قلاع سلطنة عُمان. (Others)
تابعنا

في مثل هذا اليوم قبل عامين توُفّي السلطان قابوس بن سعيد، السلطان التاسع في تاريخ عُمان وأحد أطول حكام الشرق الأوسط بقاءً في السلطة منذ توليه السلطة في انقلاب أبيض عام 1970، فيما تولى ابن عمه هيثم بن طارق الحكم خلفاً له.

وتعود جذور هيمنة أسرة آل بوسعيد التي لا تزال تحكم عُمان حتى اليوم إلى الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد أوائل القرن الثامن عشر، والتي كانت سبباً في احتلال الفرس لعُمان عام 1737 حتى مبايعة الأمام أحمد آل بوسعيد الذي كان حاكم صُحار، إماماً في عام 1744، الذي نجح بخبرته وحنكته السياسية والتجارية والعسكرية في توحيد راية العمانيين وطرد الفرس.

منذ أواخر القرن الخامس عشر أضحت عُمان إمبراطورية تجارية وبحرية قوية تنافس كلاً من المملكة المتحدة والبرتغال على النفوذ في مياه المحيط الهندي وبحر العرب بجانب الساحل الإفريقي الشرقي، وكانت ذروتها بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، بعد سيطرتها على مناطق النفوذ البرتغالي من الهند وباكستان شرقاً، مروراً بمناطق بحر العرب حتى زنجبار.

الاحتلال البرتغالي

في أعقاب رحلة المستكشف البرتغالي فاسكو دي غاما حول رأس الرجاء الصالح عام 1497، بدأ البرتغاليون خططهم للسيطرة على طرق التجارة في المحيط الهندي، فبعد أن سيطروا على سواحل غرب إفريقيا انتقلوا إلى سواحل شرق القارة السمراء وأحكموا سيطرتهم على زنجبار وممباسا بداية القرن السادس عشر.

المستكشف البرتغالي فاسكو دي غاما. (Others)

ولإحكام سيطرتهم على مياه المحيط الهندي والتفرد بالتجارة مع الهند، قرر البرتغاليون بقيادة ألفونسو دي ألبوكيرك مهاجمة وتدمير الأسطول العماني الذي كان يدير حركة التجارة بين الهند والخليج العربي، لهذا بدؤوا بالاستيلاء على جزيرة سوقطرة اليمنية عام 1506.

وعلى الرغم من الحملات البحرية التي أرسلها كل من الدولة العثمانية ودولة المماليك في مصر، فإن البرتغاليين نجحوا في احتلال مسقط عام 1507، وسرعان ما أحكموا سيطرتهم على الساحل العماني بأكمله ومضيق هرمز، وصولاً إلى غوا الواقعة على الساحل الهندي.

اليعاربة والتحرير

مستغلّاً الثورات الشعبية ضدّ قوى الاحتلال وانشغال البرتغال في حروبها البحرية مع هولندا وإنجلترا وفرنسا، بدأ الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، مؤسس دولة اليعاربة، تحشيد العمانيين تحت رايته وبناء جيش وأسطول بحري من أجل مجابهة الاحتلال البرتغالي.

وفي الربع الأول من القرن السابع عشر، تمكنت قوات اليعاربة من طرد قوات الأميرال البرتغالي راي فرير دا أندرادا من خور فكان، لتنطلق بذلك شعلة التحرير العُمانية التي تمكنت من إفلات قبضة البرتغاليين عن جلفار ودبا عام 1633، ومن ثم صحار عام 1643.

السلطان العُماني سعيد بن سلطان الذي استعاد زنجبار عام 1828 وجعلها عاصمة عُمان، ولُقّب بسلطان عُمان وزنجبار. (Others)

واستمر قتال العمانيين بقيادة الإمام الجديد سلطان بن سيف الذي تولى الحكم في العام السابق بعد وفاة ابن عمه الإمام ناصر بن مرشد، حتى تحرير مسقط، آخر معاقل البرتغاليين، عام 1650.

عقب التحرير حاول البرتغاليون استعادة عُمان، لكن الأسطول العُماني نجح في صدهم مرتين متتاليتين بين عامَي 1650 و1652.

إمبراطورية في آسيا وإفريقيا

عقب الاحتلال البرتغالي الذي دام قرابة 140 عاماً، لم يكتفِ العمانيون بتحرير بلادهم، بل استغلوا السفن التي أخذوها من البرتغاليين وبدؤوا مهاجمة قواعدهم على السواحل الهندية الإفريقية، وذلك من أجل نزعها منهم وضمها إلى إمبراطوريتهم.

ففي السنوات التي أعقبت الاحتلال، أصبحت الإمبراطورية العمانية تضمّ أراضي واقعة بين قارتي آسيا وإفريقيا، خصوصاً بعد أن تمكن الأسطول العُماني من إحكام سيطرته على على مومباسا في كينيا عام 1661، ومن ثم زنجبار (في تنزانيا حالياً) عام 1696.

السلطان جمشيد بن عبد الله، آخر حاكم عُماني في زنجبار، الذي أُطيحَ به خلال ثورة زنجبار التي انتهت باتحاد زنجبار مع تنزانيا في أبريل/نيسان 1964. (Others)

كما تَمكَّن الأسطول العُماني من فرض الحماية على المواني الواقعة على الساحل الهندي، بالإضافة إلى جميع سواحل بحر العرب، لتمتدّ أراضي الإمبراطورية العُمانية من كوادر شرقاً (جنوب باكستان حالياً) حتى مدغشقر جنوباً.

وبعد الحرب الأهلية التي عصفت بعُمان بداية القرن الثامن عشر وما أعقبها من احتلال فارسي، جاء الإمام أحمد آل بوسعيد إلى سدة الحكم وتَمكَّن من دحر الفرس، فيما تَمكَّن حفيده سعيد بن سلطان من استعادة زنجبار عام 1828، وجعلها عاصمة لإمبراطوريته، ليصبح لقبه سلطان عمان وزنجبار.

امتداد الإمبراطورية العُمانية في القرن التاسع عشر. (Others)

لكن الإمبراطورية العمانية انقسمت بعد وفاة السلطان سعيد عام 1856 إلى قسمين: آسيوي تَولَّى حكمه ثويني بن سعيد، وإفريقي تَولَّى حكمه ماجد بن سعيد.

واستمرّ الحكم العُماني لزنجبار حتى عام 1891، لتبدأ بعد ذلك الوصاية البريطانية على زنجبار التي مُنحت الاستقلال في ديسمبر/كانون الأول عام 1963، وصارت سلطنة ملكية دستورية تحت حكم السلطان جمشيد بن عبد الله، آخر حاكم عُماني في زنجبار، الذي أُطيحَ به بعدها بشهر خلال ثورة زنجبار التي انتهت باتحاد زنجبار مع تنزانيا في أبريل/نيسان 1964.

TRT عربي