تنتج روسيا نحو 9.5% من الذهب المستخرج على مستوى العالم كل عام، وتصدر سنوياً قرابة 330 طناً، ما يجعل منها ثاني أكبر مُنتج للذهب في العالم  (AA)
تابعنا

في فصل جديد من العقوبات الغربية على روسيا، أعلنت 4 دول من مجموعة الدول الـ 7 الكبرى، هي: الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وكندا، مطلع الأسبوع الجاري، حظر العقود الجديدة للذهب الروسي، في محاولة لزيادة الضغط على الاقتصاد الروسي ضمن المساعي الرامية التي "تستهدف قلب آلة بوتين الحربية"، حسبما قال رئيس الوزراء البريطاني.

من جانبها قالت موسكو إن قرار مجموعة الدول السبع الصناعية حظر وارداتها من الذهب الروسي، "أمر غير قانوني"، وذكرت الحكومة الروسية في بيان الاثنين إنها بدأت منذ إعلان الحظر، البحث عن أسواق جديدة لتصدير الذهب، بخاصة في آسيا والشرق الأوسط.

فيما نقلت وكالة الأنباء الروسية "تاس" عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف قوله إن روسيا ستسعى لتصدير الذهب إلى دول أخرى. ونقلت وكالة "انترفاكس" الروسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، قوله، إن "سوق المعادن النفيسة عالمية وكبيرة وغزيرة ومتنوعة".

في غضون ذلك، تترقب أسواق الذهب حول العالم تبعات قرار دول مجموعة السبع، خاصة وأنها تستورد أكثر من 50% من الذهب من السوق الروسية. أما ما يخص الأسعار، فقد بلغ سعر العقود الفورية للذهب، وفي التعاملات الصباحية اليوم الخميس، 1819 دولاراً للأونصة، تقل بمقدار 18 دولاراً عن تعاملات مطلع الأسبوع الجاري (الاثنين).

مخزونات هائلة من الذهب

تنتج روسيا نحو 9.5% من الذهب المستخرج على مستوى العالم كل عام، وتصدر سنوياً قرابة 330 طناً، ما يجعل منها ثاني أكبر مُنتج للذهب في العالم بعد الصين، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي.

وضاعفت موسكو كمية الذهب الموجودة في البنك المركزي الروسي بأكثر من أربعة أضعاف منذ عام 2010، ما مكن موسكو من إنشاء "صندوق حرب" من خلال مزج الواردات الأجنبية واحتياطيات الذهب المحلية الهائلة.

فيما تجاوز الذهب احتياطيات الدولار للمرة الأولى اعتباراً من يونيو/حزيران 2020، إذ شكلت السبائك الذهبية أكثر من 23% من إجمالي الاحتياطيات التي ارتفعت إلى 630 مليار دولار حتى الشهر الماضي.

ولا تقتصر مخزونات الذهب في روسيا على ما تنتجه البلاد وحسب، بل هناك تقارير صحفية تشير إلى أنه يجري نقل حوالي 30 طناً من الذهب السوداني، بطرق غير رسمية، إلى روسيا سنوياً.

البحث عن أسواق جديدة

التصريحات الخارجة من الكرملين تشير إلى أن روسيا بصدد اتباع نفس الاستراتيجية التي اتبعتها في سوق الطاقة، والتي مكنتها من مضاعفة مداخيلها المالية في أول 100 يوم من الحرب على أوكرانيا، إذ تبيع موسكو النفط والغاز بأسعار مخفضة، تصل إلى 35% أقل من الأسعار الرسمية التي وصلت إلى مستويات قياسية.

وبالطريقة نفسها التي تمكنت من خلالها موسكو من زيادة صادراتها النفطية إلى دول شرق آسيا، يتوقع أن تُنشأ سوق ثانوية لمبيعات الذهب من خلال تسويقه إلى الدول خارج التحالف الغربي، بأسعار مخفضة، وهي خطوة من شأنها التي تزيد من جاذبية الذهب الروسي في أسواق جديدة.

ويتوقع أن تستهدف روسيا أسواق آسيا والشرق الأوسط، إذ تعتبر الهند أكبر مستورد في العالم للذهب، وإحدى أكبر المصدرين للذهب المصنّع. فيما يتوقع أن تكون دول الخليج العربي هدفاً للذهب الروسي، بخاصة دولة الإمارات، التي تسجل تجارة مزدهرة في الذهب، إذ يصل حجم صادرات وإعادة الصادرات من الذهب والمجوهرات في الإمارات إلى نحو 240 طناً سنوياً، حسب تقرير لصحيفة الخليج الإماراتية (حكومية).

بوتين يتحصن خلف متاريس من الذهب السوداني

مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا وما رافقه من موجات متلاحقة من العقوبات الغربية على موسكو، بدأت بعض التقارير الاستخباراتية والإعلامية تتصدر عناوين الصحف الغربية التي كشفت مؤخراً عن الحصن الاقتصادي المنيع الذي بدأت تشيده موسكو منذ ضمها للقرم في عام 2014.

وأشار تقرير نشرته صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، 3 مارس/آذار الماضي، تحت عنوان: "كيف استعد بوتين للعقوبات بأطنان من الذهب الإفريقي؟"، إلى أن روسيا قد هربت مئات الأطنان من الذهب غير المشروع من السودان على مدى السنوات القليلة الماضية جزءاً من جهود أوسع لبناء "حصن لروسيا" ودرء إمكانية زيادة العقوبات المتعلقة بأوكرانيا.

ويقول الخبراء الذين نقلت عنهم الصحيفة البريطانية، إن مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية خاصة يديرها أشخاص مقربون من الكرملين، تدرب قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، والتي تعتبر بمثابة منظمة شبه عسكرية كبيرة تجلس إلى جانب الجيش النظامي في السودان، وأن الجماعتين المدججتين بالسلاح عملتا معاً لتأمين مناجم ذهب مهمة لشركات التعدين الروسية في السودان، حيث الأمن ضعيف في المناطق النائية.

لكن رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان فيما بعد نفى ضلوع مجموعة "فاغنر" الروسية في عمليات التنقيب عن الذهب في البلاد وقال قائد الجيش السوداني، في حوار مع قناة "الحرة" الأمريكية: "لا وجود لهذه الشركة (فاغنر) أو غيرها من المنظمات الخارجة عن القانون في البلاد".

TRT عربي