أسفر الحراك في العراق عن مقتل العشرات وإصابة المئات بجروح (Reuters)
تابعنا

تصاعدت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق بشكل متسارع لتتحول إلى مواجهات دامية، في أكبر تحدٍّ يواجهه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي منذ وصوله إلى السلطة في 2018.

وأسفر الحراك الذي بدأ عفوياً، عن مقتل العشرات وإصابة المئات بجروح، وأدخل الطبقة السياسية في ارتباك سواء من جانب الحكومة أو من بقية القوى السياسية.

تسلسل زمني.. 60 قتيلاً بعد 4 أيام من الاحتجاج

في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، خرج المئات إلى شوارع بغداد وعدة مدن في جنوب العراق احتجاجاً على الفساد والبطالة وسوء الخدمات الحكومية، في أول مظاهرة حاشدة ضد حكومة عبد المهدي بعد نحو عام من تشكيلها.

وفرّقت شرطة مكافحة الشغب الحشود باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.

وأطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية حينما حاول المتظاهرون إعادة تجميع صفوفهم، وبدوا عازمين على السير باتجاه المنطقة الخضراء التي تضم المقار الحكومية وسفارات أجنبية.

أصدر عبد المهدي بياناً قال فيه "نحيي أبناء قواتنا المسلحة الأبطال الذين أظهروا قدراً عالياً من المسؤولية وضبط النفس"، في وجه "المعتدين غير السلميين الذين تسببوا عمداً في سقوط ضحايا بين المتظاهرين".

في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، انتشرت التظاهرات في أنحاء جنوب العراق مع مشاركة الآلاف، وفي بغداد، حاولت الشرطة تفريق الحشود في نحو خمسة أحياء عبر إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي.

وحاول المتظاهرون الوصول إلى ساحة التحرير التي ضربت قوات الأمن طوقاً أمنياً حولها، وأشعلوا الإطارات وأغلقوا الطرقات الرئيسية بينما أغلقت السلطات المنطقة الخضراء.

وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الرصاص الحي خلال التظاهرات التي خرجت في مدينتي النجف والناصرية، ووردت تقارير عن سقوط مزيد من القتلى والجرحى.

في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول، وقعت صدامات عنيفة عندما تحدّى آلاف المتظاهرين حظر التجوّل، وخرجوا في تظاهرات في بغداد ومدن جنوبية.

وفي العاصمة، أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي في الهواء وعلى الأرض من رشاشات مثبّتة على مركبات عسكرية.

ارتفاع عدد قتلى احتجاجات العراق إلى 44.. ومحتجون يطالبون باستقالة رئيس الوزراء العراقي.. ما السيناريوهات القادمة؟

Posted by ‎عربي TRT‎ on Friday, 4 October 2019

وأغلقت الحشود الشوارع وأشعلت الإطارات أمام مقار حكومية في عدة مدن بينها ميسان والنجف والبصرة وواسط وبابل.

وقُطعت شبكة الإنترنت عن نحو 75% من مناطق البلاد في إجراء اعتبرته منظمات حقوقية متعمّداً لمنع تغطية الاحتجاجات.

ونددت منظمة العفو الدولية بـ"وحشية" قوات الأمن "الشنيعة" عبر استخدام "القوّة الفتاكة وغير المبررة".

في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول، تجمّع عشرات المتظاهرين الذين ارتدوا أقنعة ورفعوا الأعلام العراقية منذ الصباح الباكر في بغداد حيث وصلوا على متن شاحنات وحافلات.

وانتشرت قوات الأمن بأعداد كبيرة لتطبيق حظر التجوّل، مانعة مجدداً الوصول إلى ساحة التحرير.

وبعد أربعة أيام من الاحتجاج، وصلت حصيلة القتلى إلى 60 شخصاً، بينهم أربعة عناصر أمن حسب ما نقلته وكالة الأناضول عن مصدر طبي، فيما حضّت الأمم المتحدة العراق على المسارعة إلى فتح تحقيق "شفّاف" بشأن استخدام القوة من قبل عناصر مكافحة الشغب.

ردود الفعل.. وعودٌ وارتباك سياسيّ

بدا الحراك العراقي عفوياً منذ يومه الأول؛ إذ لم تصدر أية دعوة صريحة من أيّة جهة سياسية أو دينية للتظاهر، قبل خروج المتظاهرين أول مرة، ما خلق ارتباكاً سياسياً في البلاد، سواء من جانب الحكومة أو من بقية القوى السياسية.

كان التيار الصدري أول المتفاعلين مع الحراك، إذ دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، في اليوم الثاني للاحتجاج أنصاره إلى تنظيم "اعتصامات سلميّة"، و"إضراب عام"، فيما فرضت السلطات حظراً للتجول في بغداد وعدة مدن أخرى.

وعاد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مساء الجمعة ليدعو إلى استقالة الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي واجراء انتخابات مبكرة باشراف الأمم المتحدة.

شهد اليوم الثالث، أول خطاب علني لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي منذ اندلعت الاحتجاجات، دافع فيه عن منجزات حكومته وطلب منحها مزيداً من الوقت لتطبيق أجندة الإصلاحات، وحذّر من أن الأزمة الحالية قد "تدمّر الدولة برمتها".

والجمعة، أكدت المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق في مدينة كربلاء دعمها لمطالب المتظاهرين.

ودعا أحمد الصافي ممثل المرجعية الشيعية في العراق آية الله علي السيستاني إلى "تدارك الأمور قبل فوات الأوان".

وقال الصافي إن "على الحكومة النهوض بواجباتها وأن تقوم بما في وسعها لتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل للعاطلين عن العمل والابتعاد عن المحسوبيات في الوظائف العامة واستكمال ملفات المتهمين بالتلاعب بالأموال العامة وسوقهم إلى العدالة".

من جهتها، أعلنت كتلة "سائرون" النيابية، الجمعة، تعليق عملها في البرلمان العراقي استجابة لمطلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وقالت إن "رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، مُطالب ببرنامج حكومي مكتوب مخصص لإجراء إصلاحات تلبي مطالب الشعب".

وأشارت الكتلة في بيانها إلى أن "هنالك من يحاول تغيير بوصلة التظاهرات عن مسارها السلمي"، دون تحديد جهة بعينها، ودعت إلى "سلمية التظاهرات والابتعاد عن أعمال الشغب".

من جانبه، أكد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي دعمه لمطالب المتظاهرين مطالباً بالاستماع إليهم.

ودعا الحلبوسي إلى التحقيق في الاعتداء على المتظاهرين، مطالباً الحراك بالحفاظ على سلميته.

وعلى الرغم من هذه التحركات، قال الباحث السياسي حيدر حميد لـTRT عربي إنه لا يعتقد "أن لدى الأحزاب الدينية توجهاً نحو المشاركة في الاحتجاجات، لأن هذه الأحزاب كانت جزءاً من النظام وتتحمل مسؤولية الإخفاق الحكومي".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً