"مواطنو الرايخ" ونازيون جدد.. كيف غرقت ألمانيا في تهديدات اليمين المتطرف؟ / صورة: DPA (DPA)
تابعنا

نفذت الشرطة الألمانية الأربعاء عمليات دهم في أنحاء البلاد واعتقلت 25 شخصاً من أفراد "مجموعة إرهابية" من اليمين المتطرف يشتبه في "تنفيذها استعدادات ملموسة لاقتحام البرلمان الألماني بعنف مع مجموعة صغيرة مسلحة جرى توقيفهم".

من جهتها، قالت متحدثة باسم الادعاء العام في مدينة كارلسروه، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، إن السلطات شنت الحملة في 11 ولاية ألمانية لاعتقال هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون إلى حركة "مواطني الرايخ" (رايخسبرغر). وأعلن وزير العدل الألماني ماركو بوشمان أن المدعي العام يحقق في شبكة إرهابية مشتبه بها في التخطيط لهجوم مسلح على مؤسسات دستورية.

والمتابع لنشاط المنظمات اليمينية المتطرفة في ألمانيا يلاحظ ازدياد نشاطها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ويلاحظ أيضاً أن هيكل هذه المنظمات هو أوسع من أن تكون حركات أو خلايا صغيرة تتحرك بشكل فردي، بل هي تنظيم ممنهج لديه مخططات كبيرة لإسقاط الدولة والعودة بالإمبراطورية الألمانية (الرايخ الرابع).

ما الأسرار وراء نشاط اليمين المتطرف في ألمانيا؟

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاع أصوات الأحزاب اليمينية المتطرفة بسرعة في الغرب، خصوصاً ألمانيا. ومع بدء الحرب في أوكرانيا وأزمات التضخم واللاجئين التي تبعتها ازداد نشاط التنظيمات اليمينية المتطرفة التي تطالب بعودة "الفاشية" وإحياء إرث العنصرية خلال تزايد أعمال العنف ضد الأجانب والأقليات الإثنية.

وإلى جانب استغلالهم للأزمات الاقتصادية والاجتماعية، استغلت المنظمات اليمينية المتطرفة، وعلى رأسها منظمات تحسب على فكر النازيين الجدد "الإرهابية"، شبكة الإنترنت أفضل استغلال لتنظيم صفوفها وإعادة إحياء إرث العنصرية وسيادة العرق الأبيض.

ويشير تقرير نشرته وكالة الأناضول التركية إلى أن جماعات اليمين المتطرف في ألمانيا ارتكبت العديد من الجرائم مثل الإحراق العمد والإرهاب والقتل بين عامي 1990 و2020، ما أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص خلال هذه الفترة. وفي 11 يوليو/تموز 2018، حمّل القضاء الألماني منظمة "النازيون الجدد الإرهابية"، مسؤولية مقتل 10 أشخاص منهم 8 أتراك، في هجمات مسلَّحة وقعت في مدن ألمانية مختلفة.

النازيون الجدد

يطلق مصطلح النازيون الجدد على الأشخاص والحركات العسكرية والاجتماعية والسياسية التي تأسست في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يسعون إلى إحياء وإرجاع الأيديولوجيا النازية. يوظف النازيون الجدد أيديولوجيتهم من أجل الترويج للكراهية وأفكار سيادة البيض ومهاجمة الأقليات العرقية والإثنية والمهاجرين، وفي بعض الحالات إنشاء دولة فاشية.

ويمثل النازيون الجدد عشرات المجموعات اليمينية المتطرفة في أوروبا وأمريكا، وبالأخص ألمانيا التي حظرت معظمها خلال العقود الماضية. كذلك تُعَدّ منظمات "النازيون الجدد" من أبرز جماعات اليمين المتطرف عدائية وخطورة في ألمانيا، وهي حركات متطرفة عنصرية تمتلك سياسة أيديولوجية شبيهة بنازية هتلر، ويُطلَق عليها أحياناً "الفاشية الجديدة".

وفي الوقت الذي ظهرت فيه أولى دلائل عودة نشاط منظمة تتبنى أفكار "النازيون الجدد" في مدينة تورينغن الألمانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بدأ مكتب المدّعي العامّ الفدرالي إجراء تحقيق خاص للكشف عن توجهات هذه المنظمة. وحسب البيان الذي نشرته مؤسسة "أماديو أنطونيو" التي تعمل في مجال مكافحة اليمين المتطرف في عام 2019، خلصت التحقيقات في أكثر من 3 آلاف و300 حدث وقعت في تواريخ مختلفة في الماضي، إلى أن 745 من هذه الأحداث وقعت بدوافع عنصرية.

وإذا ما أخذنا ألمانيا مثالاً، نجد أن من بين أشهر التنظيمات المتطرفة نشاطاً: منظمة "لواء العاصفة 44" التي تأسست في عام 2016 وتعرف أيضاً باسم "سرية الذئاب"، ومنظمة "نسر الشمال" التي جرى حظرها في يونيو/حزيران 2020 ونفذت الشرطة مداهمات في عديد من الولايات الألمانية، بالإضافة إلى منظمة "مواطنو الرايخ" التي تتصدر عناوين الأخبار حالياً.

مواطنو الرايخ

كلمة "الرايخ" بالألمانية تعني الإمبراطورية أو المملكة، وقد استعملت في التاريخ الألماني خلال فترات متعددة. استخدمت في عام 962 مع تتويج القيصر أوتو الأول الذي أطلق تسمية الرايخ على منطقة شرق فرانكن. ومنذ عام 1512 يعرف رسمياً باسم الرايخ الروماني المقدس للأمة الألمانية.

وبالعودة إلى أحداث اليوم، أشارت الوكالة الألمانية إلى أن المتهمين، الذين ينسب إليهم تهمة تأسيس تنظيم إرهابي لمحاربة مؤسسات الدولة وممثليها في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021، يواجهون تهمة الإعداد لإسقاط الدولة. فيما أفادت الاستخبارات العسكرية الألمانية إلى أن من بين المشتبه فيهم جندياً نشطاً في القوات الخاصة للجيش وعدداً من جنود الاحتياط.

ولا تعترف حركة "مواطنو الرايخ" اليمينية المتطرف لا بالدولة الألمانية الحديثة التي تأسست بعد انهيار النازية، ولا بقوانينها، كما يمتنعون عن دفع الضرائب والمخصصات الاجتماعية، ويصرون على أن "الإمبراطورية الألمانية" لا تزال قائمة.

ويشير تقرير أعدته مجلة "فوكوس" الألماني في عام 2018 نقلاً عن بيانات هيئات حماية الدستور في الولايات الألمانية، إلى أن أعضاء تنظيم "مواطنو الرايخ"، الذي ظهر في ثمانينيات القرن الماضي ضعيف وغير منظم بشكل جيد، قد ارتفعت بنسبة كبيرة في ألمانيا، وبدأت مجموعة منهم تخطط لتأسيس جيش خاص.

TRT عربي
الأكثر تداولاً