تابعنا
بينما تتجدد المطالب والدعوات إلى ضرورة حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، يحتد نقاش ساخن في مصر، تباينت فيه المواقف بين مؤيد لهذا المقترح ومعارض له.

في تصريح مثير للجدل، طالب الإعلامي المصري إبراهيم عيسى، بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، قائلاً: “خانة الديانة شيء حديث انقرض سنة 56.. لا أعتقد أنه يجب أن نبقي على خانة الديانة، مليش دعوة بدين المواطن، فما علاقة المسؤول بديانة من أمامه، وهذه القرارات تبدو أحياناً صادمة للبعض لكنها قرارات حقيقية تبني دولة مدنية ديمقراطية ومواطنة بشكل كامل نستطيع أن ننافس بها”.

وفي الوقت الذي يدعي فيها عيسى أن الإبقاء على خانة الديانة تعزز تدخل الدولة والقانون في معتقدات المواطنين، وتكرس التمييز بينهم وفق ذلك، قوبلت تصريحات عيسى برفض واسع لدى فئة كبيرة من الناشطين والفاعلين في الأوساط المصرية.

خانة الديانة.. تمييز بين المواطنين

بعد أن أصدرت دار الإفتاء المصرية مؤخراً عدة فتاوى تتعلق بقضايا شائكة وملفات مجتمعية مختلفة، خاضت الأوساط المصرية جدلاً ونقاشاً معمقاً تسبب في انقسام واختلاف شديد بين وجهات النظر.

وقد اعتبرت فئة كبيرة، أن في ذلك محاولة لتديين الدولة والحياد بها عن المدنية، وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى قائلاً خلال جلسة حقوق الإنسان.. الحاضر والمستقبل: "أتفاجأ أن دار الإفتاء تصدر فتاوى عن أسئلة الامتحانات وأمور واقعية ودنيوية.. نحن نحاول أن ندخل الدين في كل شيء، وهذا أمر كأنه من محاولات تديين الدولة.." وتابع عيسى حديثه بالدعوة إلى ضرورة حذف خانة الديانة من بطاقة الهوية، التي تعتبر شكلاً من أشكال التمييز بين أفراد المجتمع المتنوع في تركيبته.

ولم تكن دعوة عيسى هي الأولى من نوعها، إذ سبقه في ذلك ناشطون وحقوقيون، وترجمت في مشاريع قوانين عرضت على اللجنة التشريعية بالبرلمان عام 2018، وتأججت وتيرة هذا المطلب مجدداً، لدى فئة كبيرة، اعتبرت أن حذف خانة الديانة ستمكن من تحقيق المساواة والكرامة بين المواطنين في البلد الواحد، كما أنها، حسب رأيهم، تتعارض مع قوانين المواطنة وتعرض الأقليات الدينية واللادينية للتمييز.

ومن جانبه تقدم مستشار الكنيسة القبطية ورئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، نجيب جبرائيل، في أغسطس/آب المنقضي بدعوى قضائية يطالب فيها بحذف خانة الديانة من بطاقة الهوية والرقم القومي، معتبراً أنها تساهم في التضييق والإقصاء لبعض المواطنين، وتكرس التفاضل والتمييز بينهم وفق المعتقد، في الوظائف وعقود الإيجار والتمليك وغيرها..

وانضمت العديد من الأصوات لمساندة هذا المطلب، التي لا تعترف بجدوى هذه الخانة في تحديد هوية المواطن المصري، وإنما تكون مدخلاً للتقسيم والتفريق بين أبناء الوطن الواحد، كما يدعون ذلك.

هل تلغى خانة الديانة؟

رداً على مطلب الإعلامي المصري إبراهيم عيسى خلال الجلسة النقاشية في حفل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، قال المستشار عمر مروان وزير العدل: "إن خانة الديانة مهمة بغض النظر عن الشكل، ويجب إثباتها بسبب مسائل مثل الزواج والطلاق والميراث وغيرها حتى يجري ترتيب أمورها" وتابع مروان قائلاً: "ليس لدينا قانون واحد في أمور الأحوال الشخصية داخل الدولة المصرية".

وشدد الوزير المصري قائلاً في السياق ذاته: "المسلمون لهم شريعتهم.. والمسيحيون واليهود لكل منهم أحوالهم الشخصية، يجب أن يكون هناك إثبات رسمي للديانة بغض النظر عن الشكل".

ورغم أن الموضوع لا يزال محل نقاش، لم يفضِ إلى أي قرار أو تداول رسمي، قررت بعض المؤسسات على غرار نقابة المهندسين وجامعة القاهرة، إلغاء خانة الديانة من جميع الأوراق والشهادات المتعامل بها في الجامعة وفي شهادة طلب قيد المهندس الاستشاري، وذلك منذ أكتوبر/تشرين الثاني 2016. إلا أن دار الإفتاء المصرية أدانت هذه المبادرة واعتبرتها تجاوزاً للصلاحيات المنوطة بالدولة، وشددت على ضرورة الإبقاء على هذه الخانة حماية لمعتقدات المواطنين وثقافتهم على اختلافها.

وبدوره، عبر طيف واسع من الشارع المصري عن رفضه فكرة إلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية التي تقدم بها سياسيون وإعلاميون، معتبرين في ذلك مقدمة لإلغاء هويتهم الدينية. وأكد كثيرون أن خانة الديانة تعتبر جزءاً من تحديد هوية الفرد.

TRT عربي