تحصّل المغرب مؤخراً على موافقة الخارجية الأمريكية لشراء منظومة "هيمارس" الصاروخية. (Others)
تابعنا

أطلق المغرب، خلال السنوات الأخيرة، مشروعاً ضخماً لتعزيز قدراته العسكرية وتحديث عتاد جيشه. وهو ما تكشف عنه الزيادات المتتالية في الإنفاق العسكري، التي سنّتها حكومات البلاد لهذا الغرض، والتي لا تستهدف فقط شراء العتاد بل إنشاء صناعة حربية محلية، تركز أكثر على أحدث التقنيات في هذا المجال، كالطائرات المسيّرة والصواريخ الذكية.

وسجل الإنفاق العسكري المغربي مستوى قياسياً جديداً، برسم قانون المالية الجاري، إذ بلغ حدود 17 مليار دولار. فيما وُضعت حصة الأسد من هذه الميزانية تحت بند "اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم وتطوير صناعة الدفاع"، التي خصص لها غلاف مالي قُدر بـ11.2 مليار دولار. أي بزيادة ناهزت 47 مليون دولار عن قانون الموازنة برسم السنة الماضية.

بالمقابل هي المرة السادسة في سبع سنوات التي تسجل فيها هذه الميزانية زيادة ملحوظة، إذ انتقلت من 5.21 مليار دولار (بالسعر الحالي لصرف الدرهم المغربي) في قانون مالية سنة 2016، إلى 10.23 مليار دولار في مشروع قانون مالية سنة 2020، أي ما يفوق الضعف خلال أربع سنوات. ثم استقر سنة 2021 بانخفاض طفيف بلغت قيمته 330 ألف دولار.

وفي آخر مستجد عن تحديث ترسانته الحربية، حصل المغرب، يوم الثلاثاء، على موافقة الخارجية الأمريكية، لشراء منظومات الصواريخ أرض-أرض المتحركة "هيمارس"، التي اكتسبت مؤخراً شهرة كبيرة إثر استخدامها من قبل القوات الأوكرانية في معاركها ضد الروس، وأبرزت كفاءة عالية في ضرب الأهداف الروسية.

من جهة أخرى، يسعى المغرب إلى تنويع مصادر أسلحته، وهو ما تكشف أبرز صفقاته في السنوات الأخيرة، إذ سجلت إقبال المغرب على موردين جدد كتركيا والصين وإسرائيل.

"هيمارس" في حوزة المغرب

وفي بيان لوزارة الدفاع الأمريكية، يوم الثلاثاء، أعلنت أن وزارة الخارجية وافقت على بيع محتمل لأنظمة هيمارس الصاروخية وعتادها إلى المغرب، في صفقة بلغت قيمتها 524 مليون دولار. هذا بالإضافة إلى 250 مليون دولار أخرى من أسلحة المواجهة المشتركة وعتادها.

وتشمل هذه الصفقة تسليم المغرب 18 من منظومات الإطلاق الصاروخية التكتيكية عالية الحركة "هيمارس، و40 صاروخاً بالسيتياً تكتيكياً "ATACMS"، و36 من أنظمة قاذفات الصواريخ الموجهة "GMLRS"، هذا بالإضافة إلى عتاد آخر ومنظومات توجيه إلكتروني وتمويه.

وأضاف بيان وزارة الدفاع الأمريكية، أن هذه الصفقة ستعزز قدرات المغرب على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، وستساهم في قابلية قواتها على اكتشاف التهديدات والسيطرة على الحدود، مما يساهم في "الحفاظ على الاستقرار والأمن الإقليميين". كما ستدعم عملية البيع المقترحة هذه السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال تحسين أمن حليف رئيسي من خارج الناتو، "لا يزال يمثل قوة مهمة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في شمال إفريقيا".

هذا وستصبح المملكة المغربية أول بلد إفريقي يمتلك هذه المنظومات الصاروخية المتطورة، وفي حديثه لموقع "هسبريس" المغربي، قال الخبير في الشؤون العسكرية عبد الرحمان مكاوي، بأن "تشكيلة دفاعات القوات البرية المغربية كانت في حاجة إلى هذا النوع من الصواريخ"، موضحاً أن اقتناء المغرب له في الوقت الراهن هو “لأسباب دفاعية وردعية ليس إلا".

"باتريوت" حارس سماء المملكة

قبل صفقة "هيمارس"، كانت الخارجية الأمريكية، في عام 2021، قد وافقت على تزويد المغرب بمنظومة الدفاع الجوي الشهيرة "باتريوت". ذلك استجابة لمفاوضات جرت بين الحكومتين المغربية والأمريكية، عام 2019، بخصوص شراء ذلك السلاح.

ووفق ما أكدته شركة "لوكهيد مارتن" وقتها، أن موعد تسليم تلك الطلبية سيكون بحدود عام 2022. وقال سكوت أرنولد، نائب رئيس مصلحة الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل لشركة "لوكهيد مارتن"، إن الشركة فتحت خط إنتاج جديداً لمنظومات "باتريوت PAC-3 MSE" في كامدن أركنساس، و"سيكون جاهزاً العام المقبل (2022) لدعم الطلب القوي على نظام الضرب للقتل عالي السرعة".

وإضافة إلى منظومات الدفاع الجوي، وافقت الولايات المتحدة على حزمة أخرى من الأسلحة للقوات المغربية، في صفقة موحدة بقيمة 4.25 مليار دولار. بما في ذلك 36 مروحية هجومية ثقيلة الوزن من طراز "AH-64 Apache" وغيرها من الأسلحة ومعدات الصيانة المرتبطة بها.

صفقة دبابات أبرامز

في سنة 2018، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع المغرب 162 دبابة من نوع "أبرامز". في صفقة أخرى تهدف إلى تجديد عتاده العسكري وتعزيز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة المغربية، وبلغت قيمتها 1.259 مليار دولار.

وأوضحت وزارة الدفاع الأمريكية في بيان، أن الصفقة ستشمل أيضاً "162 رشاش M2 Chrysler Mount، و324 رشاش M240، بالإضافة إلى 1،035 قذيفة تدريب M165 ، و1،610 قذائف M831Al هيت، كما تضمنت أيضاً 162 نظام SINCERES؛ و162 جهاز إرسال واستقبال RT-1702؛ و162 قذيفة قنابل دخان M250، بالإضافة إلى قذائف M962 عيار 50 ودرع خاص special Armo، وتقنية Hunter / Kille، والتي قد تتضمن منظاراً حرارياً مستقلاً للقائد CITV أو Slew to Cue إلى جانب مميزات أخرى".

هذا وجاء اقتناء المغرب لهذه الدبابات المتطورة، بعد ست سنوات من صفقة أخرى مكنت المملكة من شراء 222 دبابة "أبرامز" نسخة A1". وقالت الوزارة الأمريكية، بأن هذا البيع "سيسهم في تحديث أسطول الدبابات المغربي، وتحسين قدراته لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية".

من تركيا والصين وإسرائيل

بعيداً عن الأسلحة الأمريكية، التي يعد المغرب زبوناً تقليدياً لها، سعت المملكة إلى تنويع مصادر عتاد قواتها، وهو ما برز من خلال صفقات عقدها مع مُصنعين آخرين، كالصين وتركيا. كما أدى التقارب المغربي-الإسرائيلي، بعد تطبيع العلاقات بين البلدين عام 2020، إلى أن تصبح تل أبيب مصدراً لسلاح القوات المسلحة الملكية.

وفي عام 2022، كشفت مصادر مطلعة في الرباط لأسبوعية "الأيام" المغربية، بأن المملكة عززت قدراتها العسكرية بالطائرة المُسيرة الهجومية الثقيلة الصينية من طراز "Wing Loong II". ووفق المصدر ذاته، فإن صفقة المُسيّرات هذه جرى توقيعها بين المغرب و الصين عام 2021.

وحسب الأسبوعية المغربية، ستمكن هذه المُسيرات الصينية الرباط من الخصول على أكبر ترسانة طائرات بدون طيار "UAV" وأكثرها تنوعاً على الإطلاق في إفريقيا، وذلك في سياق تعزيز قدرات سلاح الجو المغربي.

وفي سبتمبر/أيلول من عام 2021، تسلم المغرب أولى شحنات طلبيته من مُسيّرات "بيرقدار تي بي 2"، التي تصنعها شركة بايكار التركية. وكانت المملكة قد طلبت من أنقرة، في وقت سابق تلك السنة، تزويدها بـ13 مُسيّرة من هذا الطراز بقيمة 70 مليون دولار، وفق ما ذكرت مواقع محلية مغربية. كما أن عدداً من أفراد القوات المسلحة المغربية اجتاز برنامجاً تدريبياً لاستخدام هذا السلاح في تركيا.

هذا وفي عام 2022، اقتنى المغرب سرباً مكوناً من 150 طائرة مُسيّرة عسكرية إسرائيلية، من طرازي "WanderB" و"ThunderB" اللذين تصنعهما شركة "BlueBird" المملوكة بـ50% لحكومة تل أبيب. وحسب موقع "Infodron" المتخصص في أخبار المسيّرات عبر العالم، يمكن للجيش المغربي استخدام هذه المُسيّرات في العديد من المهام، كالاستطلاع وجمع المعطيات والمراقبة والأعمال العسكرية الأخرى.

صناعة دفاعية مغربية خالصة

إضافة إلى هذا، يسعى المغرب إلى إنشاء قدرات محلية في الصناعات الدفاعية. وهو ما أعلنه سابقاً الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني المغربي عبد اللطيف لوديي، بالقول إن أنشطة صناعية كـ"صناعة الأسلحة والذخائر وصناعة الطائرات المُسيّرة القادرة على أداء مهام الاستخبارات والاستطلاع والهجمات المسلحة وصيانة الطائرات العسكرية" قد بدأت بالفعل على أراضي المملكة.

ووفقاً لما صرح به الخبير الأمني محمد شقير في حديثه لأسبوعية "الأيام" المغربية فإن المغرب منذ 2017 وهو يسعى إلى "توطين الصناعات العسكرية" على أرضه، ليصبح "قوة صناعية بالمجال الحربي على غرار دول إسلامية كباكستان". وأضاف شقير أن هذه المساعي "ترتبط برغبة المغرب في تقليل كلفة استيراد الأسلحة، بخاصة قطع الغيار والأسلحة الخفيفة".

في السياق ذاته كشف الخبير المغربي أن المملكة "تراهن على نوع خاص من التصنيع العسكري الذي يتمثل في الطائرات بدون طيار (...) إلى جانب تطوير بعض أنواع الطائرات المقاتلة كـF5 وF16، وكذلك بصدد تصنيع صاروخ جو-جو قصير المدى".

ويرتكز المغرب بشكل أساسي في تطوير صناعاته العسكرية على الشراكات التي يربطها مع دول متقدمة في هذا المجال.

وحسب مصادر محلية فإن الطائرات بدون طيار التي سيستغرق تصنيعها في المغرب عدة أشهر ستعمل على أداء مهمتين أساسيتين: الهجوم والاستطلاع. مبرزة أن من شأن هذا المشروع أن يجعل من المغرب أول دول قارة إفريقيا بإنتاج طائرات بدون طيار. كما سيجري بناء أنظمة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى لتسليح الجيش المغربي بتقنيات جديدة أكثر حداثة، وفق ما كشفت عنه في وقت سابق مجلة "أتالايار" الإسبانية.

من ناحية أخرى، في أبريل/نيسان الماضي وقعت الحكومة المغربية مع شركة "لوكاهيد مارتن" الأمريكية اتفاقاً لإنشاء وحدة صناعية في القاعدة الجوية "بن سليمان" غرب المملكة. والتي ستمتد مساحتها إلى 15 ألف متر مربع، وستنفذ عمليات صيانة وتطوير وإعادة بناء مقاتلات F16 وC130 هيركوليس الأمريكية.

كما أعلن الفرع المغربي للشركة البلجيكية "Sabca"، المتخصص في الصناعات الجوية، عن إنشاء مصنع جديد بمنطقة النواصر، والذي سيعمل على تجميع هياكل الطائرات، منها مقاتلات شركة "داسو" الفرنسية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً