يواصل الرئيس رجب طيب أردوغان نشاطه الدبلوماسي المكثف لإيجاد حلول للمشكلات الإقليمية والعالمية (AA)
تابعنا

انطلاقاً من الرؤية التي وضعها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك على صعيد السياسة الخارجية، والهدف الذي حدّده في مقولته "سلام في الوطن، سلام في العالم"، استكملت حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة طوال العقدين الماضيين هذه السياسة تحت شعار "العالم أكبر من خمسة"، التي سارت عليها الخارجية التركية في العمل على تثبيت السلم في الإقليم والعالم.

ومنذ اندلاع الحرب الأوكرانية قبل أشهر، وفي ظل انشغال الغرب بفرض عقوبات قاسية على روسيا رداً على هجومها على أوكرانيا، بدأت أنقرة حراكاً نشطاً ومستمرّاً للتوسط بين موسكو وكييف لإنهاء الحرب وإحلال الأمن والسلام في منطقة البحر الأسود، بالإضافة إلى إيجاد حلول لأزمة الغذاء التي تهدد باجتياح العالم جراء أزمة الحبوب العالقة بالمواني الأوكرانية.

حراك دبلوماسي مكثف

نشط الرئيس أردوغان دبلوماسياً بكثافة بسبب طلب السويد وفنلندا عضوية الناتو، وجدول أعمال قمة قادة الناتو التي عُقدت في العاصمة الإسبانية مدريد، نهاية الشهر الماضي.

وفي نطاق القمة الثلاثية، وبعد اجتماع استمر 3 ساعات بين الرئيس أردوغان والرئيس الفنلندي ورئيسة الوزراء السويدية والأمين العامّ لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، وُقّعت مذكرة ثلاثية حصلت تركيا من خلالها على جميع ما تريد، بعد إعلان البلدين استعدادهما للعمل مع تركيا وإخراج جميع الإرهابيين وعدم تقديم المساعدة أو الدعم لهم. وهو الإنجاز الذي دفع كبرى الصحف العالمية للكتابة أن تركيا حقّقَت مكاسب كبيرة، وأنها "حصلت على ما تريد"، وأن "رجب طيب أردوغان يعود إلى الوطن منتصراً".

كما التقى الرئيس أردوغان الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الوزراء النمساوي كارل نهامر ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل ورئيس الوزراء الهولندي مارك روت وروماني، وعقد مع الرئيس كلاوس فيرنر يوهانيس اجتماعاً ثنائياً.

زيارات واتفاقيات

بعد عودته إلى تركيا عقب قمة الناتو في مدريد، لم يقطع الرئيس أردوغان حركته الدبلوماسية، فقد استضاف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة الثلاثاء الماضي. وترأس الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء الإيطالي دراغي جلسة القمة الحكومية الدولية بين تركيا وإيطاليا.

وبعد الجلسة وُقّعت 9 اتفاقيات بين تركيا وإيطاليا في مجالات مختلفة، أبرزها مجال الصناعات الدفاعية وإدارة الكوارث والطوارئ، بالإضافة إلى مجالات التنمية المستدامة والعلوم والتكنولوجيا.

كما التقى الرئيس أردوغان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الذي كان أيضاً في زيارة رسمية لتركيا، أمس الأربعاء، وخلال الاجتماعات الثنائية نوقشت العلاقات الثنائية، ووُقّعت "اتفاقية دعم المنحة العينية". وقال الرئيس أردوغان في المؤتمر الصحفي المشترك مع محمود: "بصفتنا تركيا، نسعى جاهدين لزيادة تعاوننا مع جميع أشقائنا في إفريقيا على أساس الشراكة المتكافئة والمربحة للجميع. نحن مصممون على تطوير والحفاظ على علاقاتنا مع القارة"، وأضاف: "حجم المساعدات الإنسانية والتنموية التي قدمناها للصومال في السنوات العشر الماضية تجاوز حاجز مليار دولار".

الزعيم الثالث الذي يستضيفه الرئيس أردوغان في أنقرة هذا الأسبوع هو رئيس الوزراء الماليزي إسماعيل صبري يعقوب، الذي يزور تركيا رسمياً لمدة 4 أيام، في المجمع الرئاسي اليوم الخميس. وستُتبادَل خلال الاجتماعات وجهات النظر حول تطوير العلاقات الواسعة والشاملة والوثيقة بين البلدين وتعزيز العلاقات الاقتصادية، فضلاً عن تعزيز التعاون في صناعة الطيران والفضاء.

مفاتيح حل أزمة الغذاء بيد أنقرة

إلى جانب موقعها الجيوسياسي المميز الذي يجعل منها جسراً بين الشرق والغرب، تحظى تركيا بشراكات استراتيجية مع جميع الأطراف، بدءاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مروراً بالصين والبلقان ودول الشرق الأوسط، ووصولاً إلى روسيا وأوكرانيا ودول شرق أوروبا.

كما أن علاقات الصداقة القوية التي تربط بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزعماء العالم، تتيح للرئيس وطاقم حكومته العمل الفعَّال والنشط لعرض خدماتهم والتوسط من أجل حل المشكلات والأزمات. لهذا تمتلك أنقرة مفاتيح حل عديد من الملفات الحساسة في منطقتها، والعالم أجمع.

وبالعودة إلى الدور التركي، توصلت أنقرة إلى اتفاق لنقل السفن المحملة بالحبوب المنتظرة في المواني الأوكرانية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية إلى الدول المحتاجة عبر الممر الآمن الذي سيُدشَّن في البحر الأسود، تتواصل المفاوضات مع الوفدين الأوكراني والروسي بوساطة تركيا، بعد احتضانها لعدة اجتماعات حضرها الجانب الروسي والأوكراني إضافة إلى الأممم المتحدة.

وفي 13 يوليو/تموز الجاري، استضافت مدينة إسطنبول اجتماعاً عسكرياً بمشاركة مسؤولين من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، لمناقشة نقل الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية.

وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أقار، أن المجتمعين اتفقوا على إنشاء مركز تنسيق في ولاية إسطنبول يضم ممثلي الأطراف المعنية.

وتعاني الكثير من بلدان العالم من أزمة حبوب، نتيجة عدم تمكّن سفن الشحن من مغادرة الموانئ الأوكرانية، بسبب الحرب المندلعة منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

TRT عربي