عملبات نقل الجرحى من محيط السفارة العراقية في بيروت وسط آثار التفجير والركام والدمار (Yusef al-Qutob)
تابعنا

في 15 ديسمبر/كانون الأوّل عام 1981، نفّذ انتحاري هجوماً بواسطة سيارة مفخخة استهدفت السفارة العراقية في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث اقتحمت السيارة محمّلةً بالمتفجرات المقرّ الدبلوماسي لتنفجر بكامل حمولتها وسط المبنى.

ورغم بشاعة الحادث، الذي تسبب في مصرع ما يزيد على 60 شخصاً وإصابة نحو 110 آخرين، غير أنّ التحقيقات التي أجرتها السلطات اللبنانية لم تُعلِن هوية منفّذي الهجوم سوى في مارس/آذار من العام الجاري.

اغتيالات وتهديد مستمر

وتزامن الحادث مع مرور ما يزيد على عام على اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية، وكانت إيران وحلفاؤها في المنطقة يحاولون فتح جبهات متعدّدة ضد العراق لإضعافه وتحجيمه.

وتسبّب ذلك في تحويل حياة العراقيين خارج بلادهم، لا سيّما الدبلوماسيين، إلى جحيم جرّاء وقوعهم عرضةً للاستهداف وهدفاً مستساغاً لكلّ مَن ناصب العداء لبغداد.

وقبل حادث التفجير، كان الملحق الدبلوماسي في السفارة العراقية في بيروت محمد علي خضير عباس، ومرافقه الموظف في السفارة كمال عباس صايل، اغتيلا في منطقة الحمرا غرب العاصمة بيروت في فبراير/شباط عام 1981، أي قبل نحو 10 أشهر من حادث تفجير السفارة.

كما اغتيل عشام معيوف بحر، الذي عمل موظفاً في السفارة العراقية ذاتها، وذلك أثناء عودته من مطار بيروت، فيما قُيّد الحادث ضد مجهول. وتلى ذلك أحداث عنف واغتيالات متتالية بحق مسؤولين بحزب البعث العراقي ودبلوماسيين يمثّلون بغداد.

بعض الصحف العربية تتناول خبر تفجير السفارة العراقية في العاصمة اللبنانية بيروت (twitter)

التفجير الانتحاري الثاني بالعصر الحديث

في نحو منتصف ظهر يوم 15 ديسمبر/كانون الأوّل 1981، نفّذ انتحاري يُدعى "أبو مريم" هجوماً عبر سيارة مليئة بنحو 100 كيلوغرام من المتفجّرات، اقتحم بها مبنى السفارة العراقية في لبنان.

وأدّى الهجوم إلى تدمير مبنى السفارة كُليّةً، كما أودى بحياة 61 دبلوماسياً وموظفاً عراقياً بينهم سفير العراق لدى لبنان عبد الرزاق لفتة، فضلاً عن عدد من المراجعين اللبنانيين الذين كانوا في مبنى السفارة لحظة وقوع الحادث، إضافة إلى إصابة ما يزيد عن مئة شخص آخرين.

كما قُتِلَت في الهجوم ذاته بلقيس الراوي زوجة الشاعر السوري نزار قباني، والّتي كانت تعمل بالقسم الثقافي بالسفارة، بجانب الصحفي حارث طاقة، الذي كان قد باشر عمله قبل بضعة أشهر من الحادثة كمستشار صحفي وإعلامي بالمقرّ الدبلوماسي.

ويعتبر مراقبون هذا الهجوم الانتحاري الذي استهدف السفارة العراقية في بيروت، كونه ثاني تفجير انتحاري في العصر الحديث، حيث يسبقه تفجيرات مدرسة "باث" بولاية ميشيغان الأمريكية عام 1927، فيما تلاه تفجير السفارة الأمريكية في بيروت عام 1983 وكذلك تفجيرات ثكنات بيروت في العام ذاته.

حكم طال انتظاره

عقب الحادث، اتَّهمَت الأوساط الرسمية العراقية حينئذ "حزب الدعوة الشيعي" المناهض لحكومة حزب البعث الحاكمة في بغداد، بتنفيذ العملية الانتحارية بمقر السفارة العراقية، وذلك بادعاء تأثّره بنجاح الثورة الإيرانية عام 1979، وهو ما حفّزه على استخدام العنف بكفاحه ضد الحكومة العراقية عبر تلقّي دعم عسكري ومالي من طهران.

ورغم تأخير دام 40 عاماً، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان حكماً غيابياً في شهر مارس/آذار الماضي، بحق المتّهَمَين بالتفجير الفَارّيْن حسين صالح حرب وسامي محمود الحجي، وهما المتهمان أيضاً ضمن 15 شخصاً بالتحضير لتفجير السفارة الأمريكية في بيروت في أبريل/نيسان 1983.

وقضى الحكم بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبَّدة بحقهما وتجريدهما من حقوقهما المدنية، وإنفاذ مذكرتي التوقيف الغيابيَّتَين الصادرتَين بحقهما، فيما انتقد متابعون تأخّر الحكم القضائي الذي سمح للمتهمين بالفرار من العدالة طيلة 4 عقود.

TRT عربي