"ذكاء عدواني ومدمر".. كيف سخرت إسرائيل أدوات الذكاء الاصطناعي لقصف غزة؟ / صورة: Reuters (Idf/Reuters)
تابعنا

في الوقت الذي تبذل فيه دول العالم مساعي حثيثة لأجل تسخير أدوات الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية والحد من تأثير الكوارث الطبيعية، قررت إسرائيل اتخاذ مسلك آخر تماماً عبر تطوير هذه الأدوات وتطويعها بالشكل الذي يساعدها على تطوير أسلحة هجومية أكثر تطوراً وأقل حجماً بالشكل الذي يقلل المخاطر على جنودها ويزيد من حجم الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم.

وبالتوازي مع بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سارعت إسرائيل في إدخال الأسلحة والأنظمة المدعومة بقدرات الذكاء الاصطناعي من أجل شن حرب شاملة ومدمرة على القطاع.

بينما قالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية إن الخوارزميات التي طورتها إسرائيل أو شركات أمريكية خاصة ويستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي تعد إحدى أكثر طرق القصف تدميراً وفتكاً في القرن الـ21.

"عدوان الذكاء الاصطناعي"

نقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية على لسان قيادات عسكرية إسرائيلية أن جيش الاحتلال يخوض ما سموه "حرب الذكاء الاصطناعي" الأولى، باستخدام خوارزميات متطورة.

وبحسب الأناضول، تستخدم إسرائيل منذ عام 2021 أنظمة الذكاء الاصطناعي في المنظومات الحربية، وتواصل العمل على تطويرها. وقد استطاعت خلال السنوات الماضية تطوير أنظمة تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل "الخيميائي" و"رأس الحكمة" و"البشارة" و"مصنع النار"، وذلك في مختبرات ومعامل الوحدة 8200 التابعة لوكالة المخابرات الإسرائيلية.

ووفق صحيفة الغارديان البريطانية فقد أتاح العدوان الأخير على غزة فرصة غير مسبوقة لجيش الاحتلال لاستخدام مثل هذه الأدوات في مسرح عمليات أوسع بكثير. ومع ذلك، لم يجرِ إيلاء سوى القليل من الاهتمام نسبياً للأساليب التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لاختيار أهداف في غزة، وللدور الذي لعبه الذكاء الاصطناعي في حملة القصف.

وفي الضفة الغربية المحتلة، تستخدم إسرائيل بشكل متزايد تكنولوجيا التعرف على الوجه لمراقبة وتنظيم حركة الفلسطينيين. ويكشف تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية أنه عند نقاط التفتيش شديدة التحصين في الخليل، يجب أن يخضع الفلسطينيون لمسح للتعرف على الوجه، مع آلية مرمزة بالألوان لتوجيه الجنود حول ما إذا كان ينبغي السماح للأفراد بالمضي قدماً أو إخضاعهم لمزيد من الاستجواب أو احتجازهم.

"مجازر الخوارزميات"

بحسب صحيفة ليبراسيون، يستخدم الاحتلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل عدد كبير من البيانات الاستخباراتية وتقدير تأثيرات الخيارات الاستراتيجية المختلفة المحتملة بسرعة، وذكرت الصحيفة أن جيش الاحتلال يستخدم أداتين على وجه الخصوص في حربه على قطاع غزة، هما "البشارة" و"مصنع النار".

وفي الوقت الذي تعمل فيه منظومة "مصنع النار" على استهداف تجمعات لا تقل عن 5 أشخاص، لمنع وقوع أضرار جانبية ووفيات في صفوف المدنيين، إلا أن منظومة "البشارة" التي اختُبرت لأول مرة في هجمات غزة الأخيرة، لا تعمل بهذه الصيغة نفسها.

وتمتلك منظومة "البشارة" القدرة على تحليل مصادر المعلومات القادمة من العناصر البشرية ووسائل استخبارية أخرى مثل صور الطائرات من دون طيار وبيانات المراقبة والتحليل الجغرافي ومراقبة التحركات والأنماط السلوكية للأفراد والتجمعات السكانية الكبيرة وتحديد واكتشاف الأهداف من خلال تحليل مجموعات كبيرة من المعلومات.

فمنظومة "البشارة" المدعومة بالذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل مصادر المعلومات القادمة من العناصر البشرية ووسائل استخبارية أخرى مثل صور الطائرات من دون طيار وبيانات المراقبة والتحليل الجغرافي ومراقبة التحركات والأنماط السلوكية للأفراد والتجمعات السكانية الكبيرة وتحديد واكتشاف الأهداف من خلال تحليل مجموعات كبيرة من المعلومات.

وفي الوقت الذي تمكنت فيه منظومة "مصنع النار" من اكتشاف 50 هدفاً سنوياً خلال السنوات الماضية، استطاعت منظومة "البشارة" اكتشاف ما لا يقل عن 100 هدف يومياً، قُصف نصفها، بحسب الأناضول، ما تسبب في سقوط آلاف الشهداء والجرحى بين المدنيين.

لا قواعد بعد الآن

أدى عدد الضحايا وحجم الأضرار غير المسبوقة الناجمة عن القصف الإسرائيلي لغزة إلى إشعال الجدل حول استخدام الذكاء الاصطناعي في أنظمة الأسلحة. إذ يتفق الخبراء على أن الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين في الهجمات الأخيرة على غزة ترجع إلى حد كبير إلى استخدام هذه الأنظمة.

وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية، تنقسم الأسلحة الآلية اليوم إلى فئتين رئيسيتين: أنظمة الأسلحة الفتاكة المؤتمتة بالكامل، التي لا توجد أمثلة حقيقية لها في السوق، والأسلحة المستقلة الفتاكة (LAWs)، التي من حيث المبدأ تسمح للبشر بالسيطرة.

وبينما تزعم الأغلبية العظمى من القوى العسكرية الغربية، ومن ضمنها إسرائيل، أنها اختارت الأسلحة المستقلة، إلا أن حجم الدمار وأعداد الضحايا في غزة يشير إلى غير ذلك تماماً.

الأمر الذي دفع لور دي روسي روشيجوند، الباحثة في المعهد الدولي لأبحاث الحرب (IFRI) ومؤلفة أطروحة حول تنظيم أنظمة الأسلحة المستقلة، للقول إن تفاصيل العدوان على غزة يدفع المجتمع الدولي إلى إعادة تنشيط مفهوم تنظيمي آخر يحد من فوضى الخوارزميات "غير المعروفة" هذه.

TRT عربي
الأكثر تداولاً