تعرَّف منظمة الدول التركية المنعقدة قمتها في سمرقند / صورة: AA (AA)
تابعنا

يشارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقمة منظمة الدول التركية (TDT) المنعقدة هذا العام بمدينة سمرقند الأوزبكستانية تحت عنوان "عهد جديد للحضارات التركية: نحو التنمية والرفاهية المشتركة". ولفت أردوغان قُبيل انطلاقه إلى أوزبكستان إلى أن إسطنبول استضافت قمة تاريخية للمنظمة العام الماضي، غُيّر فيها اسم "المجلس التركي" إلى "منظمة الدول التركية".

ومتخذةً من العبارة "نريد التعاون مع المجتمعات التركية ونذكر أننا نأتي من نفس الجذور والثقافة والدين ونشارك تاريخنا معها" شعاراً لها، تسعى القمة التي تضم في عضويتها تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان، بالإضافة إلى المجر وتركمانستان دولتين تتمتعان بصفة مراقب، إلى تحقيق حلم الاتحاد الذي يعتبر أكثر بكثير من مجرد أمنية.

وتشهد القمة بنسختها التاسعة، المنعقد تحت شعار "نريد التعاون مع المجتمعات التركية ونذكر أننا نأتي من نفس الجذور والثقافة والدين ونشارك تاريخنا معها"، اتخاذ قرارات مهمة حول تشكيل رؤية منظمة الدول التركية وخارطة طريقها نحو الوحدة التركية التي تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للعالم التركي.

أصل الحكاية

وُضعت أسس منظمة الدول التركية بمبادرة من تركيا مع قمة الدول الناطقة باللغة التركية في عام 1992. إذ برز المجلس التركي من خلال عملية "رؤساء الدول الناطقة بالتركية" منتدى وفرته الظروف التي أوجدها تفكك الاتحاد السوفييتي السابق في عام 1991.

ومن بعدها، استمرت القمم الهادفة إلى تطوير العلاقات بين الدول الناطقة بالتركية على أعلى مستوى في الفترة من 1992 إلى 2010 وعقدت 10 قمم. وفي القمة التاسعة التي عقدت في ناختشفان عام 2009، وقعت تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان على "اتفاقية ناختشيفان" التي أسُس المجلس التركي بموجبها في عام 2009.

وخلال القمة العاشرة لزعماء البلدان الناطقة بالتركية، التي استضافتها مدينة إسطنبول في سبتمبر/أيلول 2010، أُعلِنَ رسمياً تأسيس "المجلس التركي".

وفي عام 2018 أصبحت المجر مراقباً في المجلس، فيما نالت أوزبكستان عضويتها الكاملة في عام 2019.

وخلال أعمال قمة "المجلس التركي" الثامنة في "جزيرة الديمقراطية والحريات" قبالة ولاية إسطنبول في بحر مرمرة التي عُقدت عام 2021، أعلن الرئيس التركي تحويل اسم "المجلس التركي" إلى "منظمة الدول التركية".

وتتكون "منظمة الدول التركية"، ومقرها إسطنبول، من مجالس زعماء الدول الأعضاء، ووزراء الخارجية، وأصحاب اللحى البيضاء (في إشارة إلى قادة الرأي القادمين من البلدان الأعضاء)، ولجنة كبار الموظفين والأمانة العامة التي مقرها حالياً في مدينة إسطنبول. كما تضم بنيتها آليات تعاون، أبرزها: جمعية برلمانات البلدان الناطقة باللغة التركية، ومجلس العمل التركي، ومنظمة الأكاديمية والثقافة التركية الدولية، واتحاد الغرف والبورصات المشتركة في العالم التركي.

الطريق من المجلس إلى الاتحاد التركي

بعد أن اتخذ المجلس اسم منظمة الدول التركية في إسطنبول العام الماضي، أُجري عديد من التحليلات والتقييمات في وسائل الإعلام الغربية والشرقية. في هذه التحليلات، جرى التأكيد على أن المنظمة التركية التي تمثل العالم التركي هي قوة صاعدة في قلب الجغرافيا السياسية العالمية.

وعن أهمية منظمة الدول التركية والطريق من المجلس إلى الاتحاد، تحدث موقع TRT Haber مع رئيس قسم التاريخ في جامعة "يديتبي" (Yeditepe) البروفيسور أحمد تاشالي وعضو هيئة تدريس بجامعة "بايبورت" (Bayburt) الدكتور رامين صادق.

وقال تاشالي: "مهما حدث، يجب على الشعوب التركية زيادة تعاونها واقعاً عالمياً. نتيجة للأحداث التي وقعت في السنوات الأخيرة، اتضح أن على الأتراك تقوية الروابط بينهم".

فيما أشار صادق إلى: "أهمية لقاء سمرقند ضخمة. كما نعلم، بعد انتهاء حرب قره باغ يستمر التكامل بين الدول التركية من خلال تطوير أكثر إحكاماً من خلال الاتصالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية. سوف تتسارع هذه العملية، لأن المخاوف الأمنية التي جلبتها الحرب الروسية الأوكرانية وضرورة التعاون في مجال الطاقة ستقرب الدول التركية من بعضها البعض. لذلك، لن يكون من المفاجئ أن تظهر بعض القرارات المفاجئة للغاية من الاجتماع الجديد".

وعن أهمية عقد الاجتماع في أوزبكستان، أضاف صادق: "بادئ ذي بدء، من الناحية الجيوسياسية، أوزبكستان بلد يقع في وسط جغرافية الجمهوريات التركية الأخرى. من حيث عدد السكان، لديها ثاني أكبر عدد من السكان داخل منظمة الدول التركية بعد تركيا".

ما المستقبل الذي ينتظر منظمة الدول التركية؟

من المنتظر أن تصبح تركمانستان عضواً كامل العضوية في منظمة الدول التركية في هذه القمة، ومن ناحية أخرى، فإن إحدى القضايا المهمة في هذه القمة هي مناقشة عضوية المراقبين لجمهورية شمال قبرص التركية.

هذه القمة مهمة لمزيد من التكامل للعالم التركي. فمع هذه القمة، لن تكون دولة تركية مستقلة ليست عضواً في المنظمة. بمعنى آخر، ستكتسب جميع الدول التركية المستقلة الوحدة تحت نفس المنظمة. كما سيمهد هذا الاجتماع الطريق لتكامل الدول على مستوى الاتحاد في المستقبل.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور رامين صادق: "يكاد يوجد هيكل اتحاد كونفدرالي بين أذربيجان وتركيا. أصبح البلدان حليفَين استراتيجيَّين مع إعلان شوشا 2021، وجرى تعظيم العلاقات. كما أصبح السفر بين البلدين أسهل، وتعزز التعاون الاقتصادي والعسكري والسياسي والثقافي والتعليمي لا يزال يقوى. أرى نموذج الوحدة بين أذربيجان وتركيا نموذجاً مثالياً لوحدة العالم التركي".

وأضاف: "لسنوات، وُضع حجر الأساس للطرق المؤدية إلى وحدة الدول التركية، وجرى إنشاء بنيتها التحتية وتطوير العلاقات العميقة، انطلاقاً من التاريخ المشترك والثقافة والعلاقات الاقتصادية والسياسية، ووضعها على أرضية صلبة. في العملية المقبلة، أعتقد أن الوحدة بين الدول التركية يجب أن تتوج بسقف الوحدة".

TRT عربي