"تحرك وتعاون مكثف".. تعرَّف حصاد الدبلوماسية التركية في إفريقيا خلال 2022. /الصورة: AA (AA)
تابعنا

استمرت تركيا في توطيد العلاقات الدبلوماسية مع إفريقيا بزيارات رسمية على مستوى الرئاسة ووزراء الخارجية في عام 2022، ووقّعت عديداً من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي.

وتستمد العلاقات التركية-الإفريقية زخمها من الدبلوماسية الاستراتيجية التي أطلقتها حكومة العدالة والتنمية منذ عام 2003، العام الذي أطلق فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سياسة "إفريقيا الاستراتيجية"، ومهّد الطريق أمام تركيا لتصبح "عضواً مراقباً" في الاتحاد الإفريقي عامّ 2005، ومن ثم "شريكاً استراتيجياً" عام 2008.

وعلى عكس العلاقات غير المتكافئة مع الدول الاستعمارية سابقاً مثل فرنسا والبرتغال وألمانيا، فضلاً عن القوى الاقتصادية الصاعدة مثل الصين التي تستهدف إيقاعها في "فخ الديون" والاستحواذ على مقدراتها، حظيت العلاقات مع تركيا بثقة كبيرة من الدول الإفريقية، إذ يجد الأفارقة في تركيا الشريك الموثوق الذي يحترم تطلعاتهم التنموية وسيادتهم الحرة من أي توصيات أجنبية.

حصاد العام

خلال العقدين الماضيين لعبت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى دوراً مهمّاً في الحفاظ على سياسة الشراكة التركية-الإفريقية. فيما احتلّ الرئيس أردوغان المرتبة الأولى بين القادة الذين زاروا إفريقيا بـ53 زيارة خلال فترة رئاسته للوزراء ورئاسته، تخللها توقيع عديد من المشاريع المشتركة لتعزيز العلاقات التاريخية.

وفي 20 فبراير/شباط الماضي زار الرئيس رسمياً جمهورية الكونغو الديمقراطية بدعوة من الرئيس فيليكس تشيسكيدي، كما حضر أردوغان، الذي ذهب إلى السنغال في الفترة 21-22 فبراير بدعوة من الرئيس السنغالي ماكي سال، افتتاح ملعب السنغال الذي بنته شركة تركية ومبنى سفارة داكار.

وعلى الرغم من إلغاء زيارة أردوغان لغينيا بيساو، المحطة الثالثة في جولته في غرب إفريقيا، بسبب مشاركته في قمة قادة الناتو، فإنه التقى رئيس غينيا بيساو أومارو سيسوكو إمبالو في السنغال.

وعلى هامش مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي الذي عُقد في مارس/آذار، التقى أردوغان رئيس غينيا بيساو إمبالو، ورئيس سيراليون جوليوس مادا بيو، ورئيس ليبيريا جورج وياه. وشارك في المنتدى في أنطاليا 27 وزيراً من القارة الإفريقية.

في سياق متصل استضافت تركيا عديداً من القادة الأفارقة هذا العام، إذ استقبل أردوغان 5 قادة أفارقة، إضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، كما أجرى مباحثات هاتفية مع آخرين من بينهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، والرئيس التونسي قيس سعيد، والرئيس السنغالي ماكي سال، ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله، والرئيس النيجيري محمد بخاري، ورئيس توغو فوري أسوزيمنا جناسينغبي.

وعلى الصعيد الوزاري، زار وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو بنين والسنغال وغانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2022. وحضر جاوش أوغلو منتدى داكار الدولي الثامن للسلام والأمن في إفريقيا الذي عُقد في داكار في 25 أكتوبر/تشرين الأول.

كما التقت السيدة الأولى أمينة أردوغان سفراء الدول الإفريقية في أنقرة وأزواجهم وأعضاء بيت الثقافة الإفريقية في برنامج بيت إفريقيا الذي أقيم في المجمع الرئاسي في 6 ديسمبر/كانون الأول، كجزء من اليوم العالمي للتطوع.

تمثيل دبلوماسي واسع

تشكل أنشطة تركيا الهادفة إلى تحسين علاقاتها وتعاونها مع القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة واحداً من المبادئ الأساسية الهامة لسياستها الخارجية متعددة الأبعاد، التي تبلورت أبعادها عام 1998 ضمن خطة انفتاح تركيا على إفريقيا.

وتهدف أنقرة إلى زيادة عدد السفارات في القارة إلى 50 في السنوات المقبلة. ومع افتتاح مكتب تمثيلي جديد في بيساو عام 2022، ارتفع عدد السفارات التركية في القارة، الذي كان 12 عام 2002، إلى 44 سفارة، وفقاً للأناضول.

وبعد أن كان عدد السفارات الإفريقية في أنقرة 10 في بداية عام 2008، ارتفع إلى 38 في ديسمبر/كانون الأول الجاري مع افتتاح السفارة السنغالية بمشاركة وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو.

وعلى هامش القمة التي عقدتها إدارة الاتصالات برئاسة الجمهورية التركية تحت اسم "قمة تركيا وإفريقيا للإعلام" بمناسبة يوم إفريقيا في 25 مايو/أيار، حضر القمة نحو 80 صحفياً ووفود دبلوماسية من 45 دولة إفريقية.

حضور تركي متنامٍ

على مدار العقدين المنصرمين حثّت أنقرة الخطى من أجل تعزيز العلاقات في شتى المجالات مع الدول الإفريقية، وزار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال هذه الفترة أكثر من 30 دولة إفريقية، ليصبح بذلك أكثر الرؤساء زيارة للقارة الإفريقية.

وانتهجت أنقرة استراتيجية طويلة الأمد لتطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية، إذ سخّرَت شركة الخطوط الجوية التركية من أجل التوسع نحو القارة الإفريقية من خلال الربط بين تركيا ودول القارة الإفريقية عبر 50 مساراً جوياً مختلفاً، الأمر الذي ساهم في ارتفاع قيمة التجارة بين الطرفين إلى نحو 26 مليار دولار بنهاية عام 2020 من أصل 5.4 مليار دولار عام 2003، خُطّط لرفعها إلى 50 مليار دولار قريباً، في وقت يبلغ فيه حجم الاستثمارات التركية بإفريقيا 6 مليارات دولار حتى 2020.

من ناحية أخرى تحظى الصناعات الدفاعية التركية بشعبية وموثوقية كبيرة بين حكومات القارة السمراء، تَمخَّض عنها توقيع كل من المغرب وتونس والجزائر وكينيا والصومال وإثيوبيا، بالإضافة إلى مالي ورواندا، صفقات لشراء الأسلحة التركية، على رأسها المسيَّرات ذائعة الصيت بيرقدار تي بي 2.

TRT عربي