرافية مختلفة من العالم، وتنشر هيئة الإغاثة الإنسانية منذ إعلان يوم اليتيم العالمي التقارير المتعلقة بالأيتام وتنظيم مئات الفاعليات بمشاركة الأيتام.

ومن أبرز الجهود توفير خدمات الرعاية والدعم الشاملة للأطفال الأيتام داخل تركيا، إذ أنشأت الحكومة التركية بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية دُور الأيتام وبرامج الرعاية البديلة التي تهدف إلى توفير بيئة رعاية للأطفال الضعفاء، ولا تضمن هذه المبادرات توفير الضروريات الأساسية مثل المأوى والغذاء والتعليم فحسب، بل تعطي الأولوية أيضاً للرفاهية العاطفية والتكامل الاجتماعي.

وخارج حدودها، تقدّم تركيا دعمها للأطفال الأيتام في مناطق النزاع والمناطق المتضررة من الأزمات الإنسانية، ومن خلال الشراكات مع المنظمات الدولية والقنوات الدبلوماسية تقدم تركيا المساعدات، بما في ذلك الغذاء والمأوى والمساعدة الطبية والموارد التعليمية للأطفال الأيتام في عديد من الدول حول العالم.

وللوقوف أكثر على المبادرات والفاعليات التركية في يوم اليتيم في جميع أنحاء العالم، تحدثنا في TRT عربي مع رشاد بشير، عضو مجلس الإدارة المسؤول عن برنامج الأيتام في هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH)، إحدى المنظمات غير الحكومية البارزة في تركيا والعالم.

140 مليون يتيم

تشير التقديرات إلى أنه يوجد أكثر من 140 مليون طفل يتيم في جميع أنحاء العالم، يعيش معظمهم في مناطق حروب واحتلال وأزمات، ما يعني أنهم يواجهون تهديدات عديدة، من أبرزها الاتجار بالبشر، وعمالة الأطفال، ومافيا الأعضاء، وإدمان المخدرات، والمنظمات الإجرامية، وشبكات التسول.

وللحدّ من مثل هذه التهديدات يقول بشير إنهم في هيئة الإغاثة الإنسانية ينظمون بيانات صحفية، وينفذون أنشطة توعوية متنوعة، ويقدمون دراسات وتقارير أكاديمية من أجل رفع مستوى الوعي حول هذه القضية في جميع أنحاء العالم، كما يعملون على تطوير التعاون مع المنظمات غير الحكومية الأخرى. وفي الوقت نفسه تُعِدّ الهيئة تقاريرَ مفصلة ونصوصاً إعلامية حول حالة الأطفال في العالم كل عام وتشاركها مع المؤسسات الدولية ذات الصلة.

وإلى جانب برامج المساعدة الاجتماعية المنتظمة تنفذ هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH) مشاريع تنموية لمساعدة أُسَر الأيتام على الوقوف على أقدامها، وسرعان ما تظهر آثار هذه المشاريع على الأطفال الأيتام وأُسَرهم.

بالإضافة إلى ذلك، تُنظِّم الهيئة عديداً من البرامج وورش العمل والدورات التدريبية للأيتام لزيادة مهاراتهم، وتحمّلت الهيئة مسؤوليتها، إذ ساعدت أمهات الأيتام على الوقوف على أقدامهن، بالإضافة إلى إعداد الأطفال للحياة التعليمية.

ويوضح بشير في حديثه مع TRT عربي أن الهيئة تهدف إلى لعب دور فعال في ضمان عدم ضياع الأطفال الأيتام بين مستحيلات الجغرافيا التي يعيشون فيها، وتمكينهم من مواصلة تعليمهم من دون انقطاع، وعدم وقوعهم في شبكات المنظمات الإجرامية.

أنشطة على نطاق عالمي

وفقاً لرسالتها التأسيسية، تنفذ هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH) أنشطة خاصة في مناطق الحروب والنزاعات والكوارث، إذ تُجري في البداية أبحاثاً أولية ودراسات لتحديد هوية الأيتام من خلال المؤسسات الشريكة والمنظمات غير الحكومية الأخرى العاملة في المناطق المعنية، ومن ثم تحدِّد في دراساتها طرق وأساليب العمل في المنطقة من خلال إجراء التقييمات، خصوصاً مع المؤسسات العاملة على المستوى الدولي.

ومثالاً في هذا السياق، يشير المسؤول عن برنامج الأيتام في IHH إلى أن الهيئة قد حصلت على صلاحية مباشرة من الدولة الباكستانية لحماية الأطفال الذين أصبحوا أيتاماً بسبب الزلزال الذي ضرب باكستان، وفي إطار هذه الصلاحيات وصلت الهيئة إلى الأيتام في المنطقة المتضررة من أجل توفير الحماية للأيتام والوقوف على احتياجاتهم.

وفي المرحلة التالية أُنشئ مركز هاليبور لتعليم الأيتام، وهو مركز تعليمي كبير، بالتعاون مع دولة باكستان لإعداد الأطفال الأيتام للمستقبل، وبهذا المعنى ومن خلال التعاون مع الشركات والدبلوماسيين أصبح عمل هيئة الإغاثة الإنسانية في اليوم العالمي للأيتام أكثر فاعلية وقوة، وفق بشير.

الوضع الإنساني في غزة

وعن مبادرات وأنشطة الهيئة في ظل الحرب والوضع الإنساني المستمر في قطاع غزة، يلفت رشاد بشير إلى خطورة الوضع، مؤكداً أنهم بصدد إجراء دراسات قانونية لإطلاع الرأي العام العالمي على المعاملة غير الإنسانية والمخزية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.

ويبيّن أنهم يعملون على إطلاق منصة لحقوق الأطفال هدفها الأساسي التعاون مع عديد من المنظمات غير الحكومية وإقامة مبادرة مدنية للإعلان وفضح انتهاكات حقوق الأطفال في غزة.

وإلى جانب الإجراءات القانونية والإعلامية تواصل هيئة الإغاثة الإنسانية أنشطتها بتقديم المساعدات الطارئة من وجبات ومواد غذائية وطبية بانتظام في المنطقة، ما جعلها واحدة من بين المؤسسات الثلاث التي تقدم أكبر قدر من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وبالإضافة إلى ذلك يشير بشير إلى أنه من المقرر تنظيم برامج إفطار وترفيه وتوزيع الطعام لـ1000 طفل في رفح بمناسبة يوم اليتيم العالمي الذي يصادف في الخامس عشر من شهر رمضان.

TRT عربي