لاعب جديد في ساحة المعركة.. هل تغيّر القوارب المسيرة وجه الحرب البحرية؟ ( By H I Sutton) (Others)
تابعنا

لم يكُن الهجوم الأوكراني الأخير على أسطول البحر الأسود الروسي الراسي في ميناء سيفاستوبول صباح يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول مجرد إنذار بدخول لاعب جديد على ساحة المعارك الأوكرانية، بل فتح حقبة جديدة من الحرب البحرية باستخدام القوارب المسيّرة، التي يعمل بعضها كمسيّرات انتحارية "كاميكازي" بحرّية لا تقلّ خطورتها التكتيكية عن تلك التي تمطر بها روسيا سماء العاصمة الأوكرانية كييف منذ أسابيع.

ووفقاً لبعض المصادر التي نقل عنها موقع TRT Haber، هاجمت القوات الخاصة الأوكرانية الأسطول الروسي الراسي بالميناء بطائرات وقوارب غير مأهولة، إذ تضررت سفن حربية روسية، من ضمنها سفينة أسطول البحر الأسود الرئيسية ماكاروف وسفينة الإجراءات المضادة للألغام (MCM).

من جهة أخرى، أعلن الجانب الروسي عدم وقوع أضرار جسيمة للسفن، مؤكداً تنفيذ أوكرانيا هجوماً بـ9 طائرات مسيّرة و7 قوارب غير مأهولة. فيما زعمت وزارة الدفاع الروسية أن جميع الطائرات المسيرة وأربع قوارب مسيرة صدّتها قوات حرس الحدود، ودمرت ثلاثة قوارب أخرى على الأرض.

كيف وصلت الكاميكازي الأوكرانية إلى ملاذ روسيا الآمن؟

من وجهة نظر جغرافية، يُعتبر ميناء سيفاستوبول منطقة محمية طبيعياً. يجب أن تقطع المركبات البحرية التي ستصل إلى هناك مسافة كبيرة من المدخل الغربي. في الواقع، إنها علامة استفهام مهمة أن كلّاً من الميناء ومنصات المراقبة والإنذار على متن سفن الأسطول لم تتمكن من كشف قدوم هذه التهديدات.

احتمال آخر أكدته بعض المصادر في وسائل الإعلام الدولية، أن المسيّرات الجوية والبحرية التي نفذت الهجوم نُقلَت برّاً إلى منطقة قريبة جدّاً من الميناء. يشير هذا الموقف بطبيعة الحال إلى ضعف أمني خطير وفجوة استخباراتية، قد تكون القضية الأساسية الواجب معالجتها.

فيما أعاد الهجوم الأخير الذاكرة إلى أحداث مشابهة لم تُستخلص العبر والدروس منها بما يكفي، على الأقلّ لروسيا، وهو الهجوم على ميناء "بيرل هاربور" في نهاية عام 1941، إذ اعتقدت الولايات المتحدة أنها يمكن أن تصمد وقتها.

هجوم القاعدة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000 على المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول"، الراسية في ميناء عدن في اليمن. (Others)

أما الحدث الآخر فكان في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2000 ، عندما هُوجمت المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول"، الراسية في ميناء عدن في اليمن، حيث تعرضت المدمرة لهجوم قارب مفخخ أودى بحياة 17 بحاراً أمريكياً وألحق أضراراً جسيمة بالمدمرة الأمريكية، وهو الأمر الذي دفع القوات البحرية المتحالفة مع الناتو إلى تطوير تدابير إضافية ضد هذه التهديدات من الجو والسطحية وتحت السطحية.

لاعب جديد في المعادلة

هجوم ميناء سيفاستوبول ليس أول استخدام للقوارب المسيّرة، لكنه بالمقابل أوضح مثال لما يمكن لمثل هذه المركبات أن تفعله، إذ تظهر بوضوح أهمية عناصر الحرب مرة أخرى وكيف بإمكانها إحداث تأثير كبير في حرب تقليدية.

علاوة على ذلك فإن حقيقة أن المركبات لا تعتمد على قيادة البشر ترفع الإحراج عن الجيوش، خصوصاً مع تقليل خطر فقدان الأفراد، وهو ما يتيح للقوات وضع خطط هجوم خطيرة للغاية، الأمر الذي لم يكن متاحاً في وقت سابق عبر الوسائل التقليدية.

وعلى فرض أن الضرر الذي لحق بسفينة ماكاروف والسفن الأخرى كان طفيفاً، فيجب أن يجبر هذا الهجوم البحرية الروسية على إعادة تقييم سريعة، إذ تُعتبر السفن الحربية في أضعف حالاتها عندما تكون راسية قرب المواني والشواطئ، وتمتلك قدرة أقل على المناورة أو استخدام كل قدراتها، وفق صحيفة الغارديان البريطانية.

والحقيقة أن الحرب الأوكرانية-الروسية تعطي العالم شكلاً آخر من الحروب عبر الأسلحة المستخدمة، الأمر الذي كانت تركيا سباقة فيه، إذ برعت في السنوات الأخيرة بتطوير منصات جوية وبرية وبحرية مسيّرة وغير مكلفة، قادرة على لعب أدوار محورية في ساحات المعارك التقليدية، من أبرزها: مسيّرات بيرقدار ذائعة الصيت، وزوارق مارلين المسيّرة التي شاركت لأول مرة بتدريبات الناتو في البرتغال سبتمبر/أيلول الماضي.

TRT عربي