من حلم الديمقراطية إلى المواجهة المسلحة.. تَعرَّفْ أبرز محطات الصراع في السودان / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

على مر العقود الماضية عانى السودان من التمردات والانقلابات والصراعات الأهلية والنزاعات الإقليمية، الأحداث التي تسببت في انفصال جنوب السودان عام 2001 وملاحقة الرئيس السابق للبلاد عمر البشير من محكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية، فضلاً عن خسارة أراضٍ لصالح أثيوبيا، لكن انتقال القتال من أطراف الدولة إلى العاصمة الخرطوم يعد سابقة جديرة بالملاحظة، وفق نيويورك تايمز.

ويعتبر انتقال القتال إلى العاصمة ليس الاختلاف الوحيد بالاشتباكات الحالية، بل إن أطراف الصراع مختلفة هذه المرة. إذ يدور القتال الذي دخل يومه الثالث بين طرفين ينتميان نظرياً إلى الحكومة ذاتها، الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد دقلو (حميدتي).

وفي الوقت الذي تدعو فيه الأطراف الداخلية والخارجية لوقف فوري للقتال والانتقال إلى الحوار لتفادي الانزلاق إلى الحرب الأهلية، قالت نقابة الأطباء السودانية في بيان صباح الاثنين إن 97 مدنياً على الأقلّ قُتلوا وأصيب 365 آخرون منذ اندلاع الاشتباكات السبت، مشيرةً إلى أن الحصيلة لا تشمل كل القتلى، لأن كثيراً منهم لم يُنقلوا إلى المستشفيات بسبب صعوبات التنقل.

وفيما يلي أبرز محطات الصراع السياسية والعسكرية في السودان على مدار السنوات الأخيرة:

الحرب الأهلية في جنوب السودان

على مدى عقود، أودى الصراع الدامي بين المقاتلين الانفصاليين في الجنوب والحكومة في الشمال بحياة أكثر من مليونَي شخص، وفقاً لما أوردته نيويورك تايمز.

في نهاية المطاف، تفاوض الطرفان على اتفاق سلام أدى إلى تقسيم البلاد في عام 2011 بعد أن صوت الجنوبيون في استفتاء على أن يصبح جنوب السودان دولة جديدة.

لكن الانفصال لم يجلب السلام والاستقرار للجنوب أبداً، فعلى الرغم من انتهاء النزاع العنيف داخل الحكومة بين أكبر مجموعتين عرقيتين رسمياً عام 2018، فإن أحدث دول في إفريقيا لا تزال هشة، ويواجه الملايين من سكانها أزمات إنسانية ويكافحون من أجل الغذاء.

تمرد دارفور

أسفرت أعمال العنف بدوافع عرقية في دارفور عن مقتل ما يصل إلى 300 ألف شخص منذ 2003، وفق تقدير الأمم المتحدة. ما دفع محكمة الجنايات الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق عمر البشير عام 2009 بعد اتهامه بارتكاب أعمال إبادة جماعية بحق سكان الإقليم.

ورغم إسقاط البشير عام 2019، فإن الهجمات على الأقليات العرقية بالمنطقة لم تتوقف، بل شهدت تصاعداً مرة أخرى العام الماضي، ويرتبط ذلك في جزء منه بالاضطرابات في الحكومة المركزية.

وتجدر الإشارة إلى أن أحد الشخصيات الرئيسية في الصراع الحالي في السودان، الجنرال حميدتي، الذي كان القائد السابق لمجموعات "الجنجويد" التي أوكل البشير إليها مهمة قمع المظاهرات في دارفور. وهي المجموعات التي تحولت بعد الإطاحة بالبشير إلى قوات الدعم السريع، وتقاتل الجيش السوداني حالياً.

نزاع على الأرض مع إثيوبيا

لأكثر من قرن، كان السودان وإثيوبيا على خلاف حول منطقة الفشقة الحدودية الخصبة، حيث يتقاسم المزارعون من كلا البلدين الأرض.

واشتد الخلاف أواخر 2020 بعد أن دفع القتال بمنطقة تيغراي الإثيوبية الجنود الإثيوبيين في الفشقة إلى المغادرة، لتتحرك القوات السودانية للسيطرة على أجزاء من الأراضي المتنازع عليها، وطردت المزارعين الإثيوبيين.

ووقع تبادل للقصف في أنحاء المنطقة المتنازع عليها أسفر عن سقوط قتلى. ورغم انحسار القتال منذ ذلك الحين، فإن الخلاف الأساسي بقي دون حل.

حلم الديمقراطية

في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي بدأت بمدينة عطبرة الشمالية على ارتفاع أسعار الخبز أواخر 2018، دخلت السودان موجة احتجاجات شعبية واسعة انتهت بالإطاحة بحكم البشير في أبريل/نيسان 2019.

وغم إطاحة الجيش بالبشير، منهياً حكمه الذي دام 3 عقود، فإن المتظاهرين واصلوا الاعتصام للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، وفق تقرير مفصل لرويترز تناول التسلسل الزمني للأحداث منذ الإطاحة بالبشير حتى اندلاع الاشتباكات الأخيرة في العاصمة.

بعد مداهمة قوات الأمن للاعتصام أمام مقر الجيش في يونيو/حزيران 2019، وقعت قوى مدنية مؤيدة للانتفاضة في 17 أغسطس/آب اتفاقاً تقاسم سلطة مع الجيش خلال فترة انتقالية تفضي إلى انتخابات. وعُين عبد الله حمدوك الاقتصادي والمسؤول السابق بالأمم المتحدة على رأس الحكومة في وقت لاحق من الشهر.

بعد أسابيع من تبادل الاتهامات بين القوى المدنية والعسكرية ومحاولة انقلاب فاشلة أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حل الحكومة المدنية وغيرها من الهيئات الانتقالية في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، واعتقلت قوات الأمن حمدوك وعدداً من القيادات المدنية في مداهمات.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 خرجت مسيرات حاشدة احتجاجاً على الانقلاب وتعليق معظم الدعم المالي الدولي للسودان، ما دفع القادة العسكريين وحمدوك إلى إعلان اتفاق بإعادة تعيينه رئيساً للوزراء.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، وقعت قوى مدنية جرى تهميشها بسبب الانقلاب على اتفاق إطاري مع الجيش لبدء عملية جديدة للانتقال السياسي مدتها عامان وتعيين حكومة مدنية.

معارك الخرطوم

كان عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) من أبرز القادة الذين حضروا أواخر العام الماضي توقيع "الاتفاق الإطاري" الذي ينص على تدشين مرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون لعامين وتنتهي بإجراء انتخابات.

في 5 أبريل/نيسان الجاري أُجل توقيع الاتفاق النهائي للمرحلة الانتقالية للمرة الثانية وسط خلافات حول ما إذا كان الجيش سيخضع لإشراف مدني وحول خطط دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة. ليخرج الجيش السوداني في 13 أبريل/نيسان 2023 ويقول إن تعبئة قوات الدعم السريع تنطوي على خطر حدوث مواجهة، ما سبب اندلاع اشتباكات مسلحة السبت بين الجانبين في الخرطوم ومدن أخرى.

TRT عربي