ماذا لو قطعت روسيا غازها عن أوروبا؟ (Reuters)
تابعنا

قالت وكالة أسوشيتد برس إن خطة الغرب لحصار موسكو اقتصادياً "غير المسبوقة" صِيغَت قُبيل الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية صباح 24 فبراير/شباط الماضي، فقد أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن وفداً لعقد اجتماعات سرية مع الأوربيين من أجل وضع خطط لإنزال أقصى قدر من العقوبات على الرئيس فلاديمير بوتين بشكل يصعّب عليه تمويل حرب طويلة الأجل.

من جانبها هدّدَت موسكو منتصف الشهر الجاري بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا، ردّاً على العقوبات الدولية المفروضة عليها، إثر عملية عسكرية تنفّذها في جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

فيما انتقد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قرار ألمانيا وقف التصديق على خط أنابيب "نورد ستريم 2"، وأضاف: "لدينا كل الحق في اتخاذ قرار مماثل بفرض حظر على ضخّ الغاز عبر خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1"، الذي يُحمَّل اليوم عند حده الأقصى 100%".

سلاح ذو حدين

تدرك روسيا أكثر من أي دولة أخرى أن قطع الغاز عن أوروبا سيكون له تداعيات سلبية كبيرة جداً على أوروبا واقتصادها، لكنها في الوقت نفسه تعلم جيداً أن خطوة مثل هذه ستُلحِق باقتصاد البلاد الذي يعتمد بشدة على صادرات الغاز والنفط ضرراً كبيراً.

الطاقة تُعتبر شريان الحياة للاقتصاد الروسي، وبينما تشكّل صادرات النفط والغاز الطبيعي نحو 40% من الميزانية الفيدرالية، فإنها في الوقت نفسه تُقدَّر بنحو 70% من إجمالي الصادرات الروسية.

لهذا فإن قطع روسيا إمدادات النفط والغاز عن كبار المستهلكين في أوروبا يعني توقُّف عائدات العملة الصعبة، مما سيؤدي في ظلّ العقوبات الحالية والهجرة الجماعية للاستثمارات والشركات الأجنبية من البلاد إلى انهيار فوري للاقتصاد الروسي، ناهيك بأن موسكو الآن في أمس الحاجة إلى هذه الإيرادات لتغطية تكاليف العملية العسكرية التي يبدو أنها ستطول.

ماذا لو؟

في ذروة الحرب الباردة لم يقطع الاتحاد السوفييتي صادرات الغاز عن أوروبا، فضلاً عن أنه في ظلّ أعنف خلاف بين روسيا وأوكرانيا على الطاقة عام 2009، قُطع الغاز الروسي الذي يتدفق عبر أوكرانيا فقط، وبشكل عابر.

فإذا قررت موسكو إغلاق صنابير الغاز عن أوروبا، وهي الخطوة التي ما زال الخبراء يستبعدونها، فهذا يعني أنها بصدد إشعال معركة طاقة مع الدول الأوروبية تكون فيها الهزيمة من نصيب الطرفين.

وبينما ستعاني روسيا مشكلات اقتصادية هائلة، ستجد الدول الأوروبية نفسها عاجزة عن إيجاد بدائل للغاز الروسي، وهو ما أكده محللو "باركليز" حين قالوا إن تعويض ما يتراوح بين 150 و190 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي لا يمكن تحقيقه على المدى القصير.

أمن الطاقة الأوروبي مهدَّد

تُنتِج أوروبا ربع طاقتها الكهربائية عبر محطات التوليد العاملة بالغاز الطبيعي، فيما تستورد نحو 40% من احتياجاتها من روسيا التي ترسل معظمه عبر خطوط أنابيب، منها "ترك ستريم" الذي يمر عبر الأراضي التركية، و"يامال-أوروبا" الذي يعبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا، بالإضافة إلى "نورد ستريم 1" الذي يذهب مباشرة إلى ألمانيا مروراً بأوكرانيا.

وفي حال غامرت موسكو وقطعت إمدادات الغاز عن أوروبا، فإن أمن الطاقة الأوروبي سيشهد تهديداً غير مسبوق، ناهيك بأن بعض الدول سيتعرض لعرقلة فورية، خصوصاً تلك التي تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 100%، مثل التشيك ولاتفيا ومولدوفا.

ومن بين الدول الكبرى، فإن ألمانيا هي الأكثر هشاشة، بعدما زاد اعتمادها على واردات الطاقة الروسية كثيراً خلال السنوات الماضية. فقد ارتفعت حصة إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا، خلال 10 سنوات، من 40% إلى 55%، وفقاً لموقع "دويتشه فيله" الإخباري الألماني.

TRT عربي