كيف يلاحق التاريخ الاستعماري الملك تشارلز الثالث؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

تعيش المملكة المتحدة على وقع الإعدادات الجارية على قدم وساق لمراسم حفل تتويج الملك تشارلز الثالث ملكاً للبلاد، المزمع إجراؤها السبت المقبل بحضور عدد من قادة وزعماء بلدان العالم وتمثيليات دبلوماسية كبيرة.

وتزامناً مع هذا توجد استعدادات أخرى تجري بذات الحيوية، على الجانب الآخر في دول الكومنولث، إذ يقود زعماء مجتمعات السكان الأصليين حملة لمطالبة الملك الجديد باعتذار رسمي عن الآثار الكارثية لماضي بلاده الاستعماري، وجبر الضرر بتوزيع عادل للثروات التي جُمعت من تلك البلدان على طول تاريخها.

كيف يلاحق التاريخ الاستعماري الملك تشارلز الثالث؟

في خبر نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الخميس انضم الأستراليون إلى قادة السكان الأصليين والسياسيين في جميع أنحاء الكومنولث لمطالبة الملك تشارلز الثالث بتقديم اعتذار رسمي عن "الآثار المروعة والدائمة" الاستعمار البريطاني و"إرث الإبادة الجماعية"، وتقديم تعويضات عن طريق إعادة توزيع ثروة التاج، وإعادة القطع الأثرية والرفات البشرية.

وفي وقت سابق، وقّع ممثلو السكان الأصليين من 12 دولة من دول الكومنولث، عريضة عنونوها بـ "الاعتذار والتعويض وإعادة القطع الأثرية والرفات" قالوا فيها: "نحن الموقعون أدناه، ندعو العاهل البريطاني، الملك تشارلز الثالث، في تاريخ تتويجه في 6 مايو/أيار 2023، إلى الاعتراف بالآثار المروعة والإرث الذي خلفته الإبادة الجماعية والاستعمار للشعوب الأصلية والمستعبدة".

وإضافة إلى أستراليا، ينحدر الموقعون على العريضة من السكان الأصليين لكل من أنتيغوا وباربودا ونيوزيلندا وجزر الباهامس وبليز وكندا وغرينادا وجامايكا وبابوا غينيا الجديدة وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا وفنسنت وجزر غرينادين.

وتشير العريضة إلى أن تشارلز الثالث، كان أخبر اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث في يوليو/تموز 2022، أن الاعتراف بأخطاء الماضي كان "مسألة حان وقتها". وفي هذ الصدد، يطلب الموقعون عليها من الملك "أن يبدأ على الفور نقاشاً عن تأثير العبودية الدائم"، والتزاماً فورياً لتعويضات "اضطهاد شعوبنا ونهب مواردنا وتشويه ثقافتنا وإعادة توزيع الثروة التي يقوم عليها التاج على الشعوب التي سُرق منها".

وفي ذات السياق، كانت الحركة الجمهورية الأسترالية انتقدت حفل التتويج، وقالت: "إننا ندعو (تشارلز) إلى الاعتراف أيضاً بالآثار المروعة والدائمة لإرث الإبادة الجماعية والاستعمار على الشعوب الأصلية والشعوب المستعبدة (...) نأمل أن يبدأ هذا الالتماس مسيرة نحو العدالة".

عودة جدل الانفصال داخل الكومنولث

منذ وفاة الملكة إليزابيث الثانية، أصبح شبح الانفصال أكثر إلحاحاً داخل دول الكومنولث، محركاً بصعود ملف التاريخ الاستعماري للتاج البريطاني. ووفق ما أشار تقرير سابق لـ"نيويورك تايمز" إليه فإن التوفيق بين ملكة تبدو لطيفة والإرث الاستعماري القاسي للإمبراطورية البريطانية هو اللغز في إدارة نفوذ بريطانيا في فترة ما بعد الإمبراطورية.

وهو ما يؤكده أيضاً الكاتب أوليفر هولمز، في مقاله على صحيفة "الغارديان"، حين تحدث عن أن "أثار إرث الإمبراطورية الاستعماري والعبودية الذي ارتبط بالملكية البريطانية لعدة قرون، يطرح أسئلة صعبة حول مكانة الملك الجديد وعلاقة تلك الدول به".

وفي دول الكاريبي التابعة اسمياً للعرش البريطاني، تتزايد المطالب الجمهورية بشكل مضطرد، مدفوعة بصحوة مناهضة العنصرية التي أحيتها حركات الدفاع عن حقوق السود حول العالم، إذ تعد تلك الدول من أكثر المناطق التي تحمل ثقلاً تاريخياً مليئاً بفظاعات العبودية والجرائم الاستعمارية.

وفي هذا الصدد، يعتزم رئيس وزراء أنتيغوا وباربودا، غاستون برون، إجراء استفتاء لاستقلال بلاده عن حكم أسرة ويندسور. وفي جامايكا، تظهر استطلاعات الرأي دعماً شعبياً واسعاً لقرار الجمهورية، وحسبما صرح به رئيس وزرائها فإنه "لا شك في أن جامايكا يجب أن تصبح جمهورية". وفي زيارة الأمير إدوارد لسانت فنسنت وغرينادين، في أبريل/نيسان الماضي، استقبلته احتجاجات تطالب الأسرة الملكية البريطانية بتعويضات عن إرث العبودية في الأرخبيل.

بالمقابل، في أستراليا ونيوزلندا، رغم أن الحزبيَن الحاكمَين فيهما يدعمان بشدة فكرة التحول إلى جمهوريات، فإن قائدَي البلدين أكدا أن وقت انطلاق مسار ذلك التحول لم يحن بعد. وفي 13 سبتمبر/أيلول الجاري، أكدت رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة جاسيندا أرديرن أن بلادها لن تتخذ أي إجراءات لتتحول إلى جمهورية في المستقبل القريب بعد وفاة الملكة إليزابيث.

TRT عربي